"كول هكفود لخيم"

نحن نعاني من سوء التقدير.. نقرع راحة النيام وعندما نُسأل، نقاتل على أن ذلك يندرج ضمن الحرية الشخصية.. نسابق الريح.. نسير بسرعة جنونية.. وعند وقوع المأساة نتدفق إيمانًا ونمنح المأساة أبعادًا قدرية؟!!

نحن نزعم بأننا مثقفون.. عندما نتحدث ندخل "الاوكي""والمرسي" في محادثاتنا لنبرهن أننا نجيد كافة اللغات وهيهات.. هيهات أن نفهم معاني الحروف الأبجدية .

العالم مشغول في التفكير، يعمل على الابداع  والاختراعات التكنولوجية..  في نشر الاخضرار.. تربية العصافير لنشر البهاء حول الدار.. في نشر الرفاهية  ونحن مشغولون بتلميع الشبابيك.. نرمي نفاياتنا تحتها ؟! جودة البيئة لدينا ليست ضمن الاعتبار.. نرمي نفاياتنا حيث يجب أن نتنزه.. حيث يجب أن نسترخي في الحرش تحت الأشجار؟!!

العالم مشغول في خلق أجواء الحب والمثالية.. ونحن ينهشنا حب الذات وتفتك بنا الأنانية.. العالم مشغول بالتفتيش عن الأصدقاء خلف المحيطات والبحار.. ونحن.. لأتفه الأسباب نعادي القريب والجار.. حتى لو كان الحيط على الحيط، ولا يفصلنا عنه شعرة أو خيط .

العلم مشغول في التربية  الأبناء على قيم التسامح والإنسانية، ونحن ندُكهم حقدًا وكراهية.. وعند وقوع العراك لأتفه الاسباب ونقع في ورطة  نقدم الاعتذار؟!  متجاهلين إننا ربيناهم وسط أجواء غير صحية.. يتلاعب  في مصيرنا  من وراء  الكواليس، شقي وشقية؟.. نخدم.. نقدم الارواح لمن يسلب لنا الاخضر واليابس ويتمنى لنا المنية نُمزق بعضنا بعضا.. ونزعم أننا أرباب الود والحنية.. نُمزق بعضنا بعضا ونتغنى بحفظ الإخوان وبقيمنا الروحية.. نزعم أننا كصوت الصدى عند الضرب على الصحائف النحاسية!!

كلنا يجيد فن الانتقاد ودفع الضريبة الكلامية.. "لقد خلق الله واحدنا وكسر القالب".. ليس هناك فينا من لا يعاني من النرجسية.. ونحن في الحقيقة لسنا سوى تنكة مصدية .

نكذب ونقنع أنفسنا بأننا صادقون.. هذا يطعن في عرض ذاك ولا يلبث أن يخطب ابنته البهية.

أجسادنا في عصرنا هذا وعقولنا في العصور الجاهلية.. نبني مقامات شاهقة.. نزّينها بالأعمدة الرخامية.. نزعم أننا نعبد الله.. ونحن في الحقيقة نعبد الأشياء الشكلية.. يهمنا الملبس والسيارة ونغطي عورتنا خلف النظارات  الشمسية.. نزعم أننا نباتيون نذهب إلى اضرحة الاولياء، نشعل المناقل ونأكل اللحمة المشوية.

نحن نجمع عيوب الدنيا كلها.. تنهشنا التناقضات والعقد النفسية، لقد وقعنا ضحية، وأي ضحية.. لم نرَ ابعد من أنوفنا.. قبلنا أن نقوم بما يجب أن لا نقوم به، بعد أن أضعنا الهوية.. يمتطينا لصوص الأرض.. يدفعوننا في سبيل تحقيق أهدافهم.. يطبطبون على ظهورنا "كول هكفود لخيم"  كل الاحترام لكم -  فنطير فرحًا.. نعتقد  من شدة غبائنا وعقولنا السطحية، نعتقد بأننا قمنا بإعمال بطولية؟! ونحن في الحقيقة عبيد مخصيه.. ادة طيعة  ننفذ أهدافهم  الجهنمية.. وعندما تنتهي مهمتنا نُرمى، بصريح العبارة، كما تُرمى السرماية مهترية.. بين الفينة والأخرى عندما ترتفع معنوياتنا قليلًا  يخرج منهم من يقول لنا: "ما انتم سوى مرتزقة" أداة رخيصة في ايادينا.. نمسح البصقة.. نمتص الإهانة ولا نتململ، وهناك من يجد لهم المبررات ويُكابر زاعمًا أننا نحيا حياة هنية.

نرعد ونزبد على الضعفاء؟! ونخشى أن نُدافع عن أرضنا كما تقتضي الحمية.. نتهرب من المواجهة بألف حيلة وحجة وهمية.. ونغطي ذلك بالتغني بتاريخ أجدادنا وسيرهم البطولية.. نزاود في الوسيعة.. وعند الجد كل مشغول في ألوردية نتجاهل سياسة "فرق تسد" التي استطاعت أن تمزقنا والتي تهدف إلى سلبنا حتى السرير والبطانية..نحن لا نجرؤ على مواجهة عدونا الحقيقي فنسب على بعضنا بعضا.. ونزعم بأننا بين الأشواك ورود ندية..علينا أن ننتفض.. لا تجوز هذه البساطة، لا يجوز هذا الصمت.. علينا أن نتمرد على هذا الواقع التعيس.. أن نكف عن كوننا إمعات بيد إبليس.. لماذا ننجب؟

هل كي نمنح ما ورثناه أبا عن جد، هدية للصهيونية؟.. كفوا عن الإنجاب أو تصدوا للسارق الكذاب، لا تكونوا مجرد مطية.