تأثير المخدِّرات على حياة الإنسان

لتعاطي المخدرات والإدمان عليها أضرار وسلبيات كثيرة، مختلفة ومتعددة، فمنها العقلية، منها الجسدية، ومنها النفسية. فتؤدي المخدرات في حالة الإدمان عليها، إلى الاضمحلال البدني والانهيار النفسي والعصبي، الكآبة، العزلة، الهلوسة في السمع والبصر والأحاسيس والمشاعر.

11.04.2015 מאת: د. حسام خليل منصور
تأثير المخدِّرات على حياة الإنسان


 

للمخدِّر والمخدِّرات تعريفات متعددة، منها، أن المخدّر هو عقار يفقد الوعي، وهو أيضا طبيب التخدير (المنوّم)، ومنها، أن المخدّرات هي كل ما يشوش العقل أو يغيره في تفكيره، ومنها أنها كل مادة تُذهِب الحسّ، وقد تتكون من مواد طبيعية أو كيماوية تحتوي على مواد مثبطة أو منشطة إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية، وقد تكون كل مادة خام أو مستحضرة تحتوي على مواد منبهة أو مسكنة.

وهي أنواع عديدة، فمنها البنج، الحشيش، الأفيون، المورفين، الكوكايين، الحشيش، الماريغوانا، القات، الهيروين، عقار ل.س.د (L.S.D)- حامض ليسرجيك ديثلاميد. ويوجد أيضا مخدر آخر يُدعى مخدِّر الاغتصاب واختصاره GHB وهو حديث نسبيا وتأثيره السلبي كبير جدا على حياة الإنسان وخاصة المراهق، وقد أتحدث عنه وعن تأثيره بالتفصيل في مقالة أخرى.

وللتخدير أنواع وطرق عديدة ومختلفة، وهي كالآتي:
1 .تخدير عام يفقد المريض في هذا التخدير حس الألم ويفقد وعيه، ويستخدم هذا النوع من التخدير في العمليات الجراحية العامة غالبا.
2. تخدير موضعي يتميز بفقدان معكوس للإحساس في منطقة صغيرة من الجسم يطبق عليها المخدر.
3. تخدير منطقي يتميز بفقدان معكوس للإحساس وأحيانا الحركة في منطقة من الجسم عن طريق إجراء حصر انتقائي على مناطق من النخاع الشوكي أو الأعصاب التي تؤمن الإحساس والحركة لهذه المنطقة.

وتجدر الإشارة إلى أنه توجد لمتعاطي المخدرات والمدمن عليها علامات كثيرة منها: احمرار العينيين، الإكثار من النوم أو البقاء على يقظة ساعات طويلة، الضعف العام، تقلّب حالته المزاجية، العرق الكثير، إحاطة تصرفاته بالسرية والحيطة، الجدال حول أي شيء والتمرد دائمًا، طلبًا للمال بكثرة والسرقة بسب الحاجة لها، وارتكاب جرائم أخرى.

ويوجد لتعاطي المخدرات والإدمان عليها أسباب عديدة ومتعددة منها مشاكل أسرية واجتماعية واقتصادية، ومنها أصدقاء غير جيدين وغير ذلك، فللأصدقاء تأثير كبير على تصرفات صديقهم وسلوكه خاصة في مرحلة الشباب وجيل المراهقة، وبناء على هذا، فإن نوعية الأصدقاء تؤثر على تصرف صديقهم، فإذا كانوا يتعاطون الحشيش وغيره من المخدرات، فإنه سيقلدهم وسيتعاطى مثلهم، ومنها محاولة إثبات الرجولة الوهمية الخيالية أمام الأصدقاء، وقد يكون للفضول دور هام وكبير في حدوث الإدمان، حيث يرى الشخص صديقه أو شخصا آخر يستمتع بتدخين الحشيش، فيحاول تجريب هذا الحشيش بغية الاستمتاع به، وقد يسمع من غيره عن متعة المخدر الحشيش أو غيره فيستثير هذا الأمر فضوله فيُقبل على تجريبه واستعماله. 

ولتعاطي المخدرات والإدمان عليها أضرار وسلبيات كثيرة، مختلفة ومتعددة، فمنها العقلية، منها الجسدية، ومنها النفسية. سنعرض فيما يلي هذه الأضرار والسلبيات. فمن أضرار المخدرات العقلية للمخدرات، أنها تسبب خللا في العقل وتؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان عليها مما يضر بصحة الشخص جسميا ونفسيا واجتماعيا. وتؤدي المخدرات في حالة الإدمان عليها إلى الضعف العقلي فتؤثر على العقل من الناحية الوظيفية ويسبب تعاطيها التهابا وتلفا في خلايا المخ مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة وكثرة النسيان، وإلى تخيلات قد تؤدي إلى الخوف ثم إلى فقدان العقل بدرجات متفاوتة وأحيانا بالكلية.

ويسبب عقار الماريغوانا فرط تعاطيه حالة من الحلم حيث تكون الأفكار غير مترابطة، ويشعر المتعاطي بالخمول وعدم الاهتمام وبالاكتئاب أحيانا. وقد تؤدي المخدرات خاصة الكودائين والمورفين وعقار (L.S.D) إلى جرائم عديدة من أجل الحصول عليها مثل التهريب، السرقة، القتل والاغتصاب، ويميل المورفين بالشخص الذي يتناوله للغش والسرقة والكذب والسلوك الإجرامي عامة وقد يؤدي ذلك إلى تسبيب حادث طرق.

وكثيرا ما يرتكب المدمنون جرائم مختلفة دون وعي، وبعد انتهاء مفعول العقار لا يستطيع الشخص تذكّر التفاصيل. أما أضرار المخدرات الجسدية، فهي أنها المخدرات خاصة الكودائين والمورفين وعقار ل.س.د (L.S.D) تؤثر على الأعصاب، وأن المواد المخدرة بدخولها إلى البدن تؤثر على الجهاز العصبي، فيصاب الجسم بالفتور والخمول، ويشلّ نشاطه.

وتظهر علامات الإدمان على المدمن سريعا عندما يستعمل المورفين مثلا، فتجده ضعيف البنية، واهن الجسم، فاقد الشهية للطعام مع ضيق حدقة العين، ووجود آثار ندبات الحقن في ذراعه واضطرابات في الأطراف.

ويسبب تعاطي الحشيش زيادة عدد نبضات القلب، جفاف الفم والحلق، الغثيان والدوخة والقيء المصحوب بفقد الشهية للطعام، شعورا بحسن الحال، خفة في الرأس، نشوة مع كثرة الكلام، زيادة القدرة الحركية مع اضطراب القدرة على تعرّف الزمان والمكان، انعدام الإحساس بمرور الزمن. ومن تأثير مخدر القات أيضا عدا عن خروج أكله عن غير الاعتدال، هبوط، ذهول، تعب وإرهاق، وأيضا عزوف عن الطعام وجفاف الفم والشعور بالعطش والكسل.

ويجب التنويه إلى أن المخدرات تؤدي إلى الإصابة بمرض الإيدز-"متلازمة العوز المناعي المكتسب" ويحصل ذلك من خلال الحقن بالأوردة الدموية بالهيروين والكوكائين وغيرها من المخدرات بالأوردة  الدموية، وقد يحصل بطرق أخرى كالعلاقات الجنسية غير المشروعة ولن أفصّل في ذلك في هذه المقالة، فقد أتطرق إليها في مقالة منفردة لاحقا. أما أضرار المخدرات النفسية والاجتماعية، فتؤدي المخدرات في حالة الإدمان عليها، إلى الاضمحلال البدني والانهيار النفسي والعصبي، الكآبة، العزلة، الهلوسة في السمع والبصر والأحاسيس والمشاعر.

وهي تؤدي كذلك إلى إتلاف المال وخراب البيوت، وتؤثر في حكم العقل على الأشياء. ومن أبرز أضرار المخدرات النفسية أيضا حدوث اضطراب في تقدير الزمان والمكان مما ينتج عنه أحكام خاطئة، وضعف في التركيز، الأمر الذي يقلل من تفاعل المدمن مع محيطه بحيث لا يسعده شيء بقدر سعادته بالحصول على المخدرات. ومن أضرار المخدرات أيضا: انهيار المجتمع وضياعه وضياع الأسرة حيث تؤدي إلى تهديد الأسرة بالفقر والإفلاس، ثم تسوء معاملة الشخص الذي يستعملها لأسرته ولأقاربه فيسود التوتر والشقاق، وتنتشر الخلافات بين أفرادها، ويمتد هذا التأثير إلى خارج نطاق الأسرة، حيث الجيران والأصدقاء.

وقد وردت قصص كثيرة بهذا الصدد، أذكر منها قصة تحكي عن شاب بدأ يتعاطى المخدرات عندما كان في مرحلة المراهقة وكان يعمل حينها سائق شاحنة، فبدأ باستخدام الحبوب المنبهة لكي يسهر في الليل وينام في النهار، وبقي على هذه الحالة لمدة تزيد على ثلاث سنوات حتى اعتاد عليها بشكل كبير لا يستطيع العيش بدونها. عمل بعد ذلك بالتجارة وأشار عليه أحد أصدقاء السوء باستخدام الهيروين بدلا من الحبوب، وسُجن. وبعد خروجه من السـجن، أصبح عبدًا لهذه المادة اللعينة، فلا يستطيع النوم دون أخذ جرعة من الهيروين. ثم تدهـورت صحته بسرعة وساءت أموره المادية والمعنوية واضطرّ إلى ترك أولاده وعائلته هربًا من هذا الجحيم الذي وقع فيه بسبب المخدرات.

ويجب التنويه أيضا إلى تحميل الشخص الواقع تحت تأثير المخدِّرات المسؤولية عن أعماله الجنائية التي ارتكبها ويشمل ذلك تسبيبه حادث طرق، وذلك لفقده وعيه بإرادته من خلال تعاطيه لها، وأيضا إلى سبب سواقته وهو بهذه الحالة، وكذلك إلى أن هذا الفعل مخالف للقانون.

* تعتمد هذه المقالة على أطروحة الدكتوراه – جامعة تل أبيب-2011.

بقلم: د. حسام خليل منصور- باحث ومتخصص في مجال الأخلاقيات الطبية

תגובות

1. رفيق לפני 9 שנים
صح

מומלצים