نظرة في الحرية !!!

لا شيء أثمن للإنسان من الحرية ، لأنها السعادة بأكملها ، لكن لا توجد حرية مطلقة ، فالإنسان في الحقيقة هو عبد مهما حاول التحرّر ، فهو عبد أولا واخرا لخالقه ، وعبد لجسده وعبد لتفكيره وعبد للبيئة والطبيعة وعبد لأهوائه شهواته وغرائزه  وحتى أنه عبد لحريته التي يطلبها لأن طلب الحرية تجعل الإنسان عبدا لها...فالحرية التي يطلبها الانسان هي ان يتجرّد من كل قيد وهذا شيء مستحيل ، لان الانسان إذا جاع فإنه يصبح عبدا لرغيف الخبز ولبطنه، وليس الحرية ان نقول ماذا نفكر به بل ان نفكر بماذا نقول ونعيه ، فمبالغة الانسان في طلب الحرية تجعله يضيع في فلكها فيفتقد الصواب والهدف وتصبح حياته بلا معنى لانه لا يجد الراحة والاستقرار والهدوء والطمأنينة .

17.11.2007 מאת: פורטל הכרמל והצפון
نظرة في الحرية !!!

فالحرية بمفهومها الصحيح هي ان يدير الانسان نفسه بنفسه ويكون مخيّرا في اعماله يفعل ما يشاء ولكن دون ان يقوم باعمال منافية للاخلاق والفضيلة ومؤذية للاخرين ، فلا يسرق ولا يقتل ولا يزني ولا يكذب ولا يشرب الخمر ولا يتعاطى السموم والمخدرات التي تفتك بصحته وسلوكه ، وايضا لا يحسد ولا يغتاب ولا يتعاطى النميمة والفساد بل يقوم باحترام الاخرين ، ويتواضع لهم ، ينصت لكلامهم ، يحترم ما يقولونه ، فالحرية متى كانت ملتزمة بالعقل السليم ، مقيّدة بنظام الفضيلة ، مطابقة لاقوال الفلاسفة الانبياء والحكماء ، تهدف الى بناء مجتمع فاضل مبني على الخصال الحميدة ، ومبني على المسامحة ، المحبة ، الوفاء ، العطاء ، وتدعو الى الارتقاء الفكري الديني والعلمي لخلق مجتمع مثقف ومتعلم ومتعاون في جميع نواحي الحياة ، لان المجتمع هو وحدة تكاملية لا يمكن تجزئته ، وفي حال انه تجزأ فانه بفقد تكامله ويصبح ناقصا ومبعثرا ومفرقا ، يفقد الجاذبية والاستقطاب ويهرب من نفسه ، وهذا ما نراه من مفهوم الحرية التي تغزو عالمنا من جهة الغرب ، فالغرب يدعو الى الحرية المنفلتة ( العلمانية الهدامة للدين والاخلاق ) والتي تدعو الى الفوضى وعدم الانضباط فيها ، يتمرد الفرد على الاسرة وبالتالي على المجتمع والذي هو مأوى الفرد .

فهذه الحرية المدمرة هي اساس الفشل والمحن والحروب والاوبئة والمجاعات في العالم والعذاب والتشريد والتقتيل والاجرام ، لانها شعارات طنانة يخدم مصالح شخصية فيها تستغل الشعوب وتسلب حقوقها وثرواتها الطبيعية باسم الحرية ، تلك الحرية المعسولة والتي هي السم القاتل للعنصر البشري لما تدعوه اليه من الفلتان وعدم التقيّد بشيء ، بل تدعو الى الثورة ضد العادات والتقاليد السليمة ، فلا هيبة للكبير ولا مودة للصغير ولا احترام متبادل ولا موافقة في الاراء ولا تجاذب ، بل كلها نفور وصراع وعدم رضوخ الواحد للاخر مما فكّك المجتمع وافقده صيغته التكاملية وابعده من الانقياد وراء المسؤول والقائد فانفقد القائد مما جعل المجتمع كالقطيع بلا راع وصار مهددا بالهلاك والضياع .

باختصار كلما تقدم الانسان في طلب الحرية فانه لا يجدها ، فاصبح عبدا لحريته مهزوما امامها ، حتى انه فقد سعادته من اجلها ومثل الانسان طالب الحرية المستحيلة كالمثل المنزل في القران بقوله تعالى : " كفروا أعمالهم  كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله "، بل وجد تعاسته هناك وفي الحقيقة الحرية الصحيحة هي تحرر الانسان من نفسه التي قال عنها خالقها تعالى : " النفس امارة بالسوء الا من رحم ربي "، ليصبح سيدا لها وحينها يكون هو الملك المالك والضابط لنفسه وهواه وغضبه وجميع جوارحه ومجردا من حكم المادة الفانية وهذا هو الكمال للعالم الانساني الذي شرّفه الله تعالى عن سائر مخلوقاته وجعله خليفة على الارض ليتحكم في مخلوقاتها وطبيعتها لتخدم مصالحه التي ارادها الله له .

תגובות

4. مجد وهبه לפני 16 שנים
يعطيك العافيه
3. מור לפני 16 שנים
שיך מוניר כל הכבוד אתה מדהים
2. غدير قنطار לפני 16 שנים
للشيخ منير المحترم
1. רובי לפני 16 שנים
חופש

מומלצים