القوى الطائفية والعائلية وراء انتخابات مجلس عسفيا
كنت أود أن لا أيقظ الجن الطائفي في بلدي عسفيا ولكن لا بد من تحليل وتقييم نتائج إنتخابات مجلسها المحلي بدل من نغرز رأسنا مثل النعامة في الرمل ونحيي واحد الآخر وكأن هناك فعلا شمس جديدة كانت قد اشرقت علينا صباح 31.10.2018.
الحقيقة الخارقة في سياستنا هو أنه ليس هناك من جديد من وراء التحالفات التي أدت الى نتيجة هذه الأنتخابات وأن التحالفات التي سادت في سنة 1988 و 1993 و 1998 و 2013 ما زالت على حالها. فالتحالفات العائلية كونت المجداف الرئيسي وراء انتخابات العضوية والتحالفات الطائفية سادت وطغت أرادتها على نتيجة إنتخاب رئيس المجلس وذلك في تحالف عضوي بين العائلية والطائفية.
بينما فاز السيد بهيج منصور على حوالي %80 وربما حتى أكثر من أصوات المقترعين من ناخبي الطوائف المسيحية والإسلامية في عسفيا من أصل حوالي 1800 مقترع من هاتان الطائفتان, إذ لم يحصل المرشح اللا عائلي السيد كمال ملاك سوى على حوالي 150 صوت من الليبراليين الأحرار من هاتين الطائفتين إذ حوالي أكثر من %95 من ناخبيه كانوا من الدروز وأقل من %5 من أفراد الطائفتين الأخرتين وباقي الأصوات حاز عليهم السيد وجيه كيوف.
وهنا نعود على نفس النمط الذي خيم على إنتخابات 2013 إذ كان هناك أيضا إستقصاء معتمد طويل المدى وشبه كامل من قبل الطائفتان المسيحية والإسلامية للمرشح اللا عائلي آنذاك السيد جهاد قبلان.
هذا التوزيع للأصوات غير طبيعي وغير عادي ويتطلب منا معرفة ماذا حدث وماذا يحدث وراء الكواليس. ما نستنتجه من هذا التوزيع هو أن دروز عسفيا والذين يشكلون حوالي %65-70 من سكان هذا البلد فقدوا السيطرة على تحديد هوية رئيس المجلس والطوائف الأقلية أصبحت القوة التي ترجح كفة الميزان من الجولة الأولى بينما شكل الرئيس السابق السيد وجيه كيوف الحصان الطروادي الذي منح السيد بهيج عبور خط الحسم الذي وهو %40 من الأصوات والفوز بالانتخابات في الجولة الأولى. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا النمط طويل المدى, ولماذا هذا التنسيق الداخلي بين عائلات هاتان الطائفتان حول هذا التحالف مع المرشح العائلي التقليدي؟
ولكن رغم هذه النتيجة نحن نعود ونقول بأننا ديمقراطيين وأننا نتقبل حكم الناخب ونتقبل السيد بهيج كرئيس مجلس لجميعنا بغض النظر عن انتماءنا الطائفي ولكن يجب أن نضع النقاط على الحروف بأن تعيين موظفين كبار غير مؤهلين أو غير مرغوب بهم كما حدث في الماضي في وظيفة المحاسبة أو مهندسة البلد سوف يزيد من التفاقم الطائفي وهذا ليس من مصلحتنا جميعا ولا في مصلحة أي رئيس مجلس. وأخيرا كلي أمل بأن الرئيس المنتخب سوف يعمل لمصلحة البلد بأكملها وأملنا الأكبر في أعضاء المجلس الواعين للمصلحة العامة.