"الدنيا آخر وقت"

تُرانا نعيش في عالَمَيْن: عالَم متقدّم وعالَم متخلف كعالمنا, فالعالم المتقدم يختلف في المفاهيم والتفكير والنظرة المستقبلية التنظيمية لبناء مجتمع متطور, عن العالَم المتخلّف الذي يأبى العيش إلا في إطار عقليات جامدة بدائية مقَوْقَعة.

11.04.2015 מאת: سامي منصور
"الدنيا آخر وقت"

 نبعث أولا إلى الأخوة المسيحيين في العالم عامة, وفي البلاد وخاصة في الكرمل بأحر التهاني والتبريكات بمناسبة الأعياد المجيدة, فكل عام وانتم بخير.

نحن نعيش في عصر, يزداد فيه إيمان العقلاء المؤمنين رسوخا بأن الساعة آتية لا ريب فيها, وتزداد فيه علامات القيامة, فعالميّاً انهارت دول عظمى كالاتحاد السوفييتي, وهُدِم سور برلين فتوحدّت ألمانيا, وظهرَت دول صناعية متطورة كاليابان والصين وكوريا, وتحضّرَت أمم كانت في الماضي متخلّفة, وفي المقابل نرى ازديادا في عدد قوّاتٍ وتنظيمات إرهابية تسفك دماء الأبرياء بوحشية, تحت غطاء الدين أو الوطنية أو الحرية, هذا عدا عن علامات التحذير من خالق البريّة كالزلازل والهزات الأرضية والأمراض الفتاكة, وأطفال تولَد في صور عجيبة يقف أمامها العِلم مشدوها, مما يدل على ضعف الإنسان وتخلّفِه رغم العقل الذي خصّه به الرحمن.

وهكذا, تُرانا نعيش في عالَمَيْن: عالَم متقدّم وعالَم متخلف كعالمنا, فالعالم المتقدم يختلف في المفاهيم والتفكير والنظرة المستقبلية التنظيمية لبناء مجتمع متطور, عن العالَم المتخلّف الذي يأبى العيش إلا في إطار عقليات جامدة بدائية مقَوْقَعة.

والمجتمع الذي يتوقّف دماغه عن التفكير بنظامه ورفاهيته ومستقبل أجياله, يتحول إلى طائفة من الغوغاء,دون أن يدري أو يعترف انه غوغاء. ( الغوغاء في اللغة هي الصوت والجلَبَة- الكثير المختلط من سفلة الناس, وفي الطبيعة هي صغار الجراد وصوت الجراد حين تصطدم ببعضها أثناء طيَرانها).

والغوغاء يعيشون على سطحية الأمور, وتبهير الكلمات وتُصَوّر لهم عقولهم المحدودة معجزة الانتصارات, فيزدادون تعنّتاً وقدرةً على إحداث الفِتَن والقلاقل, بأساليب تخلو من الحياء والخجل , ولكي يحاولوا نيل ما يريدون ينحدر أسلوبهم إلى مستوىً دنيء بعيدا عن رقيّ الكلام.

ونرى في عصرنا هذا بعض الزعامات المُزيَّفة التي تستغل الغوغائيين وتجنّدهم لنيل مآربها وللنيل من خصومها, فيلجأ هؤلاء إلى حرب الكلام وشتم الناس وإلصاق التهم الزائفة, وهذه هي حال السفهاء حين يولَدون في بيوت راقية " بالعِلم " و" الأدب " وكثرة المال, فتراهم لا يفقهون من العِلم أكثر مما يجهلون به, ولا من حُسن الأخلاق إلا ما يبتعدون عنه, ولا من الأدب إلا ما يعاكسونه, ومن المال الكثير ليصرفوه من أجل كسب التأييد لشخصهم وإعلاء شأنهم والنيل ممن يقف في طريقهم, فيتجمهر حولهم كل مَن يُنعَت بالغوغاء.

ونحن نعيش في هذا العصر تقدّماً زائفاً سيؤدّي حتما إلى التخلف بدلا من التقدم, وسبب ذلك أصحاب الأفكار السطحية الذين ينزلون بالمجتمع إلى الحضيض, ويرَوْنَ بأنفسهم أهلَ القمة الجالسين فوقها بلا منازع.

ومن علامات القيامة ما نراه من تفكك الأسَر وانتشار الفجور والرذيلة, وضياع الأخلاق وانحطاط القِيَم, وكثرة تعدّي السفهاء على الشرفاء,وظلم العبد للعبد وقسوة القلوب وفقدان الضمير الحيّ, فأصبح " الأخ كالفخّ والأقارب كالعقارب والغريب كالذئب, ودينَ الناس دنانيرُهم وأرذل الناس يريد أن يصير كبيرَها ".  

תגובות

מומלצים