بصراحة.. بكلّ صراحة

لم استغرب ما حدث في عسفيا من شلل, وقد جاء بعض أعضاء مجلسها من مجتمع غريب من نوعه, مجتمعٍ رجعي يدعو إلى التخلف وينكر التطور والازدهار, مجتمع مريض لا دواء له إلا الترفّع عن الأنانية, والمصلحة العائلية والمنفعة الفردية

12.12.2015 מאת: سامي منصور
بصراحة.. بكلّ صراحة

ويخال لي أحيانا أن الله سبحانه جبلَ في بلدتي أناسا من غير طينة باقي الأمم. ففي انتخابات 2013 للسلطات المحلية ظهرَت في عسفيا وجوه شابة جديدة على الحلبة السياسية, وجوه واعدة حسب وعودها ظننّا فيها الوعدَ والدواء للمجتمع, وتخيّلنا أننا في سبيل التطور الفكري والعمراني, ولكن ظهر للعيان "مطرح ما.....شنقوه ", فلم يتبدّل شيء عما كان في القرن الماضي, إذ سرعان ما قامت فئات محبَطة لسبب أو لآخر, منها مَن تُحركها كراهية عمياء متوارثة, ومنها مَن يسيّرها حقد اسود وضمير ميّت, ومنها مَن تشرّب الكراهية والحقد وتأثّر بمن دفعه إلى السياسة, ومنها مَن يدفعه الانتقام الشخصي, فأخذَت هذه الفئات بالتآمر على المصلحة العامة, وفي غمرة حقدها الجنوني الشخصي على رئيس البلد كانت على استعداد للتدمير والحرق, كما فعل القيصر نيرون الذي احرق روما وهو يعزف على قيثارته.

قامت هذه الفئات بُعَيد الأيام الأولى للانتخابات بالبحث والنبش والتنقيب, عن كل صغيرة وكبيرة في السلطة, وعيّنَت لها جواسيس وعملاء في كل مكان ( حتى في مكتب البريد كان في حينه مَن يدخل ليطّلع على رسائل شخصية ورأيتُ هذا بأم عيني ).

قامت هذه الفئات بإرسال مئات الرسائل إلى الدوائر الحكومية المختلفة, ضد الرئيس والسلطة مُختلِقةً ادعاءات كاذبة, مُلفِّقة اتهامات باطلة خطيرة منها " التلاعب " بالأموال العامة, وتناست مَن قام ببيع وقْف الزيتون ( أكثر من 500 شجرة ) في القرن الماضي, وتقاسَم الأموال التي كانت مودعة في خزنة مدّعيا أنها سُرِقت, وكل ذلك من اجل الجاه والسياسة الضيقة.

هذه الفئات تسير في درب النفاق والافتراء والحسد, وفي نظرها مباحة كل الوسائل لنيل غرضها. والغريب العجيب أن هذه الفئات تبنّت بعض أعضاء المجلس, بمغريات مختلفة, حتى صاروا كالخواتم في أصابعها أو كالدّمى في مسارح العرائس تُحركها وفق إرادتها.

ولا نريد الإسهاب في هذا الأمر فقد رأته غالبية المواطنين في جلسات المجلس, وربما خجُلَت بما رأت, من الكراهية والحقد والاستعلاء والعجرفة والاستهتار بمعقوليتهم.

هذه الفئات لا تحس بالانتماء الكليّ لهذا المجتمع, ولهذه البلدة التي ترعرعَت في أحضانها, لذا لا تعني لها شيئا أمورُ هذه البلدة. وقد سُئِل احد الأعضاء البارزين بالمعارضة الهدامة: " لماذا لا تصادقون على الميزانية مع أنها لمصلحة البلدة", فأجاب:" إنها ميزانية ممتازة ولو وافقنا عليها لبقي الرئيس إلى الأبد, وهدفنا هو الإطاحة به ".

وقال عضو آخر : " نحن نسير حسب مبادئنا التي تقول إننا منذ البداية في المعارضة ",

وثالث يقول : " لقد ضغطَت عليّ جماعتي على أن أعارض", وغير ذلك من أعذار أقبح من الذنوب.

أنا لست ضد مبدأ المعارضة, فمن حق كل عضو في السلطة أن يعارض ما يراه, ضمن المعقول, بل يجب أن تكون هناك معارضة في كل مؤسسة ديمقراطية, ولكن للمعارضة أنواعا, فهناك المعارضة البنّاءة التي تعارض أمرا لا يمكن تنفيذه, أو قابلا للتأجيل, وهناك المعارضة من أجل المعارضة, وهناك المعارضة الهدامة التي تعارض لغاية في نفوس مرسليها, وهذه هي المعارضة في عسفيا, فقد يكاد لا يخفى على احد أن هناك أيادٍ طولى, من البلدة وخارجها تريد زعزعة الاستقرار, وإظهار السلطة كفاشلة بل أسوأ من ذلك, بعد أن وجدَت لها مرتعا من المنتفعين الفاسدين, وأقول هذا على مسؤوليتي.

أنا لا اعفي رئيس السلطة من الأخطاء, فقد كانت أخطاء في السابق, وتوجد أخطاء في الحاضر, وستكون أخطاء في المستقبل ربما غير متعمدة وأتمنى أنها غير مقصودة, والقائد الحكيم يتعلم من أخطائه, ولكن خطأ المعارضة هنا كان فادحا, فقد أخطأتْ بحق آبائها وأمهاتها وأبنائها والأجيال القادمة.

ولا بد من كلمة عن التخطيط: لا يمكن لمجتمع أن يرقى إلا بالتخطيط والتنازل والتعاون, فالبلدة تتوسع ولا بد من تخطيط مُجدٍ للأجيال الصاعدة, ولكم عبرة من أوروبا التي تهدّمتْ في الحرب العالمية, فصارت بفضل التخطيط جنة على الأرض, ولكي تأخذ عليك أن تعطي.

وكلمة أخيرة : استيقظي يا بلدتي وافيقي قبل الوقوع في الهاوية, هاوية الإجرام والانحطاط الخلقي والوضاعة والإفلاس الأخلاقي والاجتماعي, أفيقوا يا أهالي عسفيا فيكفي سباتا وسكوتا عما يجري بين ظهرانينا, كفى لدفن الرؤوس في الرمال, كفى للسكوت على الباطل, كفى قولا: " حايد عن ظهري بسيطة ".

תגובות

מומלצים