بتنا نعيش في مخاض القيامة فهنيئا لمن تيقظ وأحرز نفسه وأهله

" فمن شجرة التين تعلّموا المثل متى صار غصنها رخصا وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف قريب" (الإنجيل المقدس) .موجز لما سيحدث قبل مجيء المسيح المنتظر عند الأمم قاطبة ووقوع يوم القيامة.

20.09.2018 מאת: منير فرّو
بتنا نعيش في مخاض القيامة فهنيئا لمن تيقظ وأحرز نفسه وأهله

المخاض معناه الم الولادة، تحسه وتعانيه الأم وقت الولادة. فالأم قبل ولادة وليدها الذي انتظرته تسعة اشهر في داخل أحشائها، راقبت نشوه وحركاته بأحاسيسها وارتقبته لحظة بلحظة، تشعر بألم يسمى "الم المخاض"، وهي المراحل التي تخوضها ألامرأة قبل الولادة، حيث تشعر بألم كثير، ولكن عندما ترى ألام وليدها بتقدير الحكيم، تنسى كل هذه الأوجاع والاضطرابات، وتسعد بقرور عينها بابنها، فلذة كبدها، وروح حياتها، وأمومتها التي شرّف الله بها المرأة دون الرجل، وخصها بإنتاج المواليد، الذكر منها والأنثى، الأنبياء والحكماء والفلاسفة النبلاء والعظماء.

فكما انه من الصعوبة تحديد الفترة التي يبدأ فيها المخاض بالظهور، كذلك القيامة لا يمكن تحديدها لتسلسل الأحداث ما قبلها، كالحال بالنسبة إلى التسلسل الدقيق للأحداث المصاحبة للمخاض، غير أن هناك فترة تسبق المخاض ،  فالتقلصات التي تحدث خلال المرحلة التي تسبق المخاض ربما تدفع إلى الاعتقاد بأنها مرحلة المخاض، وإذا لم تكن منتظمة أيضاً ، فربما تكون حالة من حالات المخاض الكاذب ، إما إذا كانت التقلصات تتم بشكل دائم ، وتواصلت لمدة تزيد على ساعة واحدة فتكون هي بالفعل مرحلة المخاض.

فمخاض يوم القيامة، معناه الضيق التي ستشهده البشرية قبل القيامة بمدة غير معلومة عند الناس، ويمكن أن تجري أحداث مشابه لما تنبأت عليه الأديان عن علامات يوم القيامة، ولكنها ليست هي العلامات الحقيقية لهذا اليوم، لأنها لا تكون منتظمة وفق ما جاء في الكتب، كالمخاض الكاذب عند ألامرأة الذي يكون غير منتظم، لذلك نسمع كثيرا لمن يريد تجاهل يوم القيامة : "آبائنا وأجدادنا وأجداد أجدادنا قالوا القيامة قريبة وها هم قابعون تحت التراب"، وهذا القول دليل على الغفلة وتفضيل الدنيا عن الآخرة، وجهلا للقيامة التي هي في غامض علم الله، وتأجيل القيامة تسمى بالمهلة أو فترة الامتحان التي منحها  الله لخلقه لتصحيح فساد الأعمال وتقديم التوبة والندم والاستغفار وامتحانهم بعقائدهم فهنيئا لمن تيقظ وأحرز نفسه وأهله .

يوم القيامة أو اليوم الآخر أو يوم الحساب، حسب ما أنبأت عنه الرسالات السماوية  التوراة والإنجيل والقرآن، وما أنزله الله من قبل، من صحف آدم وشئت ونوح وإبراهيم عليهم السلام ، وهو نهاية العالم والحياة الدنيا ، وهو موعد الحساب عند الله أي جزاء المؤمنين الموحدين بالجنة والكفار والمشركين بالنار، ويسمى بيوم القيامة لقيام الأموات فيه من موتهم، أي بعثهم وذلك لحسابهم وجزائهم.

في التوراة يوم القيامة هو يوم الرب ويوم الدين  يوم الحساب أو آخر الأيام (יום הדין, אחרית הימים) ، ويوم الرب وقت الدينونة، ويشار به إلى الأزمنة الأخيرة. وهو اليوم الذي يعلن فيه يهوه ذاته ويدين الشر ويكمل عمل الفداء. وهو اليوم الذي سينتصر فيه يهوه على جميع أعدائه ويخلص شعبه من كل ضيق ويوم الرب هو يوم الدينونة الأخير العام. وسيكون ذعراً على الأشرار، وبرداً وسلاماً على الأبرار، إذ به يأخذ الله الملك بيده.

وعند المسيحيين هو يوم المسيح، يوم مجيئه بمجد الآب. هو يوم الغضب. يوم الدين أو الدينونة ، اليوم العظيم. ويدعى أيضاً "ذلك اليوم" ، أو "اليوم" ، و "يوم ربنا يسوع المسيح"،وسيحل اليوم الرب عند مجيء يسوع المسيح للدينونة وسيكون ذلك بصورة فجائية مباغتة، وفي ذلك اليوم ستنحل العناصر جميعها وتذوب. ويقوم الأموات أما لقيامة الحياة أو لقيامة الدينونة. والراقدون في المسيح سوف يسبقون الجميع  وستتغير الأرض قبل كل شيء  وسيقدم جميع الناس حساباً عن أعمالهم. ولولا هذا الحساب لما عرف الناس معنى المسؤولية في هذا العالم.

وفي القرآن يوم القيامة والبعث، يوم تبعث فيه الأموات من القبور وتقف الخلائق بين يدي الجبار للمحاسبة على الأعمال من خيرها وشرها، "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم "، " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار"، وقد ورد في القرآن عدة أسماء للقيامة وهي: يوم القيامة: أي يقوم الناس للجزاء والحساب من قبل رب العالمين. قال تعالى: " الله لا اله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه". اليوم الآخر: إي اليوم الذي لا يوم بعده إلا الجنة أو النار. قال تعالى: " ذلك يوعظ من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر". السّاعة : سميت بالساعة لأنها تأتي بغتة في ساعة. قال تعالى : " وان الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل".  يوم البعث: أي إحياء الله تعالى للموتى. قال تعالى : " يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب". يوم الخروج : أي خروج العباد من قبورهم لحظة النفخ في الصور. قال تعالى: " يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج".  القارعة : سميت بذلك لأنها تقرع القلوب بأهوالها وشدائدها قال تعالى :" القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة".  يوم الفصل : لأن الله يفصل فيه بين العباد فيأخذ للظالم من المظلوم ويرد الحق فيه إلى أهله من الحسنات أو السيئات. قال تعالى: " هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون". يوم الدين: يوم الجزاء و الحساب من الله سبحانه للعباد. قال تعالى : " وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين". الصاخة : أي التي تورث الصمم. قال تعالى: " فإذا جاءت الصاخة". الطامة الكبرى : لأنها تطم (تغلب) كل أمر هائل مفظع. قال تعالى: " فإذا جاءت الطامة الكبرى". يوم الحسرة : لشدة تحسر الناس وندمهم. قال تعالى: " وانذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة". الغاشية : لغشيان النار للكفار و فزعهم منها. قال تعالى : " يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم". يوم الخلود : لخلود الناس إلى جنة أبدا أو نارا أبدا. قال تعالى : " ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود". يوم الحساب : لمحاسبة الله لعباده. قال تعالى : " إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب". الواقعة : قال ابن كثير: " سميت لتحقق كونها ووجودها". قال تعالى: " إذا وقعت الواقعة". يوم الوعيد: اليوم الذي وعد الله به عباده للمحاسبة. قال تعالى: " ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد". يوم الآزفة : أي اليوم القريب حدوثه. قال تعالى : وانذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين". يوم الجمع : يوم جمع الناس والمخلوقات جميعا في يوم واحد. قال تعالى: " لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه". الحاقة : أي يحق فيها لقوم النار ولقوم الجنة. قال تعالى: " الحاقة ما الحاقة". يوم التلاق : يلتقي أهل الأرض والسماء والخالق والمخلوق والظالم والمظلوم. قال تعالى : " رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق".  يوم التناد : لكثرة نداء أصحاب الجنة لأصحاب النار والأم لابنها والأب لأبنه وهكذا قال تعالى: " ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد".  يوم التغابن : لأن أهل الجنة يغبنون أهل النار ويرثون نصيبهم من الجنة قال تعالى: " يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن".

جميع أصحاب الرسالات تؤمن أن يوم القيامة له علامات تسبق حدوثه وتدل على قرب حصولها وتسمى بأشراط يوم الساعة أو علامات يوم القيامة، وفي الإسلام لقرب البشرية بمجيئه من الوعد والوعيد، لكونه آخر الأديان، تقسم إلى علامات صغرى وعلامات كبرى، وهذه العلامات تأتي متتابعة ولا يعرف أحد الوقت الذي بينها.

هناك من العلامات ما تحقق مثل :  علو الباطل واضطهاد الحق. تطاول الناس في البنيان. كثرة الهرج (القتل) حتى أنه لا يدري القاتل لما قتل والمقتول فيما قتل. انتشار الزنى. انتشار الربا. انتشار الخمور. ضياع الأمانة ، ومن مظاهر تضييع الأمانة إسناد أمور الناس إلى غير أهلها القادرين على تسييرها . قبض العلم وظهور الجهل، ويكون قبض العلم بقبض العلماء. كثرة الزلازل.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: سيكون أخر الزمان خسف ومسخ وقذف قالوا ومتى يا رسول الله ؟ إذا ظهرت المعازف والقينات وشربت الخمور. ظهور الكاسيات العاريات . كثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق . كثرة النساء أي ظهورهن وانكشافهن على الرجال. تقارب الأسواق أي كسادها وقلة أرباحها. اماتة الصلاة وإضاعتها بالغيبة والنميمة واكل الربا والحرام وهي الحالقة للدين لا للشعر. غاض الكرام غيضا أي انعزل الكرام عن الناس حتى يتجنبوا الفتنة. المطر قيضا أي يأتي متأخرا في وقت القيض ويقوض المزروعات ويخربها. العرفاء ظلمة مفرد عريف وهم الشرطة.القراء فسقة أي القراء لا يعملون بقوله تعالى. وسلم للعرفة أي الفتاحين والمنجمين. خروج نار من الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى (الشام). حفر الأنفاق بمكة وعلو بنيانها كعلو الجبال. تقارب الزمان. (صارت السنة كشهر والشهر كأسبوع والأسبوع كيوم واليوم كالساعة والساعة كحرق السعفه) كثرة الأموال وإعانة الزوجة زوجها بالمعاش. ظهور موت الفجأة. أن ينقلب الناس وتبدل المفاهيم.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: سيأتي على الناس سنون خداعات. يصدق الكاذب ويكذب الصادق ويخون الأمين ويؤمَن الخائن وينطق الرويبظة والرويبظة هو الرجل التافه يتكلم في أمر العامة". كثرة العقوق وقطع الأرحام. فعل الفواحش (الزنى) بالشوارع حتى أن أفضلهم ديناً يقول لو واريتها وراء الحائط. ولادة الأمة لربتها ولعل هنا استئجار رحم الخادمة لتلد لربتها فتصبح الآمة أما لربتها. والعلامات كثيرة.

وأما العلامات الكبرى فهي عشر علامات : الدجال وهو الشخصية الكاذبة التي تدعي الإلوهية لتضل الناس ، ونزول عيسى بن مريم (مجيء المسيح الثاني عند المسيحيين للقضاء بين الأحياء والأموات وكشف رموزات وأمثال الإنجيل التي تكلم بها يسوع –ع-)  ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاث خسوفات : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، والدخان ، وطلوع الشمس من مغربها ، والدابة في جبل قبيس بمكة وظهورها عندما يُأمر بمنكر ويُنهى عن معروف ، والنار التي تسوق الناس إلى محشرهم ، وهذه العلامات يكون خروجها متتابعا ، فإذا ظهرت أولى هذه العلامات فإن الأخرى على إثرها والله أعلم .

وقال بعضهم:  إذا كان آخر الزمان، تظهر خصال بعد خصال وعجائب بعد عجائب، يتركون الصلاة، ويمنعون الصدقات، ويتبعون الشهوات، وتكثر فيهم المنكرات، وتكثر الخيانات، ويتفاخرون بشتم الآباء والأمهات، يرفعون أصواتهم في المساجد بالحِكـَم والحكومات، ويطففون ويتكبرون على الفقراء والضعفاء بالنقمات، فهنالك تقل الحسنات وتكثر السيئات، ويُعصَ ربُّ الأرض والسموات، وهنالك تصير السنة كالشهر والشهر كالأسبوع والأسبوع كاليوم واليوم كالساعة والساعة لا قيمة لها، ويفشى الزنا، ويؤكل الربا، ويقل الحياء، ويُستحقــَر بالعلماء، وتجور السلاطين، وتكثر الفراعين، ويُكرَّم اللئيم، ويُهان الحليم، فلا يوجد في ذلك الزمان إلا إمام جائر وعالم فاجر وشباب فاسق وشيخ عاص.

وتظهر أقوام وجوههم وجوه الآدميين وكلامهم كلام النبيين، وقلوبهم قلوب الشياطين، يعدون على الحرام كالذئاب الضواري، إن بايعتهم غلبوك، وإن أمنتهم خانوك، وإن حدثتهم كذبوك، وإن غبت عنهم اغتابوك. الفاسق بينهم كالشريف، والمؤمن بينهم كالضعيف.

 وأيضا قيل: انه سيأتي على الناس زمان لا ينجو فيه ذوي الدين إلا من ظنوا انه أبله وصبَّر نفسه على أن يقال أنه أبله لا عقل له .  وسيأتي على الناس زمان، همهم بطونهم، وشرفهم متاعهم، وقبلتهم نساؤهم ودينهم دراهمهم ودنانيرهم لا بالقليل يقنعون ولا بالكثير يشبعون، أولئك شر الخلق لا خلاف لهم عند الله. وسيأتي زمان يُختبـَر منه الرجل بين العجز  والفجور فمن أدرك ذلك الزمان فليتخذ العجز عن الفجور. وسيأتي على الناس زمان هم ذئاب فمن لم يكن ذئبا أكلته الذئاب، فإذا لبس الناس جلود الضأن على قلوب الذئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف وأمرُّ من الصبر، وكلامهم أحلى من العسل وقلوبهم أمرُّ من الحنظل. ما من يوم إلا يقول المولى سبحانه وتعالى : " أمني تفرون أم علي تتجرؤون؟ أفحسبتم إنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون".

وقيل : سيأتي أقوام يأكلون طيب الطعام وألوانها، ويركبون الدواب ويتزينون بزينة المرأة لزوجها، ويتبرجون تبرج النساء، وزيهم مثل زي ملوك جبابرة، هم منافقو آخر الزمان، شاربو القهوات لاعبون بالكعاب راكبون للشهوات، تاركون للجماعات، راقدون عن العتمات، مفرطون بالغداوات، مَثلهُم كمثل الدفلى، زهرتها حسنة وطعمها مرُّ، كلامهم الحكمة، وأعمالهم داء لا يقبل الدواء. اللهم أجرنا من فتنة هذا الزمان برحمتك يا ارحم الراحمين .

جميع الرسالات أنبأت عن مجيء المخلص المسيح والمهدي المنتظر، فاليهودية ما زالت منذ 3500 سنة ينتظرون المسيح (المسيا) من سلالة  داوود، المسيحيون يعتقدون بأن المسيح الذي بشرت به أسفار التوراة هو يسوع عيسى بن مريم عليه السلام، الذي ظهر في الإنجيل وتكلم بالأمثال وألم وصلب ودفن وقام في اليوم الثالث وارتفع إلى السماء ليجلس إلى يمين الرب ليعود في آخر الزمان ويكشف الأمثال التي ضربها ويكشف مكنونات العالم منذ التأسيس ويقضي بين الأحياء والأموات الأخيار والأشرار، وأيضا الإسلام بشر بعودة المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ويقتل الدجال ويملأ الأرض عدلا وقسطا ويضع الجزية، فالأديان تصطلح على أن المسيح المنتظر هو يسوع عيسى بن مريم عليه السلام ،  لذلك جاء في انجيل متى  : 

وبينما كان يسوع جالسا على جبل الزيتون، تقدم إليه التلاميذ على انفراد و قالوا له:
 " أخبرنا متى يحدث هذا. و ما هي علامة رجوعك وانتهاء الزمان ؟
 " فأجاب يسوع انتبهوا ! لا يضللكم أحد ! فان كثيرين سيأتون باسمي قائلين إني أنا هو المسيح، فيضللون كثيرين.
 وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب. فإياكم أن ترتعبوا ! فلا بد أن يحدث هذا كله، ولكن ليست النهاية بعد.
  فسوف تنقلب أمة على أمة، ومملكة على مملكة وتحدث مجاعات و زلازل في عدة أماكن. ولكن هذه كلها ليست إلا أول المخاض .
 عندئذ يسلمكم الناس إلى العذاب ، و يقتلونكم ، و تكونون مكروهين لدى جميع الأمم من أجل اسمي ،
 فيرتد كثيرون و يسلمون بعضهم بعضا و يبغضون بعضهم بعضا،
 ويظهر كثيرون من الأنبياء الدجالين و يضللون كثيرين.
 واذ يعم الإثم، تبرد المحبة لدى الكثيرين . ولكن الذي يثبت حتى النهاية، فهو يخلص .
 فسوف ينادى ببشارة الملكوت هذه في العالم كله ، شهادة لي لدى الأمم جميعا.
 وبعد ذلك تأتي النهاية .
 و ستظهر علامات في الشمس والقمر و النجوم، 
وتكون على الأرض ضيقة على الأمم الواقعة  في حيرة ،
 لأن البحر والأمواج تعج و تجيش، ويغمى على الناس من الرعب و من توقع ما سوف يجتاح المسكونة، اذ تتزعزع قوات السماوات . و المرضعات في تلك الأيام ! 
فصلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء أو في سبت،
 فسوف تحدث عندئذ ضيقة عظيمة لم يحدث مثلها منذ بدء العالم إلى الآن ، ولن يحدث . ولولا أن تلك الأيام ستختصر , لما كان أحد من البشر ينجو . و لكن من أجل المختارين ستختصر تلك الأيام .
 فان قال لكم أحد عندئذ ، ها ان المسيح هنا، أو هناك، فلا تصدقوا ! فسوف يبرز أكثر من مسيح دجال و نبي دجال، و يقدمون آيات عظيمة وأعاجيب، ليضللوا حتى المختارين، لو استطاعوا .
 ها أنا قد أخبرتكم بالأمر قبل حدوثه . فإذا قال لكم الناس : ها هو المسيح في البرية ! فلا تخرجوا إليها , أو : ها هو في الغرف الداخلية ! فلا تصدقوا.
 وحالا بعد الضيقة في تلك الأيام، تظلم الشمس، و يحجب القمر ضوءه، وتتهاوى النجوم من السماء ، وتتزعزع قوات السماوات .
 و عندئذ تظهر آية ابن الإنسان في السماء ، فتنتحب قبائل الأرض كلها ، و يرون ابن الإنسان آتيا على سحب السماء بقدرة و مجد عظيم. و يرسل ملائكته بصوت بوق عظيم ليجمعوا مختاريه من الجهات الأربع، من أقاصي السماوات إلى أقاصيها.
فمن شجرة التين تعلّموا المثل متى صار غصنها رخصا وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف قريب .
هكذا انتم أيضا متى رأيتم هذا كله فاعلموا انه قريب على الأبواب .
الحق اقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله .
السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول .
وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا ملائكة السموات إلا أبي وحده .

فهذا موجز لما سيحدث قبل مجيء المسيح المنتظر عند الأمم قاطبة ووقوع يوم القيامة وقد شبه السيد المسيح –ع- بالأحداث ما قبل القيامة بالمخاض بقوله : " وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب. فإياكم أن ترتعبوا ! فلا بد أن يحدث هذا كله، ولكن ليست النهاية بعد.  فسوف تنقلب أمة على أمة، ومملكة على مملكة وتحدث مجاعات و زلازل في عدة أماكن. ولكن هذه كلها ليست إلا أول المخاض " 

لقد قيل: يوم القيامة يقدر بـ 50 ألف عام لشدة أهواله وصواعقه، فهو مخاض كوني يحمل آلاما عظيمة، كما قال تعالى : " يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى ولكن عذاب الله شديد".

ويوم القيامة  لم يطلع الله تعالى عليه أحدا من خلقه، لا من انس ولا من جان، لأنه جل وعلا هو المتفرد بها، الممتحن لعباده، الممهل لهم على الطاعة والمعصية لأوامره، الذي يقضي بالعدل بقوله : " إن الساعة آتية أكاد أخفيها "، وأيضا : " هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون "، وكما جاء على لسان يسوع المسيح –ع- في الإنجيل المقدس : " وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد، ولا الملائكة الذين في السماء، ولا الابن إلا الأب وحده"، والأب هنا في المفهوم المسيحي هو الله، والابن هو يسوع، وإضافة الابن إلى الأب كإضافة العبد إلى المعبود، وهي تعابير مجازية تحمل معان روحية، تدل على منزلة يسوع المسيح –ع-، الروح القدس، الذي انزل الله من السماء ثم آماته ثم أحياه ثم رفعه الله إليه ليبقى حيا، ثم يعود وينزل من السماء مرة أخرى ليملأ الأرض عدلا وقسطا بعد أن تكون قد ملئت جورا وظلما.
 وهذا اليوم الذي يأتي به المسيح هو يوم القيامة، الذي يقضي فيه بين الأحياء والأموات، أي بين الأخيار والأشرار، لذلك قال يسوع أيضا : " اسهروا إذا لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم... لذلك كونوا أنتم مستعدين لأنه في ساعةٍ لا تظنون يأتي ابن الإنسان".

والمسيح عليه السلام لم يكن ينطق بلسانه وإنما من روح القدس، وقد قال : " إن السماء والأرض تزولان ، ولكن كلامي لا يزول أبدا "، فكلام المسيح عليه السلام هو كلام الله، كما أن القران المنزل على الرسول العربي عليه أتم الصلاة والسلام أيضا كلام الله، ولكن عبارت المسيح في الإنجيل جاءت صريحة، لان هناك عودة ثانية للمسيح متممة لمجيئه الأول، وقد شهد الرسول خاتم الرسل بذلك، بنزول المسيح عيسى بن مريم من السماء في آخر الزمان ليقتل المسيح الأعور الدجال ،وينشر العدل والقسط في الأرض

لذلك عبّر المسيح عن مخاض يوم القيامة بالضيق العظيم بقوله :  "فسوف تحدث عندئذ ضيقة عظيمة لم يحدث مثلها منذ بدء العالم إلى الآن ، ولن يحدث"، كما جاء عن لسان الله تعالى : " وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم " . 

فبالرغم من وسع الأرض ورحابتها، فان الجور والظلم اللذان سيسودانها سوف يجعلانها تضيق، وهذا الضيق العظيم سيكون بسبب جور المستكبرين في الأرض، الكافرين بما نصت عليه الأديان ويريدون علوا على كلمة الحق، ويأبون الحق ويمشون في الباطل، فيعيثون في الأرض فسادا بعد إصلاحها، وينشروا الخلف في بيت الرجل الواحد بحيث يصبح أهل بيت الرجل كلهم أعداء، يخالف الابن لأبيه، والبنت لامها، والكنة لحماتها، وأيضا يشعلون الأديان بالفتن والنعرات الطائفية، مما يجعل الأرض تلتهب بنيران الحقد والكراهية، وذلك يأتي بتمويل الشيوعية الماركسية الداروينية والعدمية والعلمانية اللادينية الرأسمالية الجشعة التي نشأت منذ الثورة الصناعية في أوروبا في القرن الثامن عشر، وثارت على الكنيسة ورجال الدين، ودعت إلى الحرية والإلحاد ونفي وجود خالق لهذا الكون ونفي وجود حساب وقيامة للبشرية كما نصت عليه الأديان، وعملوا على فصل الكنيسة أو السلطة الدينية عن الدولة والسلطة الدنيوية، وجعل الدين مقتصرا على الفرد وربه دون أن يتعدى ذلك إلا أن يكون مراسيم زواج أو طقوس وفيات، والرأسمالية همها الوحيد كسب المال وجمع الثروات الطبيعية من كل شبر من بقاع الأرض، وبأي وسيلة كانت، ولو على حساب دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ، وباستعباد واسترقاق البشر والمتاجرة بهم وبأعضائهم من اجل التقدم الاقتصادي والتفوق الطبي.

فالبشرية جمعاء وبعد الثورة الصناعية هذه التي ظاهرها تقدم حضاري وباطنها هدم المعتقدات الدينية في كل مكان، بدأنا بالاقتراب من يوم دينونة يوم القيامة، وبالأصح بدأ العد التنازلي لنهاية البشرية، بتمرد الدولة على الدين، والنداء جهارا بالكفر بالخالق وإنكار وجوده وارتفاع المادة على الروحانيات، وهذا إنذار بان يوم القيامة قد بات وشيكا، وبما أن القيامة هي يوم عالمي لجميع البشرية، فلن تحدث إلا بعد أن تشهد الكرة الأرضية ضيقا عظيما، يكون فيه بلاء شامل وامتحان للمؤمنين الصابرين، الذين وعدهم الله ووعده حق، بان "يرث عباده الصالحون الأرض "، بقوله تعالى للصالحين من عباده :" ليبلوكم أيكم أحسن عملا"، ولم يقل أيكم أكثر عملا بل قال أحسن عملا، فالفوز بالآخرة وثوابها لن يحظى به إلا الصابرون، الممتحنون على الإيمان، لذلك قال تعالى : " لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"، فكلمة لنبلونكم فيها قسم والمعنى لامتحنكم من اجل استحقاق الثواب، فإذا نظرنا إلى هذه الآية وقارناها مع الواقع، فنرى الخوف في العالم من الهلاك يزداد يوما بعد يوم، والجوع أيضا، هناك شعوب تموت جماعيا بسبب الجوع، ولو كان معظمه فعل الجشعين من الرأسماليين، وأيضا قضية المال فهناك من يتحكم بسوق المال العالمي، ويحاول قبضه من أيدي الناس، واستبداله ببطاقات الالكترونية كبطاقات الاعتماد، ليتم السيطرة الفعلية على المال العالمي جميعه،  والأنفس القتل، والثمرات موت الأولاد وانقطاع البركات، وأيضا قال تعالى للمستكبرين، المفسدين في الأرض، إمهالا لهم ليوم به يوعدون : "فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون، يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون"، وعلى ذلك يطابق قول المسيح عن العبد الرديء: " و لكن إن قال ذلك العبد الردي في قلبه سيدي يبطئ قدومه فيبتدئ يضرب العبيد رفقاءه و يأكل و يشرب مع السكارى"، فعدوّ الخير اليائس من عودة المسيح يعمل جاهدا على أن يشغل المؤمن بعيدًا عن الفرح بمجيء المسيح ويعمل على اغفاله عن يوم القيامة، فيلهيه بالمشاكل الإنسانيّة كالحروب والصحيّة كالأوبئة والمجاعة والطبيعية كالزلازل، كما نشاهد ونسمع يوميا عن كوارث طبيعية كتسونامي البحار أو فيضانات جارفة أو أعاصير وهزات وزلازل أو كسوفات للشمس أو خسوفات للقمر مع كثرة الأقمار الاصطناعية لتمويه المؤمنين عن الاستدلال بعلامات الطبيعة والفلك عن قرب يوم القيامة التي يخافه أولئك من تحقيقه، ولا يستغرب أن يكون بعض هذه الكوارث الطبيعية من فعل أولئك المستكبرين الذي يستهزئون بعباد الله المؤمنين فيضلونهم بأخبار كاذبة من فعل أيديهم حتى يظنوا أنها قيامة فيخيب ظنهم وتدب بهم الحيرة واليأس، وأيضا نسمع كل فترة عن مرض يتفشى في مناطق من العالم وتقوم وسائل الأعلام المستأجرة ببث الرعب في قلوب الناس عن خطورة المرض، الذي لم يتم على زعمهم تشخيصه، وأيضا الحروب الدامية التي لا تكاد منطقة من العالم تسلم منها بفعلهم المحكم.

فثورة العلمانية الرأسمالية على الأديان، هي من اجل منع حدوث هذا اليوم العسير الذي قال تعالى عنه : " يوم عسير على الكافرين"، فهم لا يريدون حكما صالحا في الأرض يسلبهم مالهم وجاههم وانغماسهم في الشهوات والاباحات، فهم يريدون عالما خاليا من حقيقة وجود الله، خالق هذا الكون، ويريدون منع كل شيء يذكرهم في الآخرة وبالخالق جل وعلا، ولكهم بأفعالهم هذه يحققون ما جاءت به الأديان من علامات يوم القيامة، من حروب وزلازل وأمراض ومجاعات وهم لا يفقهون.

وأخيرا ما نشاهده ونقرأه ونسمعه مؤخرا عبر وسائل الإعلام من أحداث دامية متواصلة هنا وهناك، من حروب واقتتال وقتل وسفك دماء وزنا وفواحش وكذب وخداع وأضاليل ونفاق ومماراة ومغالبة وخمور وسموم واباحات وعرض للعورات وشعوذة وتفكك الأسرة ومخالفات الأبناء للإباء وثورات وانقلابات الشعوب على ملوكهم ورؤسائهم وعلى رجال الدين وسبهم على الملأ ومجاعات وانهيارات اقتصادية وكوارث طبيعية، ما هو إلا سيناريو لمخاض حقيقي  لولادة حقيقية ليوم القيامة ودق طبول يوم الدينونية لزعزعة أبواب السماء ومجيء المخلص لخلاص المضطهدين في الأرض من المستكبرين، الذين دمروا البشرية بسوء فعلهم، فطوبى لمن كان مستعدا ليوم مجيء سيده يعني المسيح المنتظر لخلاص عباده فيرضى عليه باريه ويجعله من أصحابه .

 

תגובות

3. בבב לפני 5 שנים
מעניין מאוד. אני קראתי עד הסוף, אך למי יש כח לקרוא, נא לקרוא
2. اخي منير לפני 6 שנים
طولت الحكاية
1. דילאוי לפני 6 שנים
בחיאת אשייך מוניר

מומלצים