نظــــــرة فــي الصّهـــيونـــيّة

أولا يجب أن نفصل بين صهيونيتين صهيونية يهودية التي هي فكرة يهودية نشأت منذ خراب الهيكل الأول وسبي اليهود إلى بابل على يد نبوخذنصر وتعني الشوق إلى العودة إلى ارض الآباء والأجداد والقدس

26.01.2017 מאת: منير فرّو
نظــــــرة فــي الصّهـــيونـــيّة

واستمرت تترعرع في نفوس اليهود تتطور من جيل إلى جيل وتتأثر بالحياة الحاضرة ومفاهيمها ولكنها دائما كانت تحت التشريد والعذاب كونها يهودية

الجزء 3\1

وأما الصهيونية الثانية فهي الصهيونية المسيحية أو المسيحية المتصهينة التي سوف يكون موضوعي عنها وهي الصهيونية ذات الديباجة المسيحية التي انتشرت على شكل دعوة في الأوساط البروتستانتية المتطرفة لإعادة اليهود إلى فلسطين. وتستند هذه الدعوة إلى العقيدة الألفية الاسترجاعية التي ترى أن العودة شرط لتحقيق الخلاص، وهي تضم داخلها هذا المركب الغريب من حب اليهود الذي هو في واقع الأمر كره عميق لهم، تماماً مثل الصيغة الصهيونية الأسـاسـية: شعب عضوي منبوذ نافع يُنقَل خارج أوربا ليُوظَّف لصالحها.

الصهيونية المسيحية كانت تفسّر حتى مطلع القرن العشرين على انها حركة سياسية عنصرية متطرفة، إلا أن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش أسقط عنها صفة العنصرية اثر خطاب متلفز تم  بثه في أرجاء المعمورة،

الصهيونية ظهرت في الغرب في ظل انتشار الحريات، بعد أن كانت تعمل في السر، وعملت على إحياء التراث والقومية اليهودية التي لحقها العطب، ورفع معنويات الشعب اليهودي المشرّد، وتحضيره للعودة إلى أرض آبائهم وأجدادهم، أرض إسرائيل، بعد شتات دام ألفي عام تقريبا، ليعيدوا بناء الهيكل ويفلحوا الأرض ويأكلوا من خيراتها،

تعتبر الصهيونية اختراع غربي جاءت على شكل دعوة من مفهوم عقائدي ليخدم أوساط بروتستانتية مسيحية متطرفة، وذلك تمهيدا لما يسمّى بـ "الخلاص المسيحي" وذلك باعتقاد هذا المذهب أي البروتستانتي أن عودة المسيح الثانية مشروطة بعودة اليهود إلى أرض فلسطين، وإعادة بناء الهيكل الثالث في اورشليم مكان مسجد الاقصى وقبة الصخرة، أولى الحرمين وثاني القبلتين عند المسلمين ومسرى الرسول عليه الصلاة والسلام،

فاليهود كانوا في الغرب مضطهدين، يسامون سوء العذاب، ليس لهم معين ولا نصير، لا يملكون الحرية، بل وقعوا تحت اضطهاد الامبراطوريات الاوروبية، كبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا حيث الكنيسة الكاثوليكية البابوية بحجة صلب المسيح، ومن هذا المنطلق تحسنّت علاقة الغرب البروتستانتي المسيحي في القرن الـ 16 مع اليهود وتحولت من عداء وبغضاء الى محبة واحترام، ليس حبا في اليهود الذين عادوا المسيح واتهموا بصلبه ب الرومان، وانما حبا في خدمة المشروع الالهي الذي يخدم مصالحهم المادية الاستعمارية الامبريالية والدينية العقائدية، مستخدمين اسم اسرائيل واليهود في تحقيق اهدافهم لاحتلال الشرق، ويأتي في النهاية الى نكبة على الشعب اليهودي وتسويد اسمهم وجعل الناس تبغضهم ثم نشوب حرب لإبادتهم،

لذلك الغرب البروتستانتي عمل جاهدا على احتلال الشرق بحجة اعادة مجد اليهود الضائع، ومحاولة جمع شملهم من كل انحاء العالم  بعد أن تشتتوا إثر خراب الهيكل الأول والثاني، واعادتهم الى ارض فلسطين، فقاموا على اقناع اليهود باقامة حركات صهيونية وماسونية تعمل بسرية تامة وتهدف لعودة يهود الشتات من المهجر الى ارض الاباء والجدود، ارض اسرائيل، أرض الاسباط الاثنعشر، وتغذيتهم بالقومية اليهودية، ونفخ فيهم روح تراثهم القديم تشويقا لارضهم وتراثهم الى قدسهم التي تغنوا بها في تراتيلهم الدينية وهيكلهم الهيكل الذي بناه الملك سليمان لتوحيد الخالق زمان مملكة والده الملك داوود صاحب المزامير في التوراة،

وقد اشتق اسم الصهيونية من اسم "جبل صهيون" في القدس حيث ابتنى الملك داود قصره بعد انتقاله من حبرون "الخليل" إلى بيت المقدس في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وهذا الاسم يرمز إلى مملكة داود وإعادة تشييد هيكل سليمان من جديد بحيث تكون القدس عاصمة لها،  لذلك اراد الغرب من الحركات الصهيونية تطوير مضامين القيم اليهودية التاريخية والروحية، وإعادة النظر اليهم بأنهم شعب الله المختار، الشعب الغالي على الله، وهم القديسيون فمن يباركهم يباركه الرب، ومن يلعنهم يلعنه الرب، ولهم الحق في كل شيء يعملوه ولو كان منافيا للاخلاق والانسانية، فهم مطلقوا الصلاحية،

ومن هذا المنطلق تم منح اليهود وجود مؤثر في الدول الكبرى اقتصاديا ، وسياسيا ، وإعلاميا ، ولم يكونوا غائبين عن النظامين العالميين ،" الرأسمالية" و"الشيوعية"، ولا عن الثورات الكبرى في العالم ، وهناك عدد غير قليل من المنظمات العالمية التي تسر على خدمة أهداف اليهود  أبرزها "الماسونية" أو "البناؤن الأحرار" الذين يطمعون باحتلال العالم بإقامة هيكل سليمان مكان الاقصى في القدس تشبها بملك الملك سليمان بن داوود الذي لم يتم لاحد مثله في العالم، ويٌرمز لهم بالبيكار او الفرجار، ولهم محافل سرية في كل العالم وبسرية تامة، ولهم ميثاق على صيغة دينية ولكن القصد منه مادي واحتلال العالم بكل اجزاءه وثرواته،وعليه يتم تسخير القوى العالمية ورؤسائها تحت حكم الماسونية تحت تهديد السلاح والطرق الخفية، ثم "الليونز" و" الروتاري" و "شهود يهوه" إلخ، لقد لاقت فكرة الصهيونية معاداة في الغرب المسيحي الكاثوليكي، ولكنها استمرت نظريا ومفهوما تعمل بسرية الى أن يحين خروجها الى حيّز التنفيذ، فكان هناك بروز لكثير من الشخصيات اليهودية التي عملت على هذا الفكر بدعم من الغرب البروتستانتي، ومن أبرزهم موشى هس، وبيريز سمولنسكين،،الذين أقاما جمعية " احباء صهيون "، إلا أن الفضل في تطوير مضامين الصهيونية الثقافية، فكراً وتوجيهاً، يعود إلى "أحاد هاعام"، الذي كان يشدد على اللغة العبرية، والقيم اليهودية التاريخية، مستفيداً في ذلك من تجربة استقلال البلدان الأوروبية التي بدأت فكريا بانفصال اللغات عن اللغة اللاتينية، مما عزز الشعور الوطني والقومي لدى الشعوب، ونمى إحساسها بكيانها وبالتالي دفعها للقيام بالثورات لنيل الحرية،  فقد قال "أحاد هاعام"في مقاله "الطريق الخطأ"سنة 1889 :"لا أمل بنجاح حركة الاستيطان، ما لم توقف وسائلها بإغراء القادمين عن طريق الخداع والأوهام، بطرح المكاسب الذاتية، وتتوجه عوضاً من ذلك إلى إيقاظ وطنيتهم اليهودية الخفية، وحبهم لصهيون، لأنهم هكذا فقط يستمدون قوة معنوية لمواجهة صعوبات الحياة التي تجابههم في أرض الأجداد"،

ولكن الصهيونية العملية اشتهرت كمصطلح في تاريخ الحركة الصهيونية، وكحركة نشيطة ذات برنامج واحد، بعد صعود هيرتزل وصعود برنامجه السياسي معه، حيث أخرجها من عالم النظريات الى عالم التطبيق على أرض الواقع في أول مؤتمر صهيوني عالمي سنة 1897م في بازل السويسرية،وتم وضع أساس تنظيمي حديث، وأصدر المؤتمر قرارات تُعرَف الآن باسم "برنامج بازل" الذي أصبح الوثيقة النظرية والعملية لأهداف الصهيونية حتى انعقاد المؤتمر الصهيوني الثالث والعشرين (1950).

وكان هرتزل قد أصر بمناسبة هذا المؤتمر أن يرتدي الحاضرون الملابس الرسمية معطفاً طويلاً ورباط عنق أبيض ربما لتأكيد انتمائهم للحضارة الغربية الحديثة، وابتعادهم عن الجيتو ويهود اليديشية، يتبع في العدد القادم.

תגובות

5. הכותב לפני 7 שנים
למתבייש מס1 ו 4
4. מתבייש לפני 7 שנים
חבל לי על התגובה שלך אדוני הכותב
3. הכותב לפני 7 שנים
מס 1 מתגובתך ידעתי מי הוא זנב בחברתינו
2. אדם לפני 7 שנים
כל הכבוד על מאמר מעניין
1. מתבייש לפני 7 שנים
לפחות יש להם מנהיגים וחזון ומקדשים את מה שהם

מומלצים