كأس خالتي

12.07.2020 מאת: عايدة فحماوي دالية الكرمل
كأس خالتي

 

كأس خالتي

دخلتُ إحدى المؤسّسات لقضاء معاملة؛ جلستُ  على المقعد الأمامي ريثما يحين دوري، وما أن مرّت  خمس دقائق حتى نادتني الموظفة " تفضلي خالتي " نظرتُ حولي ذات اليمين وذات الشمال تفحّصتُ المكان جيّدا كأنني مخبر أبحثُ عن حاجة ممنوعة فلم أجد سواي تيقّنتُ انّي المقصودة  "بخالتي" .

جلستُ قبالة الموظفة واعطيتها رقم هويتي كإجراء روتيني فقالت لي بلهجتها " بشو بئدر  اساعدك خالتي " لا أخفي عليكم بأنّي صعقتُ للوهلة الاولى،  لكن سرعان ما انفرجت قسمات وجهي اعتقادا منّي أن تاريخ ميلادي قد ظهرَ أمامها ولا بد أنها تصغرني بخمسة عشر عامًا على الاقل ! لكن هذا الاحتمال اصبح واهيًا حين تمعّنتُ بتفاصيل وجهها الذي ظهرت عليه علامات منتصف الاربعين وربّما اكثر.

وبينما كانت الموظفة تقوم بالاجراءات المطلوبة كنت انا اشطح مع بنات افكاري حتى أني نسيتُ الهدف الذي جئت من أجلهِ، ونسيتُ الارقام  التي جئت لترتيبها واستحوذت علي ارقام العمر ولم يرجعني إلى تركيزي سوى قول الموظفة لي للمرّة  الثالثة  "خالتي" .

حينها تجرّدت من لباقتي المعهودة لأسالها عن عمرها، وهو السّؤال الذي أتحاشى أن اسأله عادة.

وهنا حقيقة  أصابني الذّهول  " بنفس عمري وتناديي خالتي؟" ابتسمت الموظفة ابتسامة باهتة  مشوبة بالارتباك كأنها ارادت تدارك الأمر قائلة "علشان الاحترام خالتي" .

عندها خالجني شعور بعدم الارتياح وكأنّ شيئا ما علقَ بين المريء ومجرى النفس ولا بد أن يخرج.

ودون إدراك منّي  اصبحتُ انا  تلك المرأة التي تتشبّث بتلابيب  الاربعين ولا اريد ان أبرحه، فاتّخذتُ قرارا  ان أرد الاحترام بطريقتي.

وبعد أن أنهيتُ المعاملة وقفتُ وهممتُ بالخروج ابتسمت للموظفة شاكرة لطفها وقلت لها " نهارك سعيد خالتي" وبطرف عيني كنت اتفحّص وقع ذلك عليها فإذ قد اكفهرَ لون وجهها وظهرت عليه علامات الامتعاض وكأنني سقيتها كأس علقم  فغصّت به أو بالأحرى سقيتها من  كأس خالتي.

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים