عبد الناصر وجمهورية "الطرشان"

بودي هنا في هذا البحث المتواضع التطرق إلى جانب خاص من حياة ثلاثة عمالقة، جاد علينا الله سبحانه وتعالى بهم وهم، عطوفة سلطان باشا الأطرش والزعيم الخالد جمال عبد الناصر وموسيقار الأزمان فريد الأطرش.

06.12.2014 מאת: هادي زاهر
عبد الناصر وجمهورية "الطرشان"

لقد ربطت بين هؤلاء العمالقة عدة  عناصر منها:  شمولية الرؤيا، المحبة ، التضحية، الأصالة، الهدف.. النظرية، الممارسة والثورية، وأعتقد بان أحد لم يطرق هذا الأمر من هذا الباب؟ من هنا ارتأيت أن اكشف النقاب عن حقائق غابت عن  ذهن الكثيرين، سأحاول حصر بحثي هذا حول الثلاثة عمالقة، وسأعرج قليلًا على المواضيع ذات الصلة، لن يكون بحثي هذا منسقًا وفقًا للتسلسل الزمني لان سلطان الأطرش يكبر عبد الناصر، وفريد سنًا،  كما أنهما توفيا قبله  لذلك لا يمكن أن تتطابق خطواتهم زمنيًا، وإن تطابقت نظرية وممارسة وهو ما سنبرزه، هذا من ناحية من ناحية أخرى، أن هناك تجاهلًا  لهؤلاء الأشخاص مع سبق الإصرار، لأسباب عدة سنحاول أن نكشف النقاب عنها أملًا أن أكون قد وفقت في مهمتي.  

لا بد أن نتذكر في موسم (الثورات) العربية بعض كبار الثوار في العالم العربي في عصرنا الحديث ممن سجل اسمهم التاريخ بحروف من ذهب، بالرغم من محاولة طمس هذه الشخصيات التي لها الفضل الأكبر في  تحرير شعبنا العربي من نير الاستعمار، يقف في طليعة هؤلاء قائد ثورة سوريا الكبرى عطوفة سلطان باشا الأطرش وزملاؤه الذين افترشوا السماء غطاءً وأكلوا "العكوب" و"الزعتر" و"العلت" في منفاهم،  ومن المعروف أن الباشا كان مرهف الحس يتأثر أمام المواقف الإنسانية، إلا أنه كان عصيًا على الدمع إزاء الصعاب فبالرغم من إعدام والده "ذوقان الأطرش" على يد الأتراك ومقتل ابنه البكر "طلال"على يد الفرنسيين لم تسقط  دمعته إلى أن كان يوم سكب فيه دمعة حارة بعدما شاهد رجاله ورفاقه في المنفى يتقاسمون رغيفا واحدا من الخبز عند لجوئهم إلى منطقة "التبك" في صحراء السعودية حيث عاشوا في منطقة قاحلة لا أنيس فيها سوى صوت الوحوش ليل وفحيح الأفاعي نهارا،  لقد حز في نفس الباشا ما آل إليه وضع الثوار من جوع بلغ حد الموت بعد تحمل الثوار القتال والتشرد، كان من بين هؤلاء الثوار أمير السيف والقلم "عادل أرسلان " الذي وصف في قصيدته الموقف: وهذه بعض الأبيات من القصيدة:
 
يا ساهرا في النبك أين الأولى*****أنت من الشوف إليهم قريــح
في بـلقــع قفرٍ كان الســـمــاء*****لم تروه بالقطر من عهد نوح
إنــســـــانـــة ضبٌّ وأشجاره*****شيحٌ وأصوات التغني فـحيـح
وعـصبةٌ عـرباء فـوق الثـرى*****لكنها من مجدها في صروح
أخرســـها الصبـر من حـقهــا*****من طولِ ما عذبها أن تصيح
كل رغيفٍ أهله تســـــعة   *****     كأنما صلى عليه المسـيح

وهكذا يصف الشاعر جفاف الأرض القاحلة التي لم ترتوِ منذ زمن بعيد جدًا، ولكن ذلك لم يؤثر على معنوية الثوار، أما  البيت الأخير من القصيدة فيشير إلى عدد الثوار التسعة الذين تقاسموا رغيف الخبز المبارك، تيمنًا بالعشاء السرّي الذي باركه "السيد المسيح" في عرس "قانا" الجليل، وعلى ذكر "قانا" في الجليل نتذكر "قانا" في لبنان فالشيء بالشيء يذكر، نتذكر جرائم إسرائيل أثناء عدوانها على لبنان، كيف كانت في كل مرة تتضايق فيها تقوم بقصف الملاجئ في "قانا"على الأطفال والنساء والعجزة، كي تستدعي الضغط عليها وفقًا لما كتبه بوش الابن في مذكراته؟!!  
 وعودة إلى الثوار الذين لم يلينوا في وجه الاستعمار الفرنسي الذي تم قهره رغم معداته العسكرية وكثرة عدده مقابل ألأسلحة البدائية التي كانت بحوزتهم، لقد انتصر السيف على المدفع، والجواد على الطائرة، وقد تغنى كبار أدباء وشعراء الأمة ببطولات سلطان باشا الأطرش وبالثوار الدروز، والنماذج كثيرة ندرج بعضها ابتداء من أمير الشعراء "أحمد شوقي" الذي وصف سمات الثوار في قصيدة نكبة دمشق:
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
إلى أن يقول:

وَما كانَ الدُروزُ قَبيلَ شَرٍّ   وَإِن أُخِذوا بِما لَم يَستَحِقّوا
وَلَكِن ذادَةٌ وَقُــــــــراةُ ضَيفٍ كَيَنبوعِ الصَفا خَشُنوا وَرَقُّوا
لَهُم جَبَلٌ أَشَمُّ لَــــــــــهُ شَعافٌ مَوارِدُ في السَحابِ الجُونِ بُلقُ
لِكُلِّ لَبوءَةٍ وَلِكُـــــــلِّ شِبلٍ نِضالٌ دونَ غـايَتِهِ وَرَشقُ
كَأَنَّ مِنَ السَمَـــــوأَلِ فيهِ فَكُلُّ جِهاتِهِ شَرَفٌ وَخَلق
شاعر النيل "حافظ إبراهيم" الذي كان قد استحضر التاريخ ووصف الأطلال برؤية عصرية؟!! يشيد  ببطولات الثوار الذين يهون عليهم الموت في سبيل عزة الأمة :
من غطارفة في جلق نجب   ومن غطارفة في أرض حوران
عافوا المذلة في الدنيا فعندهم عز الحياة وعز الموت سيان
الشاعر العراقي "معروف الرصافي" لم يكن أقل مضاء في وصف تلك بطولات:
  كانوا أشد مضاء من صوارمهم    فليس  مثنيهم  ثان  إذا  هجموا
عند الهجوم كموج البحر تبصرهم وكالجبال الرواسي هم إذا التطموا

شعراء المهجر وان تركوا بلادهم إلا أنهم تركوا قلوبهم لدى شعبهم، وها هو الشاعر القروي "رشيد سليم الخوري" يشيد في قصيدة "الاستقلال حق لا هبة" ببطولة الثوار ويصف مدى شجاعتهم،  وقد جاءت على لسان قائد فرنسي مستنجداً:
صاحَ: المروءةَ يا فِرَنْجُ؛ فليس لي ***** في صد غارات الدروز يدانِ
عهدي بهم في السلم حُملانا فوا ***** رعباهُ بعدهمُ من الحُملانِ
لله منظرُهمْ إذا هزجوا وقد ***** هزُّوا الرماح لغارةٍ وطِعانِ
يَلْقون ( مِتْرِلْيوزَنا) بصدورهمْ ***** ويكافحون (التَّنْكَ) بالأبدانِ

هكذا يصور ملاقاة الثوار للمدافع والرشاشات والدبابات المجرمين الفرنسيين بأجسادهم، الروايات الشفهية تتحدث عن  سد فواهات الدبابات بعمائم المشايخ الأجلاء. بصفتي كاتب يساري قومي إذا صح التعبير لا أومن بالغيبيات ولكني أومن بأن الله يهب النصر لمن شاء،  ففي  أحدى المعارك  قصف الطيران الفرنسي الثوار، فقتل جواد سلطان وقطعت عنقه وثقبت شظايا القنابل الفرنسية العباءة التي كان يرتديها، إلا أن سلطان الأطرش لم يجرح بلطف من الله سبحانه وتعالى، فأخذ السيد "صبحي الخضرة" هذه العباءة ووضعها في متحف المسجد الأقصى في القدس، وهي مازالت هناك حتى الآن.

ويكمل  الشاعر القروي قصيدته:
ويكادُ يفترسُ العدوَّ جوادُهُ ***** فكأنه أَسَدٌ على سِرْحان
فَذٌّ كُفيتُ به سؤالَ الناس من ***** تَعني؟ وهل أعني سوى سلطان؟!
الشاعرالقروي " رشيد سليم الخوري" أحب الثور وقائدهم حبًا بليغًا كما هو واضح، وكان عندما يعود من المهجر إلى مسقط رأسه في لبنان يعرج إلى الجبل لزيارة الباشا في بيته، وها هو في قصيدته "سلطان باشا الأطرش والتنك"  يقول:
خففتَ لنجدة العاني سريعاً    *****  غضوباً لو رآكَ الليث ريعا
وحولكَ من بني معروف جمع ****  بهم وبدونهم تغني الجموعا
وثبتَ إلى سنام التنك وثباً    *****    عجيباً علّم النسر الوقوعا
فخرّ الجند فوق التنك صرعى  ****    وخرّ التنك تحتهم صريعا
فيالكَ غارة لو لم تُذِعْها     *****            أعادينا لكذّبنا المذيعا
ويا لكَ أطرشاً لما دعينا    *****         لثأر كنتَ أسمَعَنا جميعا

الشاعر "مسعود سماحة"  في صورة بلاغية  :
قالوا بني معروف قلت أعزة خُلق الزمان وفضلهم لم يخلق
غرسوا مجورات الحديد فأينعت ونمت أسنة  بغوطة  جلق
إن راودوا أمرًا ولو عرضت لهم جن الفلاة وأنسها يتحقق
والشاعر "إلياس فرحات" يصور تلك الرقة التي إذا ظلمت تنتفض لكرامتها :
للشآم تاريخ بصفحتكـــــــــم ....... صفحاته الغراء تكتمـــــــل
هي صفحة تعتز ما تليـــــت ......كلماتها وأعيدت الجمــــــــل
بلظى الوغى الحري مؤطــرة........ وعلى الوفا والفضل تشتمـل
يا سائلي عنهم أتجهلهم ....... وهم الذين على الوفا جبلوا
وهم بني معروف همتهم ......... بين الكواكب والورى مثـــل
البأس يركب كلما ركبـــــــوا ..... والحزم ينزل حيثما نزلــتـــــوا
والعدل  يجعل  شيخهم  حملاً ....فإذا  ظلمت  استأسد  الحمــــل
قبل رجوع الثوار إلى عرينهم بعد أن قضوا في المنفى عشر سنوات جرى لسلطان ورفاقه احتفال وداعي كبير في منزل زعيم حزب المؤتمر الوطني الأردني"حسين الطراونة"  وهناك ألقيت القصائد التي تثني على بطولات الثوار،.
الشاعر "حسني فريز"  القى قصيدة بعنوان البطولة الخالدة" جاء فيها:

ربة الشعر والمنى والخيال كيف شاهدت سيد الأبطال؟
ورأيت الفتى المدجج عزما يملأ الهند بالرماح العوالي
ورأيت الدروز في ساحة المجد وسلطانها أبا الأشبال
كيف شاهدته؟ يخوض في الهول ويفري الصفوف كالأجبال
ظل يوري البيداء حتى تناءى كل سيف عن الوغى والنزال
أيها النسر لا عدمناك نسراً افعم البيد بالحيا والنصال
حلق الآن لا تضرك جيوش أنت فوق الجيوش والأقيال

كما ألقى الشاعر "متري عبد الله حمارنة" قصيدة مؤثرة تفيض حماساً باسم " ثورة الحق"  وهذه أبيات منها:

ضراغم العرب هبت من مكامنها تحمي عرائنها والدهر أدوار
هبّوا لدفع الأذى عن حوض موطنهم ما عاقهم عن بلوغ القصد بتّار
لا الفقر عن طلب العلياء أقعدهم لا السجن لا الفتك لا التشريد لا النار
تدافعوا يدفعون الحيف وانطلقوا كأنهم مرجل بالهول فوّار
سل "ميشو" عن فعلهم في سهل "مزرعة" الفرد منهم على الآلاف كرّار
قد قادهم في ميادين العلى بطل ماضي العزيمة في الهوجاء مغوار
هي البطولة قد أعطت مقالدها "سلطان" وهي لباري القوس تختار
عودوا إلى الوطن الغالي يواكبكم مجد ونصر وإجلال وإكبار

في عمان تكونت لجنة خاصة لتكريم المجاهدين قبل عودتهم إلى سوريا وأقامت مهرجان  لتوديع الثوار في قاعة "البترا" عصر يوم الثلاثاء في 18 اذار سنة 1937 وكان الوفد الفلسطيني الضخم برئاسة الحاج أمين الحسيني. وقد تبارى الخطباء والمتكلمون بالإشادة بالمجاهدين الأبطال الذين قاوموا الاستعمار هذه السنين الطوال وقدموا مئات الشهداء في سبيل استقلال الوطن وعزّته، وتحمّلوا شظف العيش وقساوته في المنفى. ومن القصائد الرائعة التي ألقيت في هذا الاحتفال، قصيدة شاعر الأردن "مصطفى وهبي التل" بعنوان سلطان الأطرش تصور مدى تقدير الشاعر ومحبة للقائد:

ساءلتني يا ابنا ما خبره جار لنا ينمّ عنه مظهره
يفعم قلبي أن أراه شعور شعور فخر واعتزاز أشعره
فكنهه يعجزني تصوّره ولستُ أدري يا أبي ما مصدره
كأنه التنزيل تتلى سوره
مجاهد ومن هو المجاهد يذود عن أوطانه ما اللذائذ
رائده إسعادنا ما الرائد أسئلة ضقتُ بها يا بارد
فانظر بعينيك لما تناشد فجيشنا هذا وهذا القائد
حسب العرين أنه غضنفر
ولا تسلني يا أبي ما خبره فالقائد العائد هذا تنظره
والعمل الصالح هذا ثمره فقف وإخوانك كيما تنظره
يحفه أكبار شعب يكبّره وموطن صيره تذمره
يقسم أن يموت أو يحرره .

شعراء الأردن الأوفياء لم ينسوا، وان مر الزمان،  قصيد رثاء للشاعر الوطني الأردني "أديب نفاع" يشيد بها بالقائد يدعو الأمة العربية أن لا تنسى من رفع اسمها عاليًا بتضحياته :

شيعوه بالفخر والإجلال واحملوه على أكفّ الرجال
وازرعوا دربه وروداً وقولوا هاك يا لحد أعظم الأبطال
هاك (سلطان) فارساً عربياً ذكره شاع مع كريم الفعال
حمل السيف للجهاد بعزم راسخ ثابت كرسوخ الجبال
سار والصحب حوله ليلاقي جيش ظلم قد جاءنا لاحتلال
قال يا عُرب أبشروا بكفاح ونضال يفوق كل نضال
دوت الصرخة العظيمة تسري في الروابي وفي أعالي التلال
موطن العرب لن تُهان وفينا كل ليث وضيغم رئبال
قد عزمنا بأن نحقق نصراً فيه نقضي على قوى الأنذال
دافعوا عن عرين يعرب فخرا كدفاع الأسود والأشبال
حرَّروا الأرض من عدو لئيم وسقوا التربة من دماء غوالِ
وانثنى عائدا لصلخد يعلي علم العرب في شموخ الأعالي
يا فقيد الأوطان رحماك واقبّل من بلادي تحية الإجلال
من بلاد قضيتَ فيها زمانا ضيف عز واثبا للقتال
فتحت قلبها لكل أبيّ ماجد ثائر كريم الخصال
أمة العرب فاخري برجال قدّموا التضحيات للأجيال
أمة العرب فاخري بأباة هزئوا بالسجون والأغلال
بذلوا النفس والنفيس ليبقى شرف العرب في سماء التعالي
أمة العرب والمصاب جسيم خلدي ذكره مدى الأجيال.

من قصيدة  للشاعر "محمد حديفي"  هذه الأبيات التي تصف بدقة متناهية مزايا سلطان
 يا  سيد الساح  يا ليثًا بمعترك  يا ناطق الحق كم أسقطت تيجانا
شققت الصخر دربًا شائكًاً وعرًا وكنت كالصخر إذا واجهت طغيانا
وعشت عمرًا  بسيطًا في تواضعه  حتى غدوت مع الأيام سلطانا
يسارع  الدمع  من عينيك  منهمرًا إذا رأيت كسير  القلب عريانا

الشاعر الشعبي السوري " عمر الفرا يختتم قصيدته " أخو سميّه بهذه الابيات:
ونزلت هالغيمه المطارة
وشربو كل أولاد الحارة
نزلها سلطان الاطرش 
يوم أن كانت كل جراس العالم خرسا
بربعو ركع جيش فرنسا

قصائد الرثاء التي تبرز مدى محبة شعبنا للقادة المخلصين قد لا تحصى، وأن حاول الحاسدين تجاهلهم.. البرامج الدراسية في العالم العربي تتجاهل تضحيات الكثيرين من الأبطال الحقيقيين، وتبرز الحكام الذين يمصون دماء الشعب وتصورهم على أنهم الأبطال، ولكن كما قال مثلنا الشعبي:
"لا يمكن حجب السماوات بالعباءات"

وهنا أيضا في فلسطين ال48 قيلت القصائد في سلطان وها هو الشاعر "صالح محمد فارس" من قرية "حرفيش" يصف صفات سلطان بكثافة بالغة حيث يقول:
سلطان جاء يداوي الشرق من الم... كان المجير وكان الجود يعتزم
السيف صاحبه  والعز كــــاتبه ... والنصر رابته  والحرب تحتـــدم
ومن قرية " يركا " هذه بعض الأبيات من قصيدة الشاعر "يحيى عطالله":
بشعاعِ من صاغَ العُـلا ألـوانا .......... لتعـيدَ وجهـك مـشرقًا ريّانا

فانـزلْ بـناصيةِ الزّمان زمانا .......... جبلَ الـدّروز وشيـخَه سلطانا

سـلطان أطلـقَ صهوةً وعنانا .......... وبـيارقًا وبـواسلاً وحـسـانا

تخزي العدى وتشرّف الأوطانا .......... وكأن ذاك الطّـوْد والسّـكّانـا

وتَعافُ من غَـفرَ الهَوان وهانا .......... وسقَـتهُ غاديـةٌ سقَـتْ عدنانا

صانَ العَراقةَ في دِما من صانا.......... جعلتْ فرنسا ترهبُ الـنّعـمانا

وبالمناسبة نعتذر عن نشر نماذج أخرى لأننا عندها سنكون مضطرين لنشر كتاب خاص عما قيل في سلطان
  بطولات الثوار الأسطورية بهرت في  تلك الفترة وأثارت  كل  المتتبعين للأحداث، الهجمات على الثوار كانت كلها تتحطم على صخرة قوة وإرادة الثوار،  فبعد  معركة "الكفر" التي جرت في 1925- 7 – 18 والتي خذل فيها  الثوار القوات الفرنسية، يذكر الجنرال "اندريا"  أنه لم ينجو من هذه المعركة من الجنود الفرنسيين إلا خمسة، وهنا قرر الاستعمار شن هجمة شرسة بقيادة الجنرال " ميشو" لتعيد له هيبته فشن معركة في موقع" المزرعة '' بتاريخ 2 و3 آب 1925 وكان قوامها عدة فرق مسلّحة بأحدث الأسلحة آنذاك من طائرات ودبابات ومدافع ثقيلة ورشاشات فتّاكة، وكان عددها ثلاثة عشر ألف جندي وضابط، إلا أن الثوار وعددهم أربعمائة ثائر، قتل منهم 250 ثائرًا كان من بينهم " حمد بربور" وبالمقابل  تمكن الثوار من إبادة هذه الحملة في واحدة من  أقوى  معارك في التاريخ الحديث، ووقع الجنرال"ميشو"  في الأسر وأطلق سراحه ليكون المخبر الرسمي لحكومته عن حقيقة ما جرى.

وهنا نعود إلى قصيدة" ثورة الحق " للشاعر الأردني متري عبد لله حمارنة:
سل "ميشو" عن فعلهم في سهل " مزرعة" الفرد منهم على الاآاف كرّار

هكذا يصف الشاعر كيف أنتصر الكيف على الكم هذا الكيف، الثائر على الظلم.. المصر على أخذ حقه منهم مهما كلف الثمن، وقد انتشرت في جميع أنحاء الوطن العربي أنباء الثورة وانتصاراتها، كما بلغت أنباؤها أوروبا، فقدم إلى الجبل صحفيون من مختلف الدول الأوربية وشاهدوا آثار المعركة وأهوالها ويقول الدكتور إحسان الهندي من خلال برنامج خاص بثته قناة الجزيرة الوثائقية:
" إن هذه المعركة يجب أن تدرس في أعلى الكليات العسكرية ومدارس الأركان لاستخلاص العبر والاستفادة من التكتيك الذي أنتهج فيها"
الانتصار الأسطوري في هذه المعركة والتي غنم بها الثوار وفقًا لشهادة الدكتور إحسان الهندي نفسه كان 10 مدافع و40 رشاشًا و2500 قذيفة ومليون طلقة.
هذه المعركة زرعت الأمل والتفاؤل ودبت الحماس في نفوس الشرفاء من أبناء الأمة لتنقل الثورة من المحلية إلى التمرد العام وذلك بعد أن دخل على الخط الدكتور عبد الرحمن شهبندر وسعيد حيدر وحسن الحكيم وعارف النكدي، وساهموا في وضع أسس الثورة والتي على رأسها الشعار الذي أطلقه سلطان: "ألدين لله والوطن للجميع"

لقد رفع سلطان شعاره المعبر بكثافة بعد أن أدرك بأن الاستعمار سيدخل بلاده باسم الدين، وبعد أن برر وجوده بأنه جاء ليحمي المسيحيين من المسلمين، وقد قسم سوريا إلى "6" دول إضافة إلى لبنان وهي:
1 – دولة حلب
2 – دولة سنجق اسكندرونة
3 – دولة سنجق دور الزور
4 – دولة جبل العلويين
5 – دولة جبل الدروز
6 – دولة دمشق

إغراءات كثيرة قدمت لسلطان رفضها جميعها، هذا التقسيم أفرح قوى الظلام، التعصب والرجعية، وأغضب  قوى الخير  والانفتاح المدركة لحقيقة الاستعمار ونواياه التي هي  كما يقول مثلنا الشعبي " من برا رخام ومن جوا سخام"
وانتشر الثوار في جميع أنحاء سوريا، وهنا حشدت فرنسا 80 ألف جندي لإحكام سيطرتها على سوريا من جديد، فانتقل سلطان مع 300 ثائر وأسرهم إلى وادي سرحان في السعودية ليشنوا حرب العصابات من هناك.

وقد تغنى  كبار كتاب وشعراء  الأمة  بهذه البطولات كما ذكرنا ولا نستطيع في هذه العجالة استعرض الكثير مما كتب من مقالات وقصائد وأن استعرضنا بعض النماذج من قصائد الشعراء، نعتذر من الذين لم يتسع المجال لإيفائهم حقهم، وبطبيعة الحال هناك قصائد رائعة جدًا لم نستطع الوصول إليها.

ومن الثوار العرب الذين لن ينساهم التاريخ أيضا القائد الخالد جمال عبد الناصر الذي تميز كسلطان بتوجهاته الوحدوية وبالكبرياء القومي وتحدى إسرائيل والغرب الذين أرادوا إخضاع مصر وكسر شوكة المد القومي في عالمنا العربي لنهب ثرواته فشنوا هجومًا ثلاثيًا (انجلترا فرنسا وإسرائيل ) على مصر  سنة 1956 كان ذلك بحجة تأميم قناة السويس.لم يخف عبد الناصر من الموت تماما كسلطان الذي قال:
"أطلب الموت توهب لك الحياة". و" أن حربنا حرب مقدسة فلنغسل إهانة الأمة بدم البطولة ".
 وقد قال بالمقابل الزعيم الخالد.. أبو خالد جمال عبد الناصر:
" إن حياة أي إنسان هي وديعة لخالقه سيستردها حين يشاء "
من هنا قال أيضا :
"ولم تكن لي خشية على نفسي ، فأنا أقدر مسئولية ما فعلت منذ اليوم الأول الذي بدأت فيه العمل العظيم لتنظيم الثورة ولكن كانت الخشية على الوطن " و  " إذا مات جمال عبد الناصر ففي هذا البلد كثيرون سيحملون هذه الرسالة ويؤيدون هذه الأمانة حتى تتحقق وتتأكد العزة والكرامة ".
وقال: " لا نستطيع أن نقبل الإشراف الدولي علي قناة السويس إنه يعني الاستعمار المشترك".

تجاوزت رؤى عبد الناصر الإقليمية فدعم الثورات في  الوطن العربي وفي آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. و كان لعبد الناصر دور قيادي وأساسي في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في سنة 1964 وحركة عدم الانحياز الدولية . 
ربطت بين  العمالقة  الثلاثة.. عطوفة  سلطان باشا الأطرش الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وموسيقار الأزمان فريد الأطرش، المحبة  والثورة ونمط الحياة المتواضعة.. القناعة، ولا نريد أن نقول الفقر، لقد غادر عبد الناصر هذه الدنيا سنة 1970 دون أن يملك  بيتًا خاصًا، وحتى دون أن يخصص لأرملته معاشًا، خلافًا للكثيرين من الحكام العرب الذين يملكون المليارات ولا نريد أن نجري مقارنة بين ثروة عبد الناصر وثروة الرئيس المخلوع حسني مبارك، أما ما كان يملكه  سلطان باشا الأطرش المتوفي سنة 1982 فلا يتعدى جهد الفلاح المتواضع، وكان صاروخًا من طائرة فرنسية قد هدم بيته . 

سوف أحاول حصر بحثي هذا حول الثلاثة عمالقة،  وسأعرج قليلًا على المواضيع ذات الصلة من قريب وأحيانًا من بعيد؟!!

علاقة حميمة  ربطت سلطان باشا وعبد الناصر فكرًا وممارسة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ربطت هذه العلاقة بين عبد الناصر وفريد الأطرش الذي عبر عن روح الثورة بكثافة كبيرة، وكأني بفريد، عبد الرحمن الداخل (صقر قريش) الذي هرب من العباسيين ليبني دولة أموية في اسبانيا،  لقد هرب فريد وأسرته إلى مصر خوفًا من بطش الاستعمار الفرنسي الذي ينتظره كون والده" فؤاد" من قادة الثوار ضد الاستعمار، وهناك. التحق فريد بإحدى المدارس الفرنسية "الخرنفش" حيث اضطر إلى تغيير اسم عائلته فأصبحت , فريد كوسا " بدلاً من  فريد الأطرش وهذا ما كان يضايقه كثيرا، وكان ذات يوم أن زار المدرسة "هنري هوواين" فأعجب بغناء فريد وراح يشيد بعائلة الأطرش أمام أحد الأساتذة، وعندها طرد فريد من المدرسة. وهنا أعاد اسم عائلته العريقة خاصة وأنهم كانوا في عهدة رسمية بسبب العلاقة الجيدة بين سلطان باشا الأطرش وسعد زغلول، ليوصي زكي باشا إدخاله إلى معهد الموسيقى..وهنا كان لا بد من تحديد  الموقف في سبيل النجاح وها هو الاستنتاج يأتي على لسانه:

"علمتني الحياة أنها تيار مستمر متغير يتطلب العناد والحركة والمقاومة، أما من يتوقف فإن التيار يجرفه ويغرقه".
 هرب فريد من سوريا وكبر ليؤسس في مصر جمهورية فنية ملتزمة تربع خلالها على قمة العرش الفني لمدة تزيد على ثلاثين عامًا، أكثر من أي فنان آخر، حظي فيها بالاحترام  الكبير وكان رئيسًا لنقابة الفنانين عدة سنوات،  هذه الجمهورية  نعم بها كبار الموسيقيين العرب، نهلوا بل (ولطشوا) منها وقد أشار العالم العربي الموسيقي الكبير الدكتور "سعدلله أغا قلعة" (وزير السياحة السوري السابق) إلى ذلك بوضوح، مبينُا نماذج عينية تثبت ما ذهب إليه، البعض يجهل هذا الأمر ويرى فقط الجانب العاطفي لفريد.. يرى الجانب الحزين، هذا في حين أن الكثير من أغاني فريد تتحدث عن شتى نواحي الحياة والتي منها:  الفرح ،الحب، وغضب، وخاصة عن الثورة والوحدة العربية التي سنتحدث عنها في بحثنا هذا ولكن قبل ذلك سنعرض نموذج يتضح من خلاله بان فريد عنى للتفاؤل والفرح: " أنا بلبل" " غني العرب" والعديد غيرها

لن نكثر من النماذج التي تشير إلى الفرح التي أخذت قسطها الوافر من أغاني فريد لان ذلك خارج موضوع بحثنا.
" أنا بلبل" " غني العرب" والعديد غيرها
كما غنى  للحزن والتشاؤم
من الأغاني التي تعبر عن الفرح أغنية "الحياة حلوة" من كلمات "أحمد بدر خان" والتي  يصفها  تارة بالأغنية رائعة الأنغام، وتارة بالوردة التي يجب أن نرعاها وتارة أخرى بالجنة: 

الحياه حلوه بس نفهمها     الحياه غنوه محلا أنغامها

ارقصوا وغنوا وانسوا همومها دى الحياه حلوه

الحياه ورده للى يرعاها والحياه مره وحدة نحياها

פריד וסולטאןفوزوا بمتاعها وانسوا أوجاعها ليه نضيعها دى الحياه حلوه

الحياه تضحك للى تبسم واللى يكشر دى اللى يتألم

دى الحياه جنه عيشها واتهن وأوعى تستنى دى الحياه حلوه

الطيور غنت فى وياها ع الغصون حنت للاليف جاها

هنى أحبابك ود أصحابك وأرضى بما نابك.. الحياه حلوة

تمتزج الفرحة في الكثير من أغاني فريد بالثورة وتعالوا لنرى كيف يتم ذلك في أغنية "هلت ليالي" التي كتب كلماتها بيرم التونسي:

هلت ليالي حلوة وهنيه
ليالي رايحه.. وليالي جايه
فيها التجلي.. دائماً تمللي
ونورها ساطع من العلالي
هلت ليالي
إلى أن يقول:
في نور جمالك اللي تجلى
أعيادنا هلت مع الأهلة
فرحة ومسرة.. الله أكبر
على أمه حره.. الله أكبر
يا رب زيدنا.. وخذ بأيدنا
وأحفظ بلادنا اليوم وبكره

روح الثورة كانت حاضرة دائماً في أغاني فريد، وقد غنت شقيقته "اسمهان" من كلمات الشاعر الشعبي زيد الأطرش أغنية "يا ديرتي":
يا ديرتي، ما لك علينا لوم    *****   لا تعتبي لومك على مَن خان
حنّا روينا سيوفنا من القوم  *****   ما نرخصك، مثل العدو بأثمان
لا  بدّ  ما تذهب ليالي الشوم   *****  وتعتز  صربة  قادها سلطان
وإن ما تعدّل حقنا المهضوم   *****  يا ديرتي، م  حنّا لِك  سكان
علاقة الروحية إذا صح التعبير ربطت عبد الناصر بسلطان باشا

لقد أُعجب عبد الناصر بسلطان وبُهر بشخصيته وقد عبر عن ذلك بدقة متناهية عندما زاره في بيته في "القريا" وقال له:
"جئنا كي نتعلم منك الثور"
وعندما رد عليه سلطان:
فيكم البركة:
رد عبد الناصر قائلًا:
 وإذا كنا ثوارًا فأنت أبو الثوار".

اسقط جمال عبد الناصر زمن الوحدة بين سوريا ومصر لقب الباشا عن جميع (الباشوات) وأبقى هذا اللقب لسلطان فقط، الذي أحبه وأحب الدروز، بعد أن  اطلع على بطولاتهم.
 وكان الملك فيصل الأول قد منح سلطان لقب ال "باشا" سنة 1918 تقديرًا منه لبطولاته الخارقة بعد أن أتفق مع والده الشريف حسين  وشكل حملة من محاربي العشيرة مؤلفة من ثلاثة آلاف هجان و سيرها إلى الحجاز و كان على رأسها كل من أسد الأطرش و حمد البربور و عبدالله العبدالله و معذى المغوش .

و كانت أول قوة عربية دخلت دمشق بقيادة سلطان الأطرش مؤلفة من محاربي جبل الدروز سبقت الجيش العربي في دخوله المدينة . فاحتلت حي الميدان، وهنا بدأ معذى المغوش بالحداء :
وسعوا المرجة ترى المرجة لنا
وسعوا المرجة لتلعب خيلنا

أخذ الجيش التركي المتواجد على ضفة بردى ينسحب مشتتاً  وعندما رأى مصطفى "كمال اتاترك" الذي كان مقيم في فندق "فكتوريا " مقر قيادة الجيش التركي, على ضفة بردى مقابل دار الحكومة أو دار الولاية، جيشه يتقهقر ركب سيارته مغادراً دمشق مع حراسه باتجاه الشمال، وكانت وراءه سرية أخرى من الصاعقة تنسف الجسور في طريقها لتعرقل تقدم الثوار.
وهكذا انقلع الأتراك من سوريا بعد أن جثموا على صدر امتنا أكثر من 400 عامًا، بعد أن أعاثوا في الأرض فسادًا، هذا في حين أن الباشا سلطان كان يوصى الثوار دائمًا  قائلًا:
"يجب على الثوار، صيانة الأموال و النفوس ورعاية المصالح، والاعتناء بالطفولة واحترام  الأمهات و المحافظة على الأقليات، و من يجسر على ارتكاب الخيانة للبلاد، و للثورة يحاكم عسكرياً"

وها هو عبد الناصر يصدر بيانه بعد نجاح الثورة:
"أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر، وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب، وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية، وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف؛ لأن هذا ليس في صالح مصر، وإن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال، وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس، وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم، ويعتبر الجيش نفسه مسئولاً عنهم والله ولى التوفيق".

التوجهات متشابه تمامًا بين الزعيمين، إنها تعبر عن انسجام فكري ومبدئي ينعكس ممارسة.
بشع الأتراك في اضطهاد أجدادنا.. في مص دمائهم وسلب ثرواتهم وما زلت اذكر أبهام المرحوم والدي المبتور، كان قد  اقتيد وشقيقة "ظاهر" للخدمة في سيناء أثناء "حملة ترعة السويس الثانية" التي شنتها الدولة العثمانية في 27 يوليو 1916 ضد القوات الألمانية، وقد قتل شقيقه ولم يسمحوا  لوالدي إلقاء نظرة  وداع أخيرة على شقيقه فما كان منه إلا أن وضع أبهامه على فواهة البندقية وأطلق النار كي يعود إلى بلاده وقد نجحت خطته.

سلطان كان مثالًا  في سمو أخلاقه، لم يعرف الحقد طريقًا إلى قلبه وهذا ينعكس بقوله:
" قد سهّلنا دفن هؤلاء المساكين، الذين ذهبوا ضحايا المطامع الاستعمارية، ولم نسيء إلى الذين جاؤوا لدفن موتاهم، في ساحات القتال، عملاً بالحقوق الدولية"...

بعض المحللين النفسيين يعزون حقد " مصطفى كمال اتاترك"على الأمة العربية إلى تلك المعركة التي سحق فيها جيشه وهو يشاهد ذلك من شباك الفندق؟ 
 وكان الأتراك قد أعدموا عام 1911 زعيم الجبل ذوقان الأطرش والد سلطان بسبب ثورته على مظالمهم  ومحاولته تحرير البلاد من استعمارهم ، شهود عيان نقلوا عن إنه  أثناء إعدامه بتر الحبل ثلاث مرات وكان يقول لهم  بعد كل محاولة:"
إنها مشئة الله فأذعنوا لها"
ولكنهم أصروا على إعدامه وقد قرر "سامي القاروني" إعدام زعماء الجبل، فأعدم إضافة إلى الشيخ ذوقان 5 مشايخ وهم :
هزاع عز الدين
يحيى عامر 
مزيد عامر
محمد معوش
محمد القلعاني.

بعد هروب الأتراك جاء الفرنسيون جاهلين مصيرهم المحتوم في بلاد العرب، لقد أعلنها سلطان ثورة هادرة وأشار قائلاً:
"لقد أوقدنا نار الثورة الاستقلالية بعد أن رزحت البلاد تحت كابوس الاستعمار، ولسنا بتاركين من أيدينا سلاحاً حتى نبلغ بحد الحسام تمام المراد، وهو تخليص سوريا من احتلال المحتلين"...
ثم أصدر بيان الثورة الذي جاء فيه:
" إلى السلاح أيها الوطنيون.. إلى السلاح، تحقيقاً لأماني البلاد المقدسة.. إلى السلاح تأييداً لسيادة الشعب وحرية الأمة.. إلى السلاح بعدما سلب الأجنبي حقوقكم واستعبد بلادكم ونقض عهودكم ولم يحافظ على شرف الوعود الرسمية، وتناسى الأماني القومية ».

وكان أن أمر الجيش الفرنسي الملك "فيصل الأول" بالتنازل عن الملك ومغادرة سوريا فأذعن الملك وترك سلطان في المعركة، وهنا أرسل سلطان مبعوثًا لفيصل الأول  والقى به في ميناء حيفا وهو في طريقة إلى "إيطاليا" وأوصل له رسالة سلطان التي تدعوه إلى العودة وتكملة المعركة معًا فقال الملك للمبعوث:
" سلملي ع سلطان وقلو فات الميعاد"
لا يوجد ذكر لذلك في كتب التاريخ، إلا ما ندر وهنا ندعو إلى كتابة التاريخ بصدق بعيدًا عن الغايات المقاصد المختلفة.

القائد الخالد "جمال عبد الناصر" أحب (اطرشأ) أخر؟!!وهو الموسيقار فريد الأطرش أبن عم السلطان، ويعود حب عبد الناصر للفن إلى مرحلة دراسته الثانوية ففي ١٩٣٥ في حفل لمدرسة النهضة الثانوية في مدينة الإسكندرية لعب دور "يوليوس قيصر" بطل تحرير الجماهير في مسرحية "شكسبير"

تدفق  حس عبد الناصر  الوطني  الثوري في هذه المرحلة،  وقد جاء في رسالة أرسلها إلى صديقه " حسن النشار" في 1935-9- 4 ما يلي:
"أين من يقلب كل ذلك رأساً على عقب، ويعيد مصر إلى سيرتها الأولى يوم أن كانت مالكة العالم. أين من يخلق خلفاً جديداً لكي يصبح المصري الخافت الصوت الضعيف الأمل الذي يطرق برأسه ساكناً صابراً على اهتضام حقه ساهياً عن التلاعب بوطنه يقظاً عالي الصوت عظيم الرجاء رافعاً رأسه يجاهد بشجاعة وجرأه في طلب الاستقلال والحرية.. قال "مصطفى كامل " لو نقل قلبي من اليسار إلى اليمين أو تحرك الأهرام من مكانه المكين أو تغير مجرى [النيل] فلن أتغير عن المبدأ ... كل ذلك مقدمة طويلة لعمل أطول وأعظم فقد تكلمنا مرات عده في عمل يوقظ الأمة من غفوتها ويضرب على الأوتار الحساسة من القلوب ويستثير ما كمن في الصدور"

وفي ١٣ نوفمبر من نفس العام قاد مظاهرة من تلاميذ المدارس الثانوية وفور صدور تصريح "صمويل هور" – وزير الخارجية البريطانية – في ٩ نوفمبر١٩٣٥ معلناً رفض بريطانيا لعودة الحياة الدستورية في مصر، فأصيب  أثناء المظاهرة بجرح في جبينه.

وبالمقابل أحب فريد، عبد الناصر حبًا شديدًا، وغنى الأغاني الوطنية  التي تعبر عن الشعور القومي، الكثير من هذه الأغاني تحجبها قوى الظلام وأنصار التطرف الديني الذين يتنكرون للأحاسيس الإنسانية زاعمين بان الشعور القومي ما هو إلا إيديولوجيا؟! هذا علمًا بأننا نكاد نطير فرحًا عندما نعلم بأن عالمًا عربيًا قدم  اختراعا  أفاد به البشرية، بل حتى لمجرد مشاهدتنا فريقًا عربيًا لكرة القدم يتغلب على الفريق الأجنبي .

لقد أحب جمال عبد الناصر فريد ووقف إلى جانبه عندما حاولت  جهات معينة التخريب عليه، وخاصة في الإشكالية مع عبد الحليم حافظ  حيث اخذ المنظمين يقرون حفلات عبد الحليم في نفس اليوم ونفس الساعة التي يقيم فيها فريد حفلاته؟!! وهنا تدخل عبد الناصر شخصيًا لوقف هذه المهزلة، وقد سبق ذلك أن أمر عبد الناصر بإذاعة حفل فريد على الهواء مباشرة، وتسجيل حفل عبد الحليم وإذاعتها في اليوم التالي.

محاولات التخريب هذه امتدت إلى لبنان عام 1968، كان ذلك عندما قرر فريد إقامة حفلته السنوية في بيسين عاليه. وفوجئ اللبنانيون في اليوم الثاني بإعلان عن حفلة عبد الحليم حافظ في مدرج لبنان بين بعلشميه وبحمدون وبالليلة والتاريخ نفسيهما، وهنا بدأت التحديات والمشاكل بين جمهور وعشاق فريد وجمهور عبد الحليم وقد قام كبار المصلحين في مدينة عاليه بدعوة لإجماع طارئ في مركز البلدية بمشاركة نواب المنطقة وبعد التداول ومنعاً لأي مشاكل وردات فعل من قبل الفريقين تقرر وضع فريد وعبد الحليم بهذا الإجماع والقرارات التي صدرت عنه ومنها أن تقام الحفلتان في منطقة عاليه وأن تكون المدة بين كل حفلة فترة أسبوعين على الأكثر، على أن تكون الحفلة الأولى لفريد، ولكن الجمهور فوجئ بتواضع فريد المعهود عندما تنازل لتكون الحفلة الأولى لعبد الحليم في مدرج لبنان وأقترح أن يحضر الحفلة، وتكون الحفلة الثانية لفريد بعد أسبوعين "في بيسين عاليه"، ويكون بين الحاضرين عبد الحليم حافظ.

كان فريد متسامحًا لا يحب الالتفات إلى الوراء وقد عبر عن ذلك عندما غنى:
صلحني وسلم بأيدك
اللي قديمك ما يفيدك
لست ادري لماذا في كل مرة يُذكر فيها فريد يحاول البعض المقارنة بينه وبين  عبد الحليم حافظ، علمًا بان النشاطات الفنية التي قام بها عبد الحليم ضمن الغناء والتمثيل فقط، بينما كانت نشاطات فريد إضافة إلى ذلك العزف الرائع على العود، والتلحين الذي وزعه على كوكبة من كبار  المطربين والمطربات العرب، وهنا تحديدًا يقاس مجال الإبداع، بل أستطاع بألحانه أن يقدم  ويرفع عدد من كبار الفنانين والفنانات العرب إلى أعلى ويكفي  هذا التصريح من " شحرورة الوادي" المطربة الكبيرة صباح"

"لا عيب في أن أقول أن من رفعني  ومن قدمني  للجمهور هو الموسيقار فريد الأطرش"
وحتى لو قارنا بينهما في المجال الغنائي  نجد أن الفنان الكبير عبد الحليم حافظ لم يكن يملك الطاقة الصوتية التي كان يملكها فريد، وكان عبد الحليم يدرك جيدًا حيث مساحة صوته محدودة ولكنه كان يتصرف  بطبقاته الصوتية بحكمة كبيرة ، وفقًا لما تسمح له مساحة صوته التصرف هذه، بحيث أنه لم يكن يرتفع بصوته إلى طبقات علية كي لا يستنفذ طاقته الصوتية وعند النزول إلى طبقات أدنى لمواصلة الانسياب غير موفق، كما أنه لم يكن يتقن عملية المزج بين المقامات، ولكن عبد الحليم والحق يقال كان يتقن عملية التوصيل  بشكل رائع  ولا نغالي إذا قلنا ، قل مثيلها بحيث كان يعيش الكلمات بكل زخمها ويصيغها  أداء وفقًا  لمعانيها ليمنحها الصورة  الفنية والبعد الذي تستحقه، وهكذا ينقل المستمع إلى  رحلة روحية تحلق به إلى آفاق واسعة رائعة، وهذا لا يمكن أن يتم دون ترابط بين قلب المطرب ولسانه، كل ذلك لا يمنحه البلوغ إلى مرتبة فريد الفنية المتدفقة، أننا نحب المطرب  الكبير عبد الحليم حافظ  حبًا كبيرًا، ولكن إذا كان لا بد من المقارنة، فيجب مقارنته في مجال الغناء بين فريد الاطرش مع عبد الوهاب ومع المطرب اللبناني العملاق وديع الصافي.

البعض من الأخوة المصريين  ينغلقون على ما يجرى في بلادهم ويجهلون ما يجري خارج مصر ، وعلى سبيل المثال في حديث لي مع أحد الفنانين المصريين في مجال المسرح تبين لي بأنه  لم يسمع  بالفنان الكبير " دريد لحام"؟!!! وأعتقد بأن البعض استسلم  لمقولة " مصر أم الدنيا" وليعذرني هذا البعض ، لقد جاءت هذه المقولة  كون  سيدتنا "هاجر" كانت تسكن  مع زوجها أبراهيم الخليل أبو الأنبياء في مصر، وهي اليوم لا تعبر عن واقع الحال  مع محبتنا لمصر والمصريين ، خاصة وأن الحكام قبل وبعد عبد الناصر جردوها  من الكثير الذي لا مجال هنا لعرضه، البعض ينغلق على مصريته  بدلا من مواكبة العملية الفنية  في الوطن العربي  لندفع بعضنا البعض  في شتى نواحي الحياة لمنافسة الشعوب الأخرى  في المجالات الحياتية كلها.

تخطت علاقة عبد الناصر مع  فريد حدود  الصداقة العادية وحتى المحبة العادية إلى الإخوة الحقيقية، ولعل قبول عبد الناصر بالقيام  بمهمة بالنيابة عنه من أشد النماذج التي تثبت ذلك، ففي مطلع عام 1952 أنهى فريد الأطرش فيلمه السادس عشر " عهد الهوى" وكان من عادته أن يحضر العرض الأول لفلمه الذي أقيم في سينما " ديانا" يوم 1955 فبراير 7  وقد لبى عبد الناصر الطلب برفقة أعضاء مجلس الشعب، وكان شقيقه فؤاد قد توقع الاعتقال معتبرًا أن هذا الطلب وقاحة من قبل فريد، إلا أن عبد الناصر حضر الفلم برفقة مجلس الثورة، وقال عبد الناصر لفؤاد الأطرش في مدخل السينما:
" دير بالك ع فريد ده فريدنا كلنا" 
وكان  بعض لملحنين العرب يثنون على فريد المطرب للتغطية على فريد الموسيقار العالمي، وها هو عبد الوهاب يقول:
" أن فريد مطرب كبير من الدرجة الأولى"؟!!

لقد قال عبد الوهاب ما قال متجاهلًا فريد الأطرش الموسيقار خوفًا من أن يزيحه عن العرش؟!!
وهو نفسه ما قاله رياض السنباطي، هذا علمًا بان السنباطي كان معلم  فريد على العود وقد أعترف بتفوق تلميذه عليه في العزف على العود وهو الذي أطلق عليه، لقب " ملك العود" .
  فريد الأطرش هو الفنان الوحيد الذي زاره جمال عبد الناصر في منـزله بعد الثورة، هذا علماً بأن  عبد الناصر وكما جاء في مقال لسامي شرف نشر في موقع "الفكر العربي القومي " دعم المثقفين إيمانا منه بدورهم في بناء المجتمع المصري حتى لو اختلفوا معه  كانت متعته أن يشاهد فيلما سينمائيا هادفا، وكان يعجب بفيلم " فيفا زاباتا " لأنه كان يجسد عملية تحرير الفلاح من عبودية الإقطاع،  أما بالنسبة للأفلام الكوميدية فقد كان يحب أن يشاهد أفلام "بيتر سيلرز" ، والكوميديان الفرنسى "لوي دى فينيس " وكان جيمس ستيوارت نجمه المفضل في جميع أفلامه خصوصا تلك التي كانت تجسد الروابط العائلية والمثل والقيم ..وكثيرا ما كان يطلب مشاهدة فيلمه " It Is A Wonderfull Life " 
أما عن سبب زيارة عبد الناصر لفريد  فقد جاءت لرد الاعتبار أثر المضايقات والحملات المعادية التي كانت تشن ضده لكونه غير مصري..
 كما زاره في المستشفى أثر أزمة قلبية أصابته وعندما لم يتحمل فريد الصدمة  أثر نكسة حزيران سنة ال1967 وكان عبد الناصر قد تنحى عن منصبه من رئاسة الجمهورية، محملاً نفسه المسؤولية عن النكسة وعندما زاره عبد الناصر في المستشفى قال له:
"سلامتك يا حبيبي فريد شعب مصر والأمة العربية أجمع بحاجة لفنك ولعودك وصوتك وحنجرتك الرائعة وقلبك الكبير"
 فردّ عليه فريد:
" كيف أشفى وأغني وأنت بعيد عن أبنائك وشعبك خارج الحكم يا ريس، إذا وعدتني بالعودة عن قرارك. سأعود أنا أيضاً عن قراري وأبدأ نشاطي من جديد وأغني إلى جماهير عبد الناصر في كل مكان"
 وعندها قال له الزعيم الكبير وهو يهم بالرحيل:
 "أنت يا فريد يا أمير ابن الأمراء أصحاب البطولات والشجاعة والكرم والتضحيات. شفاك الله وأعطاك الصحة والقوة وسنلتقي معاً قريباً بإذن الله ونغني ونهتف سوياً لشعب مصر العظيم والأمة العربية".

وكان قد زار عبد الناصر، فريد ليشكره على تبرعه بإيراد حفل من حفلاته لمصلحة منكوبي فيضان حصل في قنا في صعيد مصر عام 1957.. وكان فريد يحيي الحفلات في مختلف البلاد العربية دون مقابل دعمًا للمجهود الحربي العربي.  وكان كريمًا يقدم المنح لطلاب الجامعات والمحتاجين ولدور العبادة من جوامع وكنائس وأديرة ومزارات ومنها دار الطائفة الدرزية في بيروت وبيت اليتيم - عبيه. ودور الأيتام الأخرى ولذوي الحاجات الخاصة الدائمة ولعائلات عديدة محتاجة ومستورة في لبنان وغيرها من العواصم العربية دون منة أو أي استغلال إعلامي من أجل الدعاية الشخصية وكان شعاره الدائم في الحياة:
"أعمل لدنياك كأنك تموت غداً، وأعمل لآخرتك كأنك تعيش أبدًا."
فريد الأطرش كان الناطق بلسان الأحرار وقام بهجاء الغزاة الطامعين في مصر، كان مدافعًا عن الثورة ومنجزاتها وغنى اللحن الخالد الذي عبر عن كلمات أحمد خميس حيث لاءم اللحن لمعنى الكلمات المعبرة:

أنت قبر للغزاة    لعنة على الطغاة
دعوة إلى الحياة    تعلن الفجر الجديد 
بور      سعيد       بور       سعيد
إننا نشاهد ملامح قوة دور عبد الناصر المناصر للفلاحين ونستحضر مبادئ الثورة و"الأرض لمن يفلحها" وهي حاضرة في أغاني فريد منها أغنية من كلمات حسين السيد :
يا مرحبا بك يا جمال         يا عيد ميلاد الثائرين
ثورة كفاح ثورة جمال        ح  تعيش لآلاف السنين
 يا مرحبا بك يا جمال
إلى أن يقول:
 وتشوف   ملامح       قوّته      في    السد      من      فوق القنال
عبر فريد بثقة عن الكثير من الحالات التي تواجه الأمة العربية عامة، وعمل على بث روح التفاؤل في نفوس اليائسين مستذكرًا الماضي المجيد كنموذج لبث روح الأمل لان إيمانه بانتصار الخير غير خاضع للجدل ليرن الشعار في مسامع المستمعين "إن للباطل جولة":
 شعبنا يوم الفدا   
لا تقل ضاع الرجا     ان للباطل جولة
ما لعدوان مفر   والوغى كرّ وفرّ
نحن  للتاريخ   أمجادا  بنينا   ورسالات  الهدى  بين   يدينا

في هذه الأغنية أبدع الموسيقار فريد الأطرش في وضع اللحن المناسب لهذه الكلمات التي يحن إليها لأنها تعبر عن بطولات أهله في سوريا، والتي عممها على الأمة العربية، خاصة ما قاله سلطان الأطرش:
" فوق أرضي لن يمروا وبها لن يستقروا"
والتي طورها الشاعر وعبر عنها بهذه الأبيات:
في طريق النصر لن نحني الجبين
لن يهون العزم فينا لن يهون
أرضنا للحق مهد
وانتصار الحق وعد
لم يدم للظلم عهد
لم  تعش للظلم دولة
لم  تعش للظلم دولة
إن للباطل جولة

الوحدة العربية التي طالما حلم بها سلطان أخذت قسطًا وافرًا من أغانيه التي قاربت ال 400 أغنية، أغنية "عيد الوحدة" الزاخرة بالمعاني السامية، يلتقي فيها فريد مع عبد الناصر ومع أبن عمه القائد الخالد سلطان الذي رفض التقسيم سوريا إلى دويلات طائفية ونذر حياته للوحدة العربية، تصدي من خلالها لعبث العنصريين الذين يزرعون الفتنة الطائفية في نفوس الشعب الواحد حين عبر بقوله المأثور :
"إن الدين لله والوطن للجميع"

وقد حدد سلطان الموقف بوضوح أكثر حين قال:
"نحن أمة عظيمة في تاريخها نبيلة في مقاصدها وقد نهضت تريد الحياة والحياة حق طبيعي وشرعي قسمها الاستعمار فوحدتها مبادئ حقوق الإنسان وفي هذا التوحيد لم يعد في سوريا درزي وسني وعلوي وشيعي ومسيحي بل أمة واحدة ولغة واحدة وتقاليد واحدة ومصالح واحدة فلتؤلف  قلوبنا بالإخاء القومي ومحبة الوطن ولتكن إرادتنا إرادة فولاذية"
وقال: لا تنافس في الأهواء، ولا خصومات، و لا أحقاد طائفية في الأمة المستضعفة، القوية بحقها المهضوم.
كان سلطان باشا الأطرش، متسامحًا منفتحاً على الآخرين تبرّع بأرض له لبناء كنيسة في قريته وأهداها الجَرَس.
من هنا استمد فريد موقفه وثوريته.. من تراث أجداده الأبطال في جبل العرب، وغنى للوحدة بآمال كبيرة، رافضا للانقسام الطائفي أو الديني والإقليمي:
قل لهم اين المفر    والوغى كر وفر
قد تآخينا هلالا  وصليبا   وتلاقينا بعيدا وقريبا
هلّل    الشعب     وكبّر الله   اكبر.. الله  اكبر.. الله اكبر..  الله اكبر
كما عبر عن هذه المعاني السامية في أغنية "يا بلادي" حيث قال:
يا بلادي يا بلادي
فيك عاشوا الأنبياء
فيك عاشوا الأوفياء
فيك أبطال الفداء
ينصروك يا بلادي
حتى يقول:
وفْ معركة الحرية
تحت الراية العربية
يجمعنا الجهاد الأكبر
ونردد الله أكبر
باسم الإنجيل والقرآن
يوم فداك يا بلادي

תגובות

מומלצים