وصية المرحوم سماحة الشيخ محمد ابو شقرا

وصية شيخ عقل الموحدين الدروز المرحوم سماحة الشيخ محمد ابو شقرا  يحث على استيعابها والأخذ بها من اهمية قصوى في الحاضر والمستقبل بالنسبة لطائفة الدروز الموحدة الكريمه عامة ولكل فرد من افرادها بصورة خاصة

29.01.2013 מאת: פורטל הכרמל והצפון
وصية المرحوم سماحة الشيخ محمد ابو شقرا

يوشك أن يرتفع بهيبته، أمام عينيك، ويخشع بتقيته لذكر الله، ولا يستعلي إلا باسم لبنان. إنه من الأفراد القلائل الذين صنعهم الله بشخصيتهم، ووهّبهم حضورهم، وأمدهم بالدراية والقامة والجبين. ونعم، إن مكانة سماحة الشيخ محمد أبو شقرا، لم تكن ترجع إلى علمه الواسع، فكم من كاذب في دنيا الناس يغطي شرّه بعلمه، ولكنها ترجع إلى صفات ناصعات صيغ بها وطبع عليها، فقد كان مؤمناً قوي الإيمان، مخلصاً لوطنه وملته، شجاعاً في الحق، لا يعرف التردد ولا المجاملة، كما كان معتمداً على الله، وعلى قوة الحق، وعلى الصراحة والوضوح، وكان بكل هذا شخصية مهيبة، يحيط بها الوقار ويحفها الجلال، وتشيع فيها الجرأة، ويشع منها اليقين.

تولى سماحة الشيخ محمد أبو شقرا مشيخة عقل الدروز (من سنة 1949 إلى حين وفاته سنة 1991) يوم كانت العمائم، لا تستتر إلا لعبادة وخلوة وورع، ولا تظهر، إلا لأمر بمعروف ونهي عن منكر، ولا تحفل بغير تهذيب الأخلاق واستشعار الخلاق، فلا تتجاوز الانفعال بالله إلى الانفعال بالدنيا، فإن فعلت كان فعلها وحدة الوطن والسلام، والإخاء، والخير العام.

هذه هي الخلال الروحية، والمسؤولية الوطنية، التي كان الراحل الكبير لا يعمل إلا بوحيها ولا يسير إلا بهديها، فإذا أظلمت سماء الوطن باليأس، أضاء فيها أقباس الرجاء، وإذا مال الدين إلى شهوة السياسة، أعاده من نفسه إلى حضن ربه، وإذا قيل "مَنْ فتى؟" خلته فارساً من فرسان الحق، وسيفاً من سيوف الله. فهل من غرابة أن ينال من رضا ربه ما تقر به عينه في قميصه الجديد؟ وأن يحصد من قلوب الناس ما زرع فيها من صالحات؟ وأن يسطع ذكره في القلوب فتستقيم، ثم تجري أعماله على الألسن، في كل مؤسسة أقامها ، فتنطلق أسلاتها عليه بالرحمة والثناء؟
تلك الحال كانت بالأمس، ولن تتكرر اليوم، تلك الحال كانت بالأمس رجلاً واحداً هو "صاحب السماحة"، ذلك الرجل الذي لا يعرف المستحيل، لأنه شجاع القلب، ولا ينام على انفصام الوطن، لأنه سليل التوحيد، ولا يتملق أحداً، لأنه محمد أبو شقرا.

وصيته:
بسم الله الرّحمن الرّحيم
اخواني وأبنائي
لم أشأ ان اغادر هذه الدار الفانية لملاقاة وجه ربي دون ان ابلغكم بعض هواجسي التي تغب عن تفكيري وتوجهاتي طوال حياتي وقد رأيت ان اوجز تلك الهواجس في هذه الرسالة التي وددت ان تحمل معنى (الوصيه) لما اعلقه على استيعابها والأخذ بها من اهمية قصوى في الحاضر والمستقبل بالنسبة لطائفتنا الموحدة الكريمه عامة ولكل فرد من افرادها بصورة خاصة

وعليه فاني اناشدكم بحق ما عرفتم به من اباء وشمم ووعي ومروءة
1-ان يتذكر كل فرد منكم دائما اصله وتراث الطائفة الموحدة وتاريخها وامجادها وان يروي لاحفادة واولاده ويزرع في افكارهم ونفوسهم فضيلة التمسك بالقواعد المسلكية والأخلاقية التي كانت وراء تلك الأمجاد الباهرة والتاريخ المضيء وان تحافظوا على تماسككم ووحدة صفكم في السراء والضراء على حد سواء

2-ان تعملو دائما على بقاء قيادتكم واحده موحده في جميع الظروف لأن التجارب الكثيرة التي مرت بها الأمم والشعوب قد اكدت ان لا منعة لاية امة ولا رفعة ولا تقدم ولا طمأنينة ولا استقرار ولا كرامة اذا ابتليت بالتخاصم والتفرق

3-احذركم من الهجرة المتماديه التي تحمل في طياتها بذور التفتت والتفكك المولدين للضعف العام على المدى الطويل مع ما ينشأ عن ذلك-في كثير من الاحيان- من فقدان لهوية وطنكم التي وفرت وتوفر لكم كل عوامل المهابة والاحترام والاستقرار

4-احذركم الزواج من الاجانب لما في ذلك من تنكر لمبادئ العقيدة التوحيدية وخروج عن كل تقاليدها وعاداتها الشريفة فضلا عما يتولد عن ذلك من طمس لهذه العادات والتقاليد ووأد لكل ما يتصل بها -مما نفخر به- من تاريخ وتراث لا تقتصر نتائجه عليكم بل تتعداكم الى ابنائكم الذين يصبحون في غربة تامة عن كل تلك القواعد الصلبة التي ساعدت ابائكم واجدادكم على النهوض بأشق المسؤوليات ومواجهة افدح الأخطار واحتلال المركز المرموق خلال تاريخهم الحافل بالمااثر والمروءات

5-احذركم من السقوط في حماة المخدرات وتعاطيها والمسكرات وممارسة العاب القمار والتدخين ليس لانها محرمات فحسب بل لانها تفقد الصحه والمال والرجولة والكرامة ايضا في احيان كثيرة

6- احثكم على الأقبال على تحصيل العلوم التطبيقية وعدم الاكتفاء بالعلوم النظرية كما احثكم على ايلاء النشاطات التجارية والصناعية والفنية المحترمة قسطا وافرا من جهدكم وذلك لكي لا يسبقكم الزمن فتظلو على ثقه وثيقة بما هو مألوف في العصر الذي تعيشون فيه والمليء بالتحديات القائمة بين الأفراد والجماعات

7-احثكم على الاهتمام بأقامة المؤسسات على اختلاف وجوهها ومواضيعها ونشاطاتها من صحية واجتماعية وتقافية وانسانية لأن المؤسسات السليمة تحصن وجودكم وتحفظ كرامتكم وتؤكد عزتكم وتساعدكن على تلبية حاجاتكم وتدفع بكم الى المام في مجالات التقدم والتحرر والأزدهار

هذه عي رسالتي بل وصيتي لكم ايها الأخوان والأبناء الموحدون واني لامل ان تتأملوا مضامينها وتدققوا ابعادها وتعلموا افرادا وجماعات لأني مؤمن بأن في الألتزام بها صونا لوجودكم الكريم وتحصينا لهذا الوجود في الوطن وخارج حدود الوطن على مدى الأيام والدهور والله المستعان على ما فيه خيركم وعزتكم وسعادتكم".

لقد كان شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ محمد أبو شقرا رجلا كفوءاً جديراً بهذا المنصب، ذا إرادة قوية وعزيمة صلبة. عاش حياة الجماعة وخالطها وعرف مكانها وأسرارها وقضاياها. وهي مخالطة ذات ثوابت ومقومات وتوجهات ومرتكزات أساسية جامعة شاملة تشد الجماعة إلى رحاب الوطن والى رؤية ثاقبة بصيرة تحفزها المشاركة الفعالة والديموقراطية الحقة، والحرية الملتزمة المتجذرة في التاريخ، وتطلعات عالية حريصة على المصالح العليا التي تجد تحقيقها في إطار إنساني منفتح يتجاوز عناصر التمييز والتفرقة، يسودها منطق التسامح والعدل والمساواة والديموقراطية. وان هذه الجماعات تؤمن بالعيش الحقيقي ووحدة المصير ووحدة الأهداف، والتعلق بالوطن وحريته واستقلاله.

ملأ دنياه عن جدارة واستحقاق وعلم وشجاعة. اهتم بشؤون الطائفة الدرزية التوحيدية بكثير من العناية والرعاية والاهتمام والعطف والجدية . وأرسى منطق التاريخ بين مؤسسات في كل الميادين العملية والإنمائية والأدبية والثقافية والعمرانية وأعلى شأنها.

نبذة عن حياته:

ولد في عماطور سنه 1910

عمل في التجارة بدمشق وتعلم فيها

شارك في الثورة الموحدة سنة 1925

انتخب لمنصب شيخ عقل الطائفة الموحدة سنو 1949

من اعماله

تنظيم شؤون الوقف الموحد

انشاء بيت الطائفة الموحده في بيروت

العمل على سن قانون مشيخة عقل الموحدون في لبنان

تأليف المجلس المذهبي للطائفة الموحده سنه 1962

انشاء بلدة المعروفية قرب عين عنوب في لبنان لتوطين مهاجري جبل الموحدون

توحيد كلمة الموحدون

انشاء المؤسسه الصحية الموحدة في عين وزين افتتحت سنه 1989

توفي في بيته في بعذران يوم 1991-10-24

بفقد هذا الرجل العظيم تكون الطائفة الدرزية قد فقدت ركناً من أركانها، ورجلا من رجالاتها، وفرداً دينياً في المقام الأول، وإنساناً صاحب مبادئ عامة وأخلاق قويمة ومزايا فاضلة لا اعدمنا الله من امثاله، رحمه الله رحمات وفيرة.

תגובות

מומלצים