كلهم يريدونني أن أكون "محترما"

13.05.2019 מאת: أمين خير الدين
كلهم يريدونني أن أكون "محترما"

 

أبنائي يريدونني أن أكون "محترما" كباقي الآباء!
وبناتي يريدونني أن أكون "محترما" كباقي الآباء !
أصدقائي يقولون لي "لا ينقصك شيء" فلم لا تكون "محترما"؟

وبعض أصدقائي المحترمين جدا جدا، يقاطعونني، حين مرضت لم يعودوني، وحين تعرضت لأكثر من حادث طرق، وخطير والله العظيم أنني لم أكن السبب، ويشهد على ذلك شهود عيان، وتشهد الشرطة التي لا اعتمد شهادتها أحيانا لم يزوروني هؤلاء الأصدقاء المحترمين جدا ، لأني أرفض أن أكون كما يريدون لي من الاحترام!

وطلابي الذين يحترمونني واحترمهم، وكثيرون من معارفي يستغربون، وينتظرون، ويسألون "لماذا لا يقبل أن يكون "محترما"؟

وأنا الذي أحيي الجميع، كبارا أو صغارا، صباح مساء، لا اعتدي على أحد، وأبنائي وأحفادي ليسوا مصدر إزعاج أو ضرر لأحد، أحفادي لا يلعبون بالمفرقعات أيام العيد أو بعدها أو قبلها، أولادي لم يركبوا تراكتورونا مزعجا لا في شوارع القرية ولا خارجها، لا في النهار ولا في الليل، ولم يسبق لأحد منهم أن قاد سيارة قبل أن يحصل على رخصة سياقه، وكل ذلك حفظا على سلامة الناس، ومشاعر الناس، والانضباط والنظام والقانون، وعلى أبناء الجيران وأبناء القرية وعلى المارة ضيوفا أو محليين.

وعلاقتي مع الله بقدر ما يكلفني بها على الأقل ترضيني ولم تغضب أحدا من الناس حتى الآن، وهو الكريم الذي لا يكلف نفسا إلا وسعها، وإيماني به إحساس نابع من أعماقي، لا يتقلّب مع تغيير ملابسي، وحبي لمخلوقات الله نابع أيضا من حبي له، وللبشر جميعا، لست ضابطا عسكريا ولا شرطة دينية مسئولا عن العباد، فهم جميعهم أخوة لي في الإنسانية، سواء عبدوا الله أو الحجر، بغض النظر أين يتجهون في صلواتهم.

ومع ذلك أحتار في البحث عن المحترم الذي يريدونه، وكيف يريدونه؟؟ أتساءل: هل يريدونني محترما كأولئك المحترمين الذين يزاحمون الناس في مناسباتهم؟

في المآتم يحتلون مكان أهل الفقيد وأبنائه الذين يضيعون بين الناس، بعد أن يحتل المحترمون جدا "المنصة" القدرية، يتلقون العزاء بدلا منهم! في الأعراس يزاحمون أبا العريس، أو العريس نفسه أحيانا، ليقفوا مكانهم يتلقون التهاني بدلا منهم! لأنهم يرفضون الجلوس مع عامة الناس خوفا على أبّهتهم ومراكزهم وبرستيجهم.

أم يريدونني كالتاجر أو صاحب المنصب الذي بين ليلة وضحاها استطاع أن يبني داره، من مصادر مشبوهة، ويكتب فوق قوس المدخل "هذا من فضل ربي" وفي صدر المضافة لوحة كُتِب عليها "يا رب بارك هذه الدار، وأصحاب هذه الدار".

أم مثل ذاك الموظف صاحب الراتب البسيط الذي لا يرافقه راتبه حتى آخر الشهر، تراه يركب أفخم السيارات، وتظهر عليه علامات الثراء الفاحش، يجلس في الصدارة، يعظ ويرشد وينبه من المخدرات والمشروبات الروحية والسرقة
والفساد.

أم يريدونني مثل أولئك الذين يدخلون أماكن الصلاة، يتخطون المصلين، يمرون فوق أكتافهم، ليصلوا إلى أماكن مخصصة لهم، في الصدارة، ليتكلموا عن التواضع والخضوع والخشوع والطاعة وعن المساواة بين الناس، واحترامهم، إن كانوا ذكورا، ويفرضون عقوبات من شأن رب العالمين، متآلين على الله، يصدرون أحكاما وفتاوى تكفّر هذا، وتحرم ذاك، وتبارك أولئك.[

أم مثل مقاول أصوات شعاره " أنا والطوفان من بعدي" يتاجر ببساطة الناس وجهلهم وسذاجتهم وضمائرهم، ليخدم أيديولوجية تعتمد القتل والتدمير والطرد، يجامل وينافق لتجميل "الأنا " قي عيون مسؤولين، اقلّ ما يستحقونه محاكمة دولية على جرائم حرب، لا تغسلها مياه البحر الأبيض المتوسط، أو مياه محيط، أي محيط.

أمام هذا الاستعراض السريع أقول لكل الذين يطالبونني أن أكون "محترما بمقاييسهم" فأنا كما أنا، يشرفني أن أحترم نفسي، واحترم الآخرين، ولي رب كريم، وضمير يرضى بي كما أنا، ويرضيني... وكفى!

توقيعي لأني أحِبّ شعبي حببتُ شعوب الأرض لكني لم أستطع أن أحِبّ ظالما

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים