نظـرة في الرسل والرسالات وعيد الاضحى ضحى وتضحيات 2

قال تعالى وعز من قائل: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا مَن رحم ربك"، وقال أيضا جل ثناؤه: "ولو شاء الله لجعل الناس أمةً واحدة ولا يزالون مختلفين"، وأيضا:

25.02.2021 מאת: منير فرّو
نظـرة في الرسل والرسالات وعيد الاضحى ضحى وتضحيات 2

 

"ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل مَن يشاء ويهدي مَن يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون"، وأيضا: "ولو شاء ربك لآمن مَن في الأرض كلهم جميعا"، وأيضا: "ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل مَن يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير".

والآيات في ذلك كثيرة تختلف في النص ولكنها تتفق في المعنى، والمعنى أن الله تعالى خلق العباد بدون إرادتهم ولكنه خيّرهم بإرادتهم فما يعملون من خير مثقال ذرة فسيرونها وما يعملون من شر مثقال ذرة أيضا سيرونها والله ليس بظلام للعبيد، فالإيمان به تعالى في الدنيا  ليس بالإكراه والجبر، بل بالتخيير ليحق الثواب والعقاب في الاخرة بالقسطاس والعدل، لان عبادته تعالى في الاخرة للكفار به في الدنيا  سوف تكون كرها وجبرا وللمؤمنين طوعا وغبطة، لقوله تعالى : " ولله يسجد من في السموات طوعا وكرها".

فالأديان جميعها منذ أن خلق الحق سبحانه الكون جاءت من عنده وتنطق باسمه، وتستمر من رسالة إلى رسالة إلى اجل معلوم، وهذا الأجل هو اليوم الموعود الذي تنتظره جميع الأمم فيه يخلص الله المضطهَد البائس من الأمم الكافرة المستعلية على كلمة الحق، فالرسالات السماوية دعت إلى عبادة الله بلا إشراك فيه أحدا، وتكرارها للارتقاء في معرفة الله وتوحيده ولتستقر تلك المعرفة وتثبت، وكلمة الله التي أرسلها يد رسله، مثل البذرة التي يزرعها الزارع في الأرض، ثم تبدأ بمراحل نموها لتصل إلى شجرة، ثم لتعطينا الثمار الطيبة التي هي الغاية والهدف، فغاية كل رسالة الرسالة التي تليها إلى آخر الرسالات والتي تكون خاتمتهم، ثم يكون جزاء الله ثوابه وعقابه على إتباع ومخالفة رسالاته، فمن يكفر برسالة واحدة فله عذاب الاخرة، فاختلاف الرسل واللغات لا يفقد للدين جوهره، والخالق تعالى بعث لكل عصر رسولا يكلمهم بما أمره الله تعالى بما يتلاءم وروح العصر ومفهومه، لقوله تعالى :

" لكل أمة شرعة و منهاجا"، لان الشرائع تغيرت من أمة لأخرى، وبالتالي من بيئة لأخرى، والإسلام ختمهم جميعا، واعترف بهم جميعا وهو المحطة الأخيرة قبل يوم القيامة،  لقوله تعالى : " الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم، نزل عليك الكتاب بالحق، مصدقا لما بين يديه، وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس، وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد، والله عزيز ذو انتقام، إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء، لا إله إلا هو العزيز الحكيم،  يخبر تعالى أنه يعلم غيب السماوات والأرض".

فسيدنا آدم عليه السلام بعثه الله ليكون له خليفة في الأرض بعد  أن كانت الأرض من قبل خلقه عليه السلام، معمورة بالجن والنسناس والسباع، وغيرها من الحيوانات، وأنه كان لله فيها حجج وولاة، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وحدث أن طغت الجن وتمردوا، وعصوا أمر ربهم، فغيروا وبدلوا، وأبدعوا البدع، فأمر الله سبحانه الملائكة، أن ينظروا إلى أهل تلك الأرض، وإلى ما أحدثوا وأبدعوا، إيذاناً باستبدالهم بخلق جديد، يكونون حجة له في أرضه، ويعبد من خلالهم، بقوله تعالى في الكتاب المبين: "إني جاعلٌ في الأرض خليفة".

وبذلك صار آدم خليفة على الأرض بأمر من خالق الكون وصار إماما للناس يأتمون به ويطيعون أمره، فهو أبو البشر والبشرية جمعاء دون تفرقة، ولذلك قال تعالى في التوراة: "خلق آدم على صورة إله بني إسرائيل"، يعني طاعة آدم من طاعة الله وعصيان آدم من عصيان الله، ولهذه المنزلة أسقط الله تعالى إبليس من جملة الملائكة لعدم سجوده أي طاعته لآدم، لأنه بذلك كان قد عصى أمر الله بالسجود لآدم وكان من الكافرين كقوله تعالى: "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق"، ثم استمرت دعوة آدم إلى توحيد الخالق بتواتر خلفاء له من أبنائه،

ولما لم يكن آدم (ع) من أولي العزم، مال الناس إلى الشرك فبعث الله نوحا عليه السلام أول أولي العزم  بالطوفان ليطهر الأرض من فساد البشر بعد مخالفتهم لأوامر الله ورسله الكرام، ودعاهم إلى الله بأنواع الدعوة في الليل والنهار والسر والجهر، وبالترغيب تارة وبالترهيب أخرى، لكن أكثرهم لم يؤمن بل استمروا على الضلال والطغيان وعبادة الأوثان، ونصبوا له العداوة ولمن آمن به وتوعدوهم بالرجم حتى أنزل الله الطوفان ونجى نوح ومَن معه من المؤمنين ونوح عليه السلام بن لامَك بن مَتُّوشَلَخَ بن أخَنوخ ـ وهو إدريس ـ بن يرد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر.

وكان بين نوح وآدم عشرة قرون ولبث سيدنا نوح في قومه يدعوهم إلى الإيمان ألف سنة إلا خمسين عامًا لقوله تعالى: "فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا".

ثم جاء بعد نوح سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء وهو ثاني أولي العزم يدعو الناس إلى عبادة الله وتوحيده وينهى عن عبادة المخلوقين والأصنام، فكان عصره عصر اشتهر بعلم الكيمياء، وكانت معجزة سيدنا إبراهيم أن حول النار بردًا وسلامة، وهذا فوق الطبيعة (ميتافيزيقا) لقوله تعالى:

"قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم"، ثم جاءت تضحية سيدنا إبراهيم بابنه اسمعيل في ارض غير ذي زرع ارض مكة معجزة بأن افتداه الله بكبش لتكون عبرة إلى قادم الأيام وتصير بيت وقبلة تحجه الناس، وايضا سيدنا ابراهيم صعد بابنه إسحاق الى جبل موريا باورشليم القدس  ليقدمه قربانا للرب حيث اقام السيد سليمان الحكيم الهيكل المقدس ليعبد الله ويسبحه وتصبح اورشليم قبلة ثانية ايضا سبحان من هي حكمته في جعل القدس ومكة قبلتين تولي الناس وجوههم نحوها. 

 ثم بعث الله سيدنا موسى بن عمران عليه السلام ثالث أولي العزم ليخرج المؤمنين الذين اتبعوا سيدنا يعقوب عليه السلام وآمنوا بأنه نبي مرسل ومن سلالة الأنبياء، فهو ابن سيدنا إسحاق وإسحاق ابن سيدنا إبراهيم عليهم السلام،  ويعقوب كان اسمه إسرائيل أي عبد الله أي أسير الله وكان له اثنا عشر ولدا وهم الأسباط الاثنعشر الذين تسموا ببني إسرائيل، وكل من آمن برسالتهم صار يدعى من بني إسرائيل، لأن دعوة بني إسرائيل لعبادة الله والتصديق بالرسل كانت قبل مبعث سيدنا موسى كليم الله فلما انتقل بنو إسرائيل  أي يعقوب إلى مصر بعد القحط الذي أصاب البلاد، وبعد أن باعوا أخاهم يوسف حسدا لمكانته عند أبيه وعلو شانه في مصر حتى صار عزيزا لمصر وأمره مطاع، والله يعطي الحكم لمَن يشاء سكنوا فيها مكرمين إلى أن ظهر فرعون قبل ولادة  موسى وادعى الإلوهية وقال: "أنا ربكم الأعلى" حتى أثار الفتنة والمحنة على من آمن برب بني إسرائيل.

وكان عصر موسى موصوفا بالسحر فمد الله سيدنا موسى بالعصا المعجزة ففعلت عشر ضربات فاقت سحرة مصر حتى ضاقت نفوسهم وعلموا أن فوق كل ذي قدرة قدير، وكانت ارادة الله ان يخرج بني اسرائيل من عبودية فرعون وظلمه الى ارض اسرائيل، ارض الموعودة وارض الميعاد"،  وكانت اشارات التوراة كلها للوعد الاخي، وان شعبا يختاره الله لأخلاقه الحميدة وصدقه ووفاءه بالعهد، الذي قال عنه في القرآن : " لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا"، وهو العهد الموثق المربوط ربطا دقيقا وهو عهد الفطرة، وذلك لان الاشارات في الاديان منذ زمن نوح –ع- تشير الى تفضيل بني اسرائيل  على العالمين، وان جميع الرسالات بعد سيدنا نوح –ع- ذكرتهم واختارتهم ووعدتهم بملك الاخرة عند مجيء المسيح، ولكن كل هذا  بعد تميم جميع الرسالات، وإتباع ما أنزل فيها من عبادات، لذلك قال تعالى في القران : " و لقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم و النبوة و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم على العالمين"، وقال ايضا: " ولقد اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ "، فاختيار الرب لبني اسرائيل على علم ومعرفة ودراية  بالوفاء بالعهد والميثاق الذي اخذوه على انفسهم بان لا يعبدوا إلا اياه، ولا يشركوا به سواه، وان يطيعوا اوامر،ه ويؤمنوا بما يرسل لهم من الرسل ولا يقتلوهم، فمن آمن منهم بالرسل الذين جاؤوا بعد اخراجهم م مصر فهم المفضلون على العالمين وهم الصالحون الذين يرثون الارض في الاخرة. 

وبعد سيدنا موسى تسلسلت أنبياء نسبت إلى بني إسرائيل حتى بعث الله يسوع المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، الروح القدس جوهرا من جوهر قدس، رابع أولي العزم، وهو مذكور في اسفار التوراة في فصول المزمور زكريا، إشعيا وعاموس بأن المسيح سوف يخونه صديق،  يبيعه  بثلاثين من الفضة، يتخلى عنه، يجرح ويهان، يضرب ويبصق عليه، يستهزأ به، تثقب يداه ورجلاه، يصلب مع لصين يستودع نفسه على الصليب، تغطي الظلمة كل الأرض، يدفن، ويقوم في اليوم الثالث، ثم يصعد إلى السماء (لذلك آمن اليهود في الراب ليفوفابيش في نيويورك، واعتقدوا بأنه المسيح، وجلسوا بجانب قبره ثلاثة أيام انتظارا لقيامته من الموت ولكنه لم يحدث ذلك )، لذلك عيد الفصح عند اليهود ما هو إلا الصورة النظرية للعشاء السري للسيد المسيح، وهو ما يسمى بـ" العشاء الأخير" أو "العشاء السري" للسيد واجتماعه مع تلامذته الاثنعشر حول مائدة العشاء قبل أن يباع ويرفع على الصليب  (ولهذا السبب نزلت سورة المائدة في القرآن، كما أن سورة البقرة جاءت لسبب البقرة التي عبدها بنو إسرائيل في زمن تسلم النبي موسى الوصايا العشر في طور سيناء)، وفي هذا العشاء كسر يسوع الخبز وقسّم لتلامذته قائلا لهم : " خذوا كلوا هذا لحمي "، وبعد أن بارك كأسا من عصير العنب قال :

" اشربوا منه كلكم، هذا هو دمي، دم العهد الجديد الذي يراق من أجل الكثير لمغفرة الخطايا "، لذلك يُرش في عيد الفصح المجيد دم شاة صحيحة "على القائمتين والعتبة العليا،" لأنه يرمز إلى دم المسيح الذي يحمي من الهلاك، فقام أحد تلامذته وهو يهوذا الاسخريوطي من اسخريوط وهي اليوم رام الله  ببيعه للرومان والذين قاموا بصلبه( القران يختلف والمسيحية حول قضية الصلب فهو ينفي صلب المسيح بقوله : ما قتلوه وما صلبوه وإنما شبه لهم " ولكن يؤمن بكل ما جاء عن المسيح بأنه روح قدس ولد من السيدة مريم العذراء ورفعه الله إلى السماء وانه ما زال حيا وسيرجع في الآخرة ليملأ الأرض عدلا وقسطا) بسبب دعوته بأنه هو المسيح، ولرفض اليهود لشخصه وانه ليس ملكا لهم وانه قد قال بأنه سوف يهدم الهيكل الذي بنوه في 46 سنة ويقيمه في ثلاثة أيام بقوله : "انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أنا أقيمه "،

وكان قد أعنى بالهيكل جسده الذي يصلب، والذي يقوم بعد ثلاثة أيام لتتم أكبر معجزة له كانت التوراة قد تنبأت بها، وليثبت لهم أنه المخلص الآتي، وأنه أعظم جميع الأنبياء الآخرين الذين سبقوه كإبراهيم وموسى وداوود،  وبذلك تم بيع المسيح وصلبه(هناك اختلاف على اليوم الذي  تم فيه صلب المسيح لعدم تثبيت يوم السبت، لأنه يوجد سبعة سبوت ويمكن أن تأتي في أي يوم من أيام الاسبوع، لأن كل منها له تاريخه الخاص به، فاليوم الذي صلب به المسيح كان فيه سبتان في نفس الأسبوع ، يوم سبت عيد الفصح، والسبت الأسبوعي، وبذلك يكون السبت المذكور في (مرقس1:16) والذي بعده اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي حنوطا ليس هو السبت الأسبوعي بل كان سبت عيد الفصح الذي جاء يوم الخميس وبذلك يكون المسيح قد صلب مساء الأربعاء بين العشائين، في نفس الوقت الذي ذبح فيه خروف الفصح ليتم الرمز في المزمور :

" لأن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح لأجلنا"(1 كورنثوس 7:5)   )،  وكان التوقيت الزمني ليس حسب توقيتنا اليوم 24 ساعة"، ولكن نبوئته تمت، فقد قام بعد ثلاثة أيام، وهذا هو "عيد القيامة" ، فظهر ثلاثة أيام ثم صعد إلى السماء ليجلس إلى يمين الرب، تثبيتا لما جاء في التوراة على لسان النبي داوود وهو : "قال الرب لربى أجلس عن يمينى حتى أضع أعدائك موطئاً لقدميك"، وأنه القائل بأنه المزمع بالعودة الثانية للقضاء بين الأحياء والأموات في آخر الزمان، ويقتل الدجال، وتبقى دعوته ألف سنة (الملينيوم) ، وذلك ليخرج خراف بني اسرائيل الضالة من شريعة اليهود، لذلك قال يسوع –ع-: " ما جئت لأهدم الناموس بل جئت لأتممه"" واعنى بالناموس التوراة، ثم قال ايضا (متى 15/24): " لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة" التي لحقها عطب، وكان عصره موصوفا بالطب، فخصّه الله بطب يفوق عصره، فشفى الأبرص والأعمى وحتى أحيا الميت.

واستمرت دعوة سيدنا عيسى حتى بعث الله خاتم الرسل الرسول الأمي والعربي الكريم خامس أولي العزم محمد الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم والذي بشرت بظهوره في هذا الزمان كل الرسالات منذ آدم عليه السلام حتى يسوع عليهم السلام وهو أحمد بشهادة المسيح المبالغ في الحمد لله، فهو أحمد الأنبياء وأكثرهم محمدة، وكان عصره عصر اللغة العربية والخطابة والشعر، فبعثه الله تعالى بلغة القرآن الذي هو معجزة الرسول وانزله قرآنا وفرقانا عربيا أفحم اللغويين بكلماته بسوره وآياته وقصصه وحكاياته وبلاغته وبيانه، فهو إعجاز وتعجيز وإعلال وإبدال وتمييز وحال ومثل وأمثال، فأغنى اللسان بجمال الجنان واللسان وسطر قصص الأولين والآخرين بإتقان حتى بدا حجة لله على جميع خلقه ومحجة باقية إلى يوم يبعث الله المسيح (ع) من جديد لينشر في الأرض القسط والعدل بعد أن تكون قد امتلأت بالجور والظلم بسبب علو الباطل والمستكبرين من الذين جعلوا المال والهوى آلهة حتى عبدوها، وعندها يصح قول يسوع المسيح (ع): "وتكون رعية واحدة وراع واحد".

وما عيد الأضحى إلا كمال لتضحية  جميع الأنبياء والرسل وتحمّلهم شق الأنفس من أجل تبليغ الرسالة من ربهم والذي كان سيدنا إبراهيم الخليل سلام الله عليه رمزا لأعظم تضحية في الوجود وحج الكعبة التي هي القبلة التي أمم جميع الأنبياء وجوههم نحوها والتي كان قد بناها سيدنا آدم -ع -، ثم جاء سيدنا إبراهيم ليعيد بناءها ويعمل قربانه هناك وهي ان يذبح ابنه أغلى ما عنده طاعة ليقدمه للرب قربانا ولصدق نواياه افتداه الله بكبش ليصبح سُنّةً في عيد الاضحى ورمزا للأضحية والتضحية، ثم جاء إليها سيدنا موسى بعد هربه من فرعون مصر، وكان سيدنا عيسى قد زارها، إلى أن ظهر خاتم الرسل عليه السلام ليفرض فريضة الحج بكل مناسكه، ليختم بالحج جميع الرسالات, ويقفل حلقة الانبياء، والطواف حولها إلا التفافهم حول عقيدة واحدة تدعو إلى توحيد الخالق الذي هو البيت والذي هو المأوى والمسكن الذي تسكن فيه أرواح المؤمنين وترتقي فيه إلى معرفة رب العالمين، لقوله تعالى :

" الذين يتبعون الرسول النبي الأمي، الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل وهكذا كانت جميع الرسالات السماوية عبارة عن سلم ومعراج تعرج بها الخلائق إلى معرفة الخالق من سماء إلى سماء للوصول إلى السماء السابعة حيث كرسي عرش جلال القدوس تحمله ثمانية ولا وصول الى هذه السماء إلا بالتصديق بكل الرسالات المتممة لبعضها البعض وإتباع ما جاءت بها، لقوله تعالى في القران : " ونزّلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء"، ويراد من هذه الآية مَن آمنوا بالكتب  المنزلة قبل الإسلام ثم لما جاء القران وعرفوا انه الحق آمنوا به كذلك، وأيضا  : " والذين يؤمنون بما اُنزل إليك وما اُنزل من قبلك "،

وهذا وصف للمتقين بالإيمان بالقرآن وغيره من الكتب السماوية، فيكفي الإيمان بالكتب السماوية الأخرى من غير القرآن بأنها كانت وحيا وهداية وسننا الهية متتالية، وأما العمل فالتمسك بما يتضمنه القران المجيد الذي هو آخر الرسالات ومن بعده يأتي يوم النبأ العظيم "عم يتساءلون عن النبإ العظيم الذي هم فيه مختلفون" ، و"يوم يكشف عن ساق" و"فتول عنهم يوم يدعو الداع إلى شيء نُكر"، و"يوم يبعثر ما في القبور" ، "يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب"،  
لان كل نبي جاء إلى الناس دعا إلى عبادة رب الناس، الذي هو رب واحد مهما اختلفت الرسالات ولكن على الناس دائما إتباع الرسالة الجديدة  لان مجيئها كانت حتمية ومرتقبة، واكبر دليل على أنهم كانوا يخرجون  من دين إلى دين  قوله تعالى في سورة المائدة :

" إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"،

جعلنا الله ممن يسمع القول فيتبع احسنه،والله ولي التوفيق.

 

 

תגובות

מומלצים