نظرة في الضحك !!!

بقول شاعر الشكوى واليأس ايليا ابو ماضي : هشّت لك الدنيا فمالك واجما ... وتبسّمت فعلام لا تتبسم ؟ إن كنت مكتئبا لعز قد مضى ... هيهات يرجعه اليك تندّم...

14.10.2007 מאת: פורטל הכרמל והצפון
نظرة في الضحك !!!

ما أحوجنا في هذه الأيام البائسة الى كلمة تضحكنا وتفرحنا وتخفف عنا اعباء الحياة التي أدخلتها العولمة الكدرة والرأسمالية الطاغية المحتكرة فكدّرت علينا رغد العيش بعد ان كنا مبتهجين فرحين فحرمتنا الابتسامة التي وهبنا إياها الخالق جل وعلا  لقوله جلّ ثناؤه ...

" ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك ‏الذي انقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك ‏فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا " لقد أصبحت حياتنا ركضا وراء لقمة العيش بسبب جور المتحكمين بالاموال تلك اللقمة التي قال تعالى عنها :

(وما من دابة على الارض إلا على الله رزقها ) فاذا كان الله جل جلاله متكفل برزق الحيوان فكيف الانسان الذي هو مراد الله وهو القائل عنه في التوراة  : " نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا.

فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الارض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الارض" فالله عزّ وجلّ خلق الانسان وميّزه عن سائر مخلوقاته

وأراده أن يحيا حياة سعيدة ولكن الانسان خالف مراد الله فعتا في الارض وصار جبارا عتيا فظلم نفسه وظلم خلق الله وأحرمهم السعادة المرجوة فقيّد ارزاقهم وتدخّل في نظام حياتهم لاطماعه الذاتية جاعلا من ذاته المتكفل برزقهم وسعادتهم كما قال فرعون قبل مجيء النبي موسى عن نفسه :

" أنا ربكم الاعلى " مما جعله يستعبد البشر ويحكم عليهم ما يشاء لغروره بماله وقوته حتى جاءه عذاب الله فاغرقه في اليم واراه ضعفه ،

لذلك الضحك هو الابتسامة وما أجمل ما تحويه هذه الكلمة من رقة وعذوبة ، انها البشاشة وانفراج أسارير الوجه وفيه يشع بريق ولمعان العينين ، انها روح السعادة,

فالانسان يتميّز عن الحيوان بميزة الضحك والابتسامة فهو الحيوان الضاحك ، والضحك ضروري للانسان كالطعام والماء والهواء ، لان له وظيفة صحية لنسيان الهموم فلا شيء يقصّر العمر ويأتي بالمرض مثل الهموم وكما قال عنها شعراء الجاهلية "نائبات أو نوائب الدهر "، فالضحك فلسفة متعلقة بعلم النفس ،

لذلك تعاطى بحثها الفلاسفة وكبار علماء النفس لانه وظيفة اجتماعية للتواصل والالفة والانس بين البشر وتدل على انسانية الانسان ، لقد ضربت على الضحك الامثال الكثيرة وقيلت الاشعار ، فمن منا لم يسمع المثل القائل " اضحك تضحك لك الدنيا " وايضا " لاقيني – بالابتسامة – ولا تغذيني " وكما قال الرسول الكريم صلعم :

" التمسوا الخير عند حسان الوجوه " وعند مدح الضاحك يقولون : " هو ضحوك السن ، بسّام ، وذو اريحية واهتزاز ،وعند الذم :

" هو عبوس كالح قطوب مكفهر قابض الوجه عاقد حواجبه حامض الوجه " والضحك هو علامة الرضى والقبول والنجاح والفوز والحظ الطيب بعكس عبس الوجه الذي هو دلالة على الغضب والفشل وعدم الرضى وعدم القبول، 

وقد قيل الضحك هو بمثابة التمرينات الرياضية لعضلات الوجه والذراعين والساقين والبطن وهو ينشط حركة الحجاب الحاجز والحلق والدورة الدموية والغدد الصماء ويساعد على الهضم ويزيد في افراز العرق ويقوي الاعضاء ،

ويعد الضحك افضل وسيلة للاسترخاء النفسي والجسماني حيث يبدأ الضحك بفكرة ومشاهدة يعقبها تحول في مجرى الشعور ينتقل بدوره الى العضلات ويبدأ الاثر في هذه العضلات ،ويقول الثعالبي في كتابه فقه اللغة والذي ضم (30) باباً جمع في كل باب مفردات لغوية لمعنى تدل على أجزائه أو أقسامه أو أطواره أو أحواله، وجمع الفصول المتقاربة في المعنى في باب واحد حيث يقول عن الضحك ما يلي :

" التبسم اول مراتب الضحك ، ثم الاهلاس وهو اخفاؤه
(بالعامية ضحك بعبه اذا اخفى الضحك ) ، ثم الافترار والانكلال وهما الضحك الحسن ، ثم الكتكتة اشد منهما ، ثم القهقهة والقرقرة والكركرة ، ثم الاستغراب ثم الطخطخة (وهي ان تقول : طيخ طيخ ) ثم الاهزاق والزهزقة وهي ان يذهب الضحك به كل مذهب"،

وكان الجاحظ قد الّف كتابا للضحك واسماه " البخلاء " حيث سرد نوادرهم لان الكثير من الفكاهات تأتي عادة من جهة البخلاء لان فيها روح الطرفة حيث يشرح الضحك بقوله :

"وكيف لا يكون موقعه من سرور النفس عظيما ومن مصلحة الطباع كبيرا ، وهو شيء في اصل الطباع وفي اساس التركيب ،لان الضحك اول خير يظهر من الصبي ، وبه تطيب نفسه وعليه ينبت شحمه ، ويكثر دمه الذي هو علة سروره ومادة قوته " ، ولا يمكن ان نتجاهل بان للضحك ايضا موضع وله مقدار لانه كما قيل:

" لكل مقام مقال " ، فلا يجوز الضحك في المحافل الدينية لانها توحي للخشوع والهيبة وايضا في محافل الجنائز لانها توحي الى الحزن فاستعمال الضحك في غير مواضعه يسقط المقدار والهيبة للضاحك ، 

ويشير الباحث الامريكي نورمان كوزنز بعد إجراء سلسلة من التجارب الى ان الشخص العادي يضحك في الظروف الطبيعية حوالي 15 مرة يوميا وأن معدل الضحك قد يختلف من شخص لاخر سواء كان مرحا او متحفظ الطباع كما يتاثر معدل الضحك بالظروف الاجتماعية والحالة النفسية التي يمر بها الشخص ، أما الكاتب العبقري عبّاس محمود العقّاد فقد وصف الضحك للانسان بقوله :

"إن الضحك كلمة لا غنى ولا أمان منها كذلك، وتناول فكرة الضحك وتعريفه في كتابه ( جحا الضحّاك والمضحك ) ، ولكن ما هي أسباب الضحك ؟ وكيف نحقق معدلا مرتفعا من الضحكات اليومية ؟ يقول العقاد :

ان للضحك اسبابا وانواعا كثيرة فهناك ضحك السرور والرضى وهناك السخرية والازدراء وهناك ضحك المزاج والطرب وهناك ضحك التعجب والاعجاب وهناك ضحك العطف والمودة وهناك ضحك الشماتة والعداوة وهناك ضحك المفاجأة والدهشة وهناك ضحك السذاجة وضحك البلاهة، وتؤكد التجارب أن الضحك ملكة تنتصر على البشر فقط فلا يضحك الا الانسان ، ولم توصي التجارب لماذا يكون الضحك مصحوبا بحركات جسدية معينة ، ولكنها أكدت ان الشخص قادر على رفع معدل الضحكات باتباع النصائح التالية :

تخصيص بعض دقائق يوميا يحاول الشخص خلالها استرجاع كل المواقف الطريفة التي مر بها في مشوار الحياه ، أو خلال اليوم الحافل بالعمل والاعياء والتفكير في المواقف التي انتزعت ابتسامة منه ، ويستحسن للشخص ان يختار في كل يوم ساعة على الاقل يجلس مع اصدقاء ويتسلى معهم بالروح المرحة وخفة الدم وقراءة الكتب الفكاهية وكتب النكات والطرائف ويمكنه تسجيل فقرات فكاهية من المذياع من حين الى اخر بعد سماعها عند الاحساس بالضيق أو التعب ، فالضحك يخفف من وطأة المرض والتوتر العصبي وهو افضل الطرق للتغلب على الاكتئاب لان الهم والحزن والقلق هي من اهم اسباب امراض السكري وارتفاع ضغط الدم والسكتة القلبية والقرحة والفالج والانهيار العصبي ، فكلما ضحك الانسان اضاف مدة الى عمره لانه قيل :

"من كثر همه سقم جسمه " ويقول المثل الانجليزي " الهم قتل الهرة " وكما ينصح الطبيب هارتي كيلوج فيقول :

"كل نصف ما اعتدت ان تاكل ونم ضعف ما اعتدت ان تنام واشرب ثلاثة اضعاف ما اعتدت ان تشرب واضحك اربعة اضعاف ما اعتدت ان تضحك فان فعلت متعت بافضل العمر " والخلاصة كما قيل هي :

"ان الضحك مرهم فعّال لتخفيف مصائب الحياة ، يقي الناس مساويء التخاذل والتنابذ ويمنع اصطدام الالات البشرية مهما كان تأثيره عنيفا" فلنضحك لتتبدد غيوم الحزن وهموم زماننا القطوب .

תגובות

4. W לפני 17 שנים
שוקרן יא אחלה דאליה
3. סוואר לפני 17 שנים
לאתר כרמל המתוק
2. غدير قنطار לפני 17 שנים
جميل
1. ابو شادي לפני 17 שנים
مقال جميل وشيق

מומלצים