نظرة في تحريم الخمر ولعن من يستحله ويتاجر به

الحمد لله المعز لمن اتبعه واتقاه، والمذل لمن عانده وعصاه، وصلى الله على رسله الداعيين الى علاه، والهاديين الخلق الى حسن السلوك والنجاة، المبشرين بالثواب لمن اتبع الاوامر ولباه، وبالعقاب لمن خالف وتردى بكبرياه، وسلم تسليما وبعد

27.12.2018 מאת: منير فرو
 نظرة في تحريم الخمر ولعن من يستحله ويتاجر به

ان الله الخالق والمبدع العظيم خلق كل شيء واوجده، وجعل الغاية من هذا الابداع العنصر الانساني فاحسن صنعه، وخصه سبحانه عن سائر خليقته  بالنفس الناطقة والعقل المميز ليفرض عليه معرفته، ويهتدي بهديه وهداه، على يد رسله وانبياه، من اصطفاهم من البشر ليدلوا عليه، ويهدوا الخلق اليه، فيحللون حلاله، ويحرمون حرامه، ويحذرون الخلق من عقابه، وبما ان مقابل الحق باطل، ومقابل الايمان الكفر، ومقابل الخير شر، فبات الانسان بين طبعين، طبع الخير، وطبع الشر، وطبع الخير يقوى باتباع اوامر الرحمن، وطبع الشر يقوى باتباع الشيطان، الذي قال تعالى عنه في سورة فاطر : "  ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير".

ان الشيطان الذي هو ابليس كان من الملائكة المقربين وقت ان خلق الله ادم ابا البشر، الذي خلقه الله ليكون خليفة له في الارض، واماما تاتم به البشرية بما يمليه عليه الرب،  ولكن عندما امر الله الملائكة بالسجود لادم، أي ان يطيعه لانه خليفة الله على الارض وكل شيء يكون تحت امرته  الا انه ابى  واستكبر وكان من الكافرين، فعندها اخرجه الله من الجنة بقوله  :

" فاخرج منها فانك رجيم وان عليك لعنتي الى يوم الدين "، وعندها طلب ابليس المهلة بقوله تعالى في القران : " قال رب فانظرني الى يوم يبعثون" ،وقبل الله طلب ابليس بقوله تعالى : "  قال فانك من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم "، أي يوم القيامة، حيث تبعث الخلائق للنشر والحساب، ولكن ابليس بالرغم من تمسكنه هذا اجاب الله تعالى : " قال فبعزتك لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين"، فابليس بكبرياءه وترديه وكفره وعناده اقسم على انه سيقوم باغواء الناس اجمعين، ويدعوهم للفجور والمعاصي والتمرد على اوامر الله بتحليله لهم ما حرمه الله، وتحريم ما احله الله، ولكن لن يمكنه الله من عباده الذين اخلصوا لله العبادة، وامنوا بالغيب بالقيامة وثوابها، والاخرة وعقابها، فتجنبوا معصية الله، ودعوا ونصحوا الناس الى عبادته،  وان هذا مراد الله من خلقه العبادة والتوحيد لخالقهم، الخالق العدل والحق الذي لا يظلم مثقال ذرة، لذلك رد تعالى على ابليس بقوله في سورة الاسراء : " استفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"، وايضا تابع تعالى بقوله : " قال فالحق والحق . أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين" .

فابليس لعنه الله، استنفر كل ما يملك من قوة ليغوي خلق الله، ويصدهم عن عبادته، فجلب عليهم خيله ورجله وكأن لابليس جيش وجند، خيالة وفرسان ومشاة، يطوفون في الارض، واول شيء يتكمن فيه ابليس من الانسان ان يستحوذ على عقله، ويستولي عليه بطمس نور العقل، ذلك العقل الذي خصه الله بالشرف والكمال والقدرة على التفكير والتدبر والرؤية الصحيحة، فهو جوهر ابدا  فاعلا غير مفعول، لانه يرى فقط الصواب، ويميزه عن الخطا، فهو دائما يقول للانسان لا تفعل كذا، فهو لا يقبل الغش والكذب، دائما يرى الصورة الواضحة، لان الله اراده ان يكون قائدا نصوحا، فجعله في الراس اعلى شيء في الانسان تشريفا له، ولمكانته ولاهميته في حياة الانسان لتقويم حياته،  وابليس عمل على الاستيلاء على عقل الانسان، وذلك عن طريق الهوى والخمر والمال والعلوم الفاسدة والشهوات، ووجد ان سلاح الخمر اهم شيء للسيطرة على العقل البشري، فاحله للناس، وزينه لهم كما زين لهم حب الشهوات والهوى والمال، وفتح لهم ابواب الحرام، واحل ما حرمه الله وهو الخمر، الذي قال عنه تعالى في القران في سورة المائدة :

" يا أيُّها الذينَ ءامنوا إنَّما الخمرُ والمَيسرُ والأنصابُ والأزلامُ رِجْسٌ مِنْ عملِ الشيطانِ فاجتَنِبوهُ لعلَّكُم تُفلِحون إنَّما يُريدُ الشيطانُ أن يُوقِعَ بينكم العداوةَ والبغضاءَ في الخمرِ والمَيْسِرِ ويَصُدَّكُمْ عنْ ذكرِ اللهِ وعنِ الصلاةِ فهلْ أنتُم مُنتَهونَ "، وايضا قال في سورة النساء : "  يا أيُّها الذينَ ءامنوا لا تَقرَبوا الصلاةَ وأنتُم سُكَارَى حتى تَعْلَموا ما تقولون"،وايضا في سورة البقرة : " يسئلونكَ عنِ الخمرِ والمَيسرِ قُلْ فيهما إثمٌ كبيرٌ ومَنافِعُ للناسِ وإثمهما أكبرُ مِن نَفْعِهما"، وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم: “لَعَن الله الخمرَ وشاربَها وساقيَها، وبائعَها ومبتاعَها، وعاصِرها ومعتصِرها، وحامِلَها والمحمولَةَ إليه" .

 فالخمر هو أساس الشرور والفجور، وتدهور المجتمع، فهو يؤدي الى العنف في العائلة، والتحرش الجنسي والاغتصاب والقتل والسرقة والاختلاس، وعلى الدولة محاربته وعدم السماح بتعاطيه، لانه يهدد حياة المواطن وبالتالي الدولة، وكفى بان قانون السير يمنع السائق تعاطيه، عدا الاضرار بالصحة، وهو ما أثبت علميا لاحتوائه على مادة الكحول، لانها تجري في الدم فيسبب ازدواج الرؤية والغثيان، واضطراب في الكلام، وفقدان الذاكرة، وضرر في الكبد والطحال والقلب وجهاز الهضم والجهاز العصبي وجهاز التناسل مما يمنع النسل، ويدخل في سبات عميق وقصور في التنفس مما ينتهي بالموت،  فلمنع الشواذ يجب محاربة الاسباب وعلى رأسها الخمر وكل مسكر، وكقول الرسول "ص" :

" ما اسكر كثيره فقليله حرام "، فالخمر حرام شربه وحرام بيعه، لان المسكرات كما عبّر عنها أميرنا التنوخي، مزيلة للعقول، طامسة لها، ساترة وحائلة لوصول نور العقل واوامره الى اعضاء الجسد، مما يجعلها تغطي العقل بالصدأ، فيصير الانسان ينظر الى القبيح مليحا، فيختل نظامه، ويكثر هيجانه، مما جعل الجسم يضطرب كاضطراب امواج البحرحتى تغرق السفينة ومن عليها من الركاب، وايضا السموم والمخدرات غيرها من الامورالمنافية للدين والاخلاق،

فالاديان، والرسالات السماوية، والحكماء، والفلاسفة  جميعهم على الاطلاق وحتى القوانين الدولية حرموا تعاطي المسكرات، لانها تفقد للانسان اهم شيء يجعله انسانا مشرفا عن الحيوان وهو العقل، وفي القران وهو اخر الاديان السماوية، برز التشديد على تحريم الخمر اكثر من غيره، مع ان في التوراة والانجيل ذكر لتحريم الخمر الا ان هناك من اباحه بتحريف الايات والفصول فوقعوا ضحية ابليس، ففي انجيل لوقا قال  الملاك للنبي زكريا عن ولده الذي يولد وهو النبي يوحنا المعمداني :

" فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ، أَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ"، وهذا شاهد يجعل تحريم الخمر واضحا في التوراة والانجيل، وهناك شواهد كثيرة تبت تحريم الخمر في التوراة والانجيل لا يسع المكان لسردها، ومنها في التوراة لما ابناء نوح اشربوه الخمر فسكر وخرج عريانا فلعنهم وخزاهم، وعصير العنب في الانجيل لم يكن خمرا وانما رمزا لاشياء مستقبلية اشار اليها يسوع المسيح وهو اجل واعلا ان يقال عنه انه كاس خمر .

واخيرا من المؤسف ان نرى في مجتمعنا الدرزي الاصيل بعاداته واخلاقه وتعلقه بدينه تفشي ظاهرة الخمر، ونشر اليافطات والاعلانات في كل زاوية لبيعه وتعاطيه، والتخفيض لسعره ليقبل أبناءنا الى شربه وتعاطيه، وبالتالي فقدانهم، وخسارتهم، وتدهور اخلاقهم ، وسلب اموالهم، وضياع مستقبلهم، فارجو من كل من له غيره على ابناءه ومجتمعه، وعنده دين ان يتصدى لهذه الظاهرة، والعمل على كبح جماحها وتفشيها في مجتمعنا، لانها اصل الشرور، وسبب العنف، والازعاج، وعدم الراحة وهداة البال، التي دائما نتمناها للجميع، فاطلب من تجار الخمر ان يرتدعوا عن بيع ما حرمه الله، وان لا يبيعوا ضمائرهم من اجل ربح مادي باخس نزع الله منه البركة واطلق اللعنة على شاربه وبائعه،  فلا يبقى منه سوى العار واللعن والخزي من الاباء الذين فقدوا ابنائهم بسببه، وانقلبت حياتهم جحيما، وارجو من رجال الدين اطلاق البعدة الدينية، والمقاطعة الاجتماعية على كل شخص يبيع الخمر، وعدم مشاركته افراحه واتراحه، والمشي في جنازته وحتى منع الصلاة عليه ونعوته اذا مات، والله من وراء القصد وتقديم النصيحة .

 

תגובות

2. אבא לפני 5 שנים
הדבר מאוד מפחיד את כולם
1. دلواني לפני 5 שנים
כבר מאוחר למנוע את התופעה

מומלצים