إنّا لله وإنّا إليه راجعون! "إم عطا تميمة القرا (فرحات)"

بكثير من الحزن والأسى والدموع، ودّع الأحبّة والأقرباء، ودّعت قرية دالية الكرمل المرحومة "إم عطا تميمة القرا (فرحات)" عن عمر يناهز السّابعة والسّتّين عاما.

26.06.2014 מאת: آمال ابو فارس

إنها شقيقتي وأختي، تربّينا في بطن واحد، ونشأنا في بيت واحد. ما يفرحها يفرحني، وما يحزنها يحزنني! فأنا وهي جسم واحد، وروح واحدة.

أختي...! كلمة ليست كباقي الكلمات... إنها ضلع من أضلاعي، وجزء من روحي، وعضو من أعضاء جسدي! هي إحدى عينيّ! ماذا يحدث للذي يفقد جزءا من روحه، ماذا يحصل للذي يفقد عضوا من جسده؟ أليس معاقا؟

نعم إنّي معاقة برحيلك أختي، لقد فقدت جزءا من روحي! وسأبقى هكذا، لأنك لن تعودي أبدا! لقد أصبحتُ يتيمة بعد رحيلك! ولست اليتيمة الوحيدة في هذه الدّنيا من بعدك! ففي تلك الدّار الّتي تحكي أسطورة حبّك، كل شيء يتيم!

تبكيكِ أشجار الزّيتون الّتي رعيتها وقطفتها بيديك! تبكيكِ أشجار السمّاق المحيطة بكل ركن من أركان منزلك! يبكيكِ الزّعتر، فكم قطفته بيديك المباركتين! تبكيكِ عروق العلت والخبيزة واللّوف والدّردار الّتي عشت عليها طيلة فصل الشّتاء! فلقد أحببت الأرض وخيرات الأرض، والعمل بها، ولا أذكر أني شاهدتك إلا بلباس العمل، تحملين هذه الخيرات بيديك، أو تطبخينها. الآن كل شيء أصبح يتيمًا من بعدك.

ها هي الأرض مشتاقة لك أختي حبيبتي، تريد أن تتعطر بطهرك، تريد أن تردّ لك جميل حبّك لها، ففتحت لك يديها لتحتفظ بجسدك الطّاهر! إنّها تعشقكِ كما عشقتِها!

يبكونك أحفادٌ تربّوا على عطفك وحنانك، تربّو على خبز يديكِ! يا صادقة اللسان، إنّكِ تنشرين المحبّة أينما حللتِ. أنت اسم على مسمّى: "إم عطا تميمة"، لأنّك انت العطاء، ولأنّكِ متيّمة بحبّ القريب والغريب! لقد اتّخذتِ بساطة العيش مسلكا، والسّخاء مذهبا! يا شمعة الدّار، سأرثيك بالنّسمات الشعريّة الّتي أرسلتها مرّة لأمي:

"أختي
يا قَمَرَ الدّارِ...
يا زَهْرَةَ الزَّيْتونِ
يا شجرة السّمّاق!
يا شَمْعَةً خَبَتْ...
بِرَحيلِكِ انْطَفَأَتِ النُّجومُ في الْفَضاء
وَتَحَوَّلَ الْقَمَرُ إلى مُحاق
واخْتَبَأَتِ الشَّمْسُ بَيْنَ الْغُيومِ
خَجَلًا...
وَرَهْبةً...
مِنْ ذلِكَ الْعِطْرِ الْمُعَبَّقِ في السَّماء
وما يُعَزّيني يا أُختي أَنَّني
سَأَسْتَنْشِقُ ضَوْعَ عِطْرِكِ الشّادي
في نَسْمَةِ الصَّيْفِ الْعَليلَة
في زَخَّةِ الْمَطَرِ الْغَزيرَة
مَعَ هَبَّةِ ريحِ الصَّبا
وَتَلَأْلُؤِ قَطْرِ النَّدى
وَهَديرِ صَوْتِ الْبَحْرِ في فَصْلِ الشِّتاء
فَأَنْتِ لَنْ تَموتي...
لَنْ تَموتيَ...مِنْ قَلْبي
فقد اسْتَوْطَنْتِ أَنْتِ عَرْشَهُ
حتّى يقضي الله في أمري
ويحكم ما يشاء".

תגובות

מומלצים