وجود الإنسان غير منفصل عن الوجود الكوني !

14.03.2020 מאת: محمود شاهين
وجود الإنسان غير منفصل عن الوجود الكوني !


شاهينيات محمود شاهين 1420

اعتدت أن أكتب بلغة سهلة لإدراكي لصعوبة الفهم لدى معظم الناس ، إذا ما تم الحديث بلغة الفلسفة المعقدة  أوحتى بلغة العلم . حديثي اليوم عن تفاعلات المادة في الوجود ، المادة التي نحن جزء منها بالتأكيد .

وما إذا كان وجودنا كماده يتفاعل مع الوجود الكوني . لن أكتب بلغتي . سأقتبس مما خلص إليه الدكتور هشام غصيب عبر متابعته الدؤوبة لأبحاث العلماء والفلاسفة :

" أشار مفهوم التفاعل عن بعد إلى وحدة الكون المادي .فالتفاعل عن بعد بين أجزاء الطبيعة يومئ إلى وحدة عميقة تربط الأجزاء معا في كل مادي موحد . فالكون إذأً ليس كومة من الذرات التي تتصادم معا بين الفينة والأخرى ، وإنما هو واحد متنوع ، كل متنوع ، نظام يوحد التنوع "

" وقد تعمقت هذه الفكرة لاحقا حتى وصلت أوجها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، حين برز السؤال : إلى أي مدى يعتمد الجزء على الكل ، أي على الكون ؟ وهل يعتمد الجزء على عدد محدود من الأجزاء الأخرى القريبة منه ، أم أنه يعتمد على الكون برمته ؟ . وهل تعتمد بعض خصائص الجزء على محيطه المباشر أم أنه يستمد خصائصه جميعا ( أي جوهره ) من الكون برمته ؟ وكان الطارح الرئيسي لهذه الأسئلة هو الفيلسوف الوضعي والفيزيائي النمساوي إرنست ماخ . وقد توصل ماخ إلى نتيجة مفادها أن كل جسم يستمد جميع خصائصه الجوهرية ، بما في ذلك كتلته ، من تفاعله مع الكون برمته . وهو ما أخذ يعرف بمبدأ ماخ "

" وفي الخمس الأول من القرن العشرين ارتكز ألبرت آينشتاين على مبدأ ماخ في بنائه نظرية النسبية العامة وأنموذجه للكون . كما اكتشف آينشتاين وحدة أعمق للكون من تلك التي أوحى بها ماخ ، إذ تقودنا نظرية النسبية العامة إلى تصور الكون على أنه زمكان ( زمان – مكان ) موحد يشكل مجالا واحدا موحداً .

وقد نشأ هذا المجال من العدم ( الخلاء الفيزيائي ) منذ 13.7 مليار سنة ،على صورة نقطة متناهية الصغر . ثم نما بتسارع مذهل حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم . وما زال يتمدد بتسارع ، لكنه حافظ على وحدته الداخلية "(1)
* تعبير (الخلاء الفيزيائي) من عندي .وهو يعني العدم حسب قوانين الفيزياء وهو ليس عدما في الحقيقة لانبثاق النقطة المتحدث عنها منه.
(1) الدكتور هشام غصيب . العقل والمنهج في الثورة العلمية الكبرى . ص 106- 107
كانت هذه لغة الفلسفة ومنطق العلم . ماذا عن لغتي الصوفية ، وكيف عبرت عن هذا الكلام شعرا ونثرا في أشعار وكتابات كثيرة . سأورد ما قلته على لسان ملكة السماء في ملحمتي الأدبية " غوايات شيطانية " قبل أكثر من ربع قرن ، وملكة السماء كانت تؤمن بمفهومي للإله كمحبة مطلقة وخير مطلق وعدل مطلق وجمال مطلق ، وأن غايته من الخلق هي تحقيق قيم الخير والعدل والمحبة والجمال وبناء الحضارة الإنسانية . تقول منشدة حين يسألها الأديب الصاعد إلى السماء برفقة الشيطان عن مفهومها للتوحد :
كل واحدة منّا وكل واحد 
كل كائن في عالمنا وما هو غير كائن 
يتوحد بالآخر
كما الصفر يتوحد بكل الأرقام 
وكل رقم بالصفر يتوحد 
وحين تبدو اللغة صعبة نسبيا على الأديب . يسأل ملكة السماء :
وهل تتوحدون بالذات الإلهية أيضا وتتوحد هي بكم ؟
تجيب:
واحدية الله هي الأصل 
هي الأساس والنبع 
هي رعشة الروح 
السارية حياة في الكون
هي نقطة الماء في النهر والبحر
في التراب والجسد
في النبات والحجر
لولاها لما توحدنا
ولولاها لما تعددنا
ولما كان تعددنا في توحدنا
وتوحدنا الأبدي في تعددنا
هي الكل في الكل بالكلّ
والكل في الكل بالكل هي 
تسري بحركة دائبة
 في غيهب الكون 
والكائنات !
وبمعنى ديني صوفي : ليس في الوجود إلا الله !!
أدرك أن هذا الكلام صعب على المتعصبين لمعتقداتهم أن يفهموه ! لأنه الإيمان الصعب والسهل والإنساني في الوقت نفسه .. حين يدرك الانسان أن وجوده جزء من وجود كوني ( ولا مانع إطلاقا أن يكون وجودا إلهيا ، إنما حسب المفاهيم الواردة في النص ) حين يدرك الانسان ذلك ، يختلف سلوكه في الحياة ويرقى إلى القيم العليا التي لا غنى عنها لتطور المجتمعات .

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

תגובות

מומלצים