الى جنة المأوى يا اخي الشيخ ابا طاهر عنان ...

بسم الله الرّحمن الرّحيم, قال تعالى:" وبشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" صدق الله العظيم. المصاب أليم والخطب جلل،والقلب حزين والأجل وجل.

07.08.2014 מאת: منير فرّو

يطويَ العمرَ الجديدان، ولا فَوتَ من المَوت لإنسان، ولا بقاءَ لأي كائنٍ كان، بل كما قال عزّ من  قائل : " كلُّ مَن عليها فان ويبقى وجه ربِّك ذو الجلال والاكرام".

إن العاقلَ مَن أخذ من الدنيا ما يُصلحُ مثواهُ في اخراه، وخير الزاد هو زاد الآخرة، لأنه كما قال اصدق القائلين : " والاخرة خير لك من الاولى"، "وما حياة الدنيا الا متاع غرور"، وقال تعالى توكيدا: " تلك دار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين " صدق رب العزة.

قال أحد الحكماء في ذم الدنيا : " لعمري إن أحقَّ الناس بذم الدنيا مَن اعطي منها حظٍّا لانه يتوقع منها في كل يوم ان تعدو على ماله وولده او عزه او بدنه  او نفسه، فكيف لا تكون حياتها موتا ومصير الحي فيها الى الموت؟ وكيف لا يكون غناها فقرا؟  وليس يصيب احد منها شيئا الا احتاج الى شيء آخر يصلحه. وكيف لا يكون فرحها حزنا؟ وهي مرصدة لكل من اصاب منها فرحا بان يعقبه حزن. وليس يأمن صاحبها اذا رأى في امر من الامور مسرة ان يرى في ذلك الامر بعينه مضرة !

وكيف لا تكون صحتها سقما؟ وصحتها باعتدال اخلاطها المُجمّعة. وكيف لا تكون قوتها ضعفا؟ وهي مارّة الى الانحلال بلا بد. وكيف لا يكون عزّها ذلا؟ ولم نرَ فيها عزّا الا انتهى الى العزل. وكيف لا تكون لذتها ألما؟ وانما هي دفع الم وتنقطع في اقصر الازمنة، ويعقبها ذلك الالم الذي دفعته بعينه. فهي المحبوبة التي لا تحب احدا، اللاعبة بصاحبها بينما هي تطعمه اذ جعلته مأكولا، وبينما هي تستخدم له اذ جعلته خادما، تضحكه ثم تضحك منه، تُشمِّته ثم تشمِّت به، تبكيه ثم تبكي عليه، تعقد التاج على رأسه ثم تدفن رأسه في التراب،  تجمع له الاغاني والمضحكين والمادحين ثم تجمع عليه النوائح والباكين والنادبين".

وأنت يا أخي الراحل عنا يا شيخ الطهر والطهارة، يا عفيف الروح بالجدارة، ويا قاهر النفس الامارة، يا ابا طاهر عنان : كنت بصيرا بالدنيا منذ الصغر، نشأت وترعرعت في بيت والدك المرحوم الشيخ ابي ياسر شفيق، الذي ودعناه بالامس الذي ليس بعيد الى مثواه الاخير، والام الفاضلة ام ياسر اطال الله في عمرها والهمها الصبر على فراقك، فتزودت لاخراك قبل ان ترحل، وصبروا وصبرت على ما ابتلاك الله وكنت الامثل، كان لحضورك بين الاخوان ما يحرك به الجنان، ويصرح به اللسان، كنت متواضعا في السر والجهر، قليل الكلام الا فيما يرضي صاحب الامر، بشوشا محبا للإخوان على مدى الايام والدهر، باسطا لهم يدك السخية لا تتردد في حسنة خفية، مواظبا على العبادات طارحا منك الذات، متذللا بين يدي الخالق في الحضور والخلوات، كنت حامدا لله، شاكرا على نعماه، راضيا بقضاه، صابرا على بلواه، متوسلا مستشفعا برسوله ومن والاه، رحلت عنا بسرعة دون ساق انذار، ولكن ليس لنا في ذلك خيرة عند اصدار القرار، لقوله تعالى:

" اذا جاء اجلهم فلا يستاخرون ساعة ولا يستقدمون"، فلا اعتراض لنا على من يحكم على عباده بما يكرهون، وهو اللطيف الخبير، العادل في الحكم، المترفع عن الجور والظلم، المتسرمد بالبقاء، والذي لا يلحقه فناء، فله الملك الدائم، والعز القائم، خلقنا للزوال، وهو العلي المتعال .

فرحمات ربي تترى على روحك الطاهرة يا اخي والعزيز على قلبي، وعلى قلوب كل الاخوان، على امل اللقاء بك في دار النعيم والقرار، مع القوم الاخيار، والصحب الابرار، برفقة السيد الجليل المختار، وعزائي بابنك الشيخ طاهر الذي هو خير خلف لخير سلف، وبأخويك الشيخين ياسر وعمار، والاهل والاقارب والاخوان ومن اخلفت من بعدك في الدار، فقر عينا انك من اهل الجنة مع الملائكة الاطهار، وفيك اقول قول الشاعر:

يا من يخبرني عن جيرة رحلوا
                         اين استقاموا واي الارض قد نزلوا
واي دار رضوها يسكنون بها
                        واي ربع به من ربعنا بدلــــــــــوا
يا من رموا بسهام البين افئدتي
                        يا من بهجرانهم للقلب شغلـــــــوا
غبتم فغاب الهناء والعز بعدكم
                       وغاب رشدي وعقلي مسه الخبـــل
يا ليتنا ما عرفناكم احبتنا
                       ولا جمعنا بكم ربع ولا طلـــــــــــل

رحم الله فقيدنا الغالي أبا طاهر عنان وابقاكم  وانا لله وانا اليه راجعون .
الحزين على فراقك 

תגובות

מומלצים