صوتي لمن يمثلني ولا يقصيني/ لماذا قاطعت قوائم العضويّة؟

هديّة كيّوف طالبة جامعيّة، لقب ثاني قانون إداري، جامعة حيفا "النساء يشكّلن السواد الأعظم من مجموع عدد السكان. لكن، وبالرغم من ذلك، فإنّ التمثيل النّسائي في قوائم العضويّة في الانتخابات الأخيرة في عسفيا كان معدوما".

27.10.2013 מאת: هديّة كيّوف*
صوتي لمن يمثلني ولا يقصيني/ لماذا قاطعت قوائم العضويّة؟

إن نسبة النساء في البلاد، وفقا لمعطيات دائرة الإحصاء المركزيّة للعام 2012، بلغت الـ50.5%، أي أن النساء يشكّلن السواد الأعظم من مجموع عدد السكان. لكن، وبالرغم من ذلك، فإنّ التمثيل النّسائي في قوائم العضويّة في الانتخابات الأخيرة في عسفيا كان معدوما (ملاحظة: لا بد أن أستثني حركة "آمنت حقّقت" التي قامت بترشيح امرأة في قائمة عضويتها في المكان الثالث).

لقد قامت الدّكتورة نويا ريملاط، محاضرة في كلية الحقوق في جامعة حيفا، بتعداد أربعة أسباب رئيسيّة تفسّر فيها وتعطي إجابة للسؤال: "لماذا يُعَدّ التمثيل النسائي في القوائم الانتخابية بشكل متساوٍ ومنصف للمرأة في مراكز القوى السّياسيّة أمرًا ضروريًا؟". بداية، علّلت الدكتورة ريملاط أن تمثيل شريحة ما من المجتمع في مراكز قوى معينة عليه أن يعكس حجمها النّسبي الفعلي من مجموع عدد السكان في هذا المجتمع.

ومن هنا، نلاحظ أن هناك فجوة كبيرة وهائلة بين الحجم النسبي  لشريحة النساء في المجتمع وبين التّمثيل السّياسي لهنّ، وهذا الأمر إن دلّ على شيء فهو يدل على وجود تمييز واضح على أساس الجنس أو الجندر، مما يتطلب منّا محاربته  والقضاء عليه. ثانيا، الإستمرار في إقصاء المرأة عن المشهد السّياسي ينقل رسالة بخصوص المكانة الشرعية للمرأة في المجتمع وبأن السّاحة السّياسيّة والحيّز العام هما مكانان غير ملائمين للمرأة مقارنة بالرّجل، الأمر الذي يؤدي الى استنساخ واستدامة وضع التّمييز القائم. ثالثا، تهميش النّساء في المجالس المحليّة والكنيست والحكومة يؤدّي إلى قمع وتسكيت "صوت" آخر قد تجلبه النساء معهنّ إلى الساحة السياسية، وإلى تهميش مصالح واحتياجات تهمّ النساء في الخطاب الجماهيري العام. وأخيرا، مجتمع أكثر عدلا هو مجتمع أفضل ليس فقط للنّساء بل للرجال أيضا.

لقد قام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإصدار قرار رقم 1325 في العام 2000 بشأن المرأة، السلام والأمن، وشدّد على الحاجة في مشاركة النساء على كافة أصعدة صنع القرار وخصيصًا في عمليات السلام في المناطق التي تعاني من النزاعات، وعلى مراعاة خصوصيّة المرأة وتأمين احتياجاتها الخاصة ودعم دورها في المجالات العسكرية والمدنية والإنسانية والحقوقية. وإذا كان الأمر كذلك على الصّعيد الدّولي، فكم بالحري قضيّة تمثيل النّساء في المجالس المحليّة الّتي تهتم بشؤوننا اليوميّة والّتي لديها التّأثير الأكبر على مجرى حياتنا. مؤخّرا، قام مجلس الأمن بتعزيز إلتزامات سابقة، ومنها قرار رقم 1325 الّذي تمّ ذكره آنفا، ضمن قرار 1960 (2010)، حيث أن غالبيّة الدّول الأعضاء لم تنفّذه حتّى الآن.

الباحثة السبّاقة والنسويّة كارول جيليجان، مؤسّسة التيار النسوي الثقافي، قامت ببحث مشترك مع عالم النفس المعروف لورانس كولبرغ، الذي تمخّضت عنه نظريّة تدّعي فيها جيليجان أن للرجال وللنساء "أصوات" مختلفة. بشكل عام، الرجال يرون الأمور من خلال منظور يطمح لتحقيق العدل، الإنصياع للقوانين، تحليل الأمور بحسب قوانين المنطق، الفردويّة والإستقلال الذاتي. بينما النساء يرين الأمور بمنظور الإهتمام للآخرين، المراعاة والتواصل مع الآخرين، والإمتناع عن إلحاق الأذى بالآخرين حتى لو كان ثمن ذلك التضحية بالنفس.

برأيي، نحن نكتسب هذين المنظورين، رجالا أم نساء على حد سواء، من خلال عملية تذويت الأدوار الإجتماعية المعروفة والمتناقلة جيلا بعد جيل. عدا عن أن هذه الديكوتوميّة المطلقة غير حقيقية على أرض الواقع، فإن الإعتراف بالإختلافات بين الرجال والنساء وكأنها مُنزَلة وغير قابلة للتأويل هو أكبر خطأ ممكن أن نرتكبه. بحسب التيار النسوي الراديكالي، إن التمييز الجندري هو محصّلة لعبة قوى خُلقت على يد الرجال للسيطرة على النساء عن طريق قمع حرّياتهنّ وقمع جنسيّتهنّ.

أبسط مثال على ذلك هو أنه، إجتماعيًا، يُسمح للرجل التدخين، المبيت خارج البيت والسهر حتى ساعات متأخرة، في حين تُمنع النساء من هذه الأمور منعا باتًا. وإن تجرّأت امرأة على تحدّي هذا التمييز المجحف، يقوم المجتمع بمحاسبتها وبتلطيخ اسمها. التيار الراديكالي يؤمن بتغيير قوانين اللعبة من الأساس وليس بتغيير الأدوار في اللعبة.

عودة إلى موضوع تمثيل النساء، بودّي التشديد على نقطة في غاية الأهمية. من أراد وأرادت تمكين وتعزيز مكانة المرأة بشكل حقيقي عليه او عليها فتح المجال أمامها لكي تشترك في اتخاذ القرارات ودمجها عن طريق تخصيص أماكن ثابتة ومعقولة للنساء في المُنتدى المطلوب. إذ أردنا تطبيق ذلك على قوائم العضوية في عسفيا، فعلى الأعضاء إشراك النساء في التصويت واتخاذ القرارات، وترشيح امرأة في المكان الأول او الثاني على الأقل بحسب مقاربة التفضيل المصحح. بالإضافة، على الترشيح ألا يكون شكليًا، بل جوهريًا، وعلى المرأة التي تترشح أن تحمل تفكيرًا نسويًا وصوتًا بإمكانه إيصال احتياجات النساء لتحقيق المساواة العادلة بين الجنسين، وليس صوتًا ذكوريًا أبويًا الذي تعوّدنا عليه حتّى الآن.

وجب التنويه اني لا أدّعي أن الرجال حاكوا مؤامرة على النساء وبموجبها قاموا بإقصائهنّ مع سبق الإصرار. الواقع فُرض على كلا النساء والرجال. مثلما فرض عليّ أن أتحلى بالـ"أنوثة"، فُرض على الرجل أن يتحلى بالـ"رجولة". كلانا جيء به إلى مجتمع يشجع الطاعة ويعاقب على التشكيك في المعتقدات وفي العادات الإجتماعية. ولذلك، الخطوة الأولى في إحداث التّغيير هي التثقيف وترسيخ قيم المساواة وحقوق الانسان والحرية الشخصية.

اتّخذت قرار مقاطعة قوائم العضوية حتى أعلن عن موقف واضح، وأدعو جميع النساء اللواتي يحملن مثل أفكاري أن يتتبعن خطاي حتى يفهم المجتمع أننا بمثابة نصفه ويحق لنا الحصول على تمثيل عادل في جميع مؤسساته. كذلك، أدعو النساء للتكتل والتنظّم وإقامة قائمة نسويّة (feminist) ودعمها في الإنتخابات القادمة حتى نُسمع صوتنا المكتوم داخل المجلس وفي كل مكان على الساحة السياسية. عهد الأبوية ولّى وآن الأوان لأن نقف بجانب الرجال، نتخذ القرارات سويّة، لا أن نقف وراءهم كالتابعات.

תגובות

5. الخالة ذهبيه الى الغاليه هدي לפני 10 שנים
عسفيا
4. א-נ לפני 11 שנים
התפוח לא נופל רחוק מהעץ
3. אכלאס לפני 11 שנים
כל הכבוד על הכתבה
2. מישהי לפני 11 שנים
טוב גם עכשיו
1. أماني كيّوف לפני 11 שנים
كل الاحترام الى أغلى أخت

מומלצים