خطر !!!

يعيش مجتمعنا في خطر مدمّر, لكن البعض لا يشعر به أو يتغافل عنه, والبعض لا يريد أن يحسّ بوقعه, كلٌّ حسب مقاصده ومصالحه الضيّقة. وهذا البعض أشْبه بالريشة تتقاذفها الرياح كما تشاء, وحين تحطّ على الأرض تكون قد همدَت دون حراك.

02.03.2017 מאת: سامي منصور
خطر !!!

ولأننا مجتمع تطغى عليه العاطفة الزائفة, والمصلحة الشخصية والعائلية, وبما أننا مجتمع بائس لا يعرف بعضه المحبة والخير, بل يبث سموم الحقد والكراهية الشخصية المتوارثة, فإن هذا الخطر سيهلكنا إلا إذا وعينا إليه, وانتبهنا إلى الشر المحدق بنا.

إن مجتمعا تصفّق به بعض المشايخ للضلال, وإن عصرا يضع فيه مَن يدّعي المشيخة يده بيد المنافقين الفاسدين, وينضمّ الى صفوف الفاسقين لا يمكن تسميته بأقل من مجتمع فاسد, وعصر الضلال والبغاء ولا نريد قول كلام غير لائق. هذا الخطر أقوى من إرهاب داعش, ومدمّر أكثر من الأسلحة الفتاكة.

انه مرض الشائعات التي يتقاذفها المغرضون ويعرضونها للناس فيصدّقها البسطاء ويصغي إليها الضعفاء. والشائعة هي الإظهار والنشر للأخبار من غير التدقيق بالصواب, وهي نقل خبر كاذب أو يحوي جزءا من الصحة, ويُضاف إليه ما ليس فيه, وهي عبارة عن تهويل الأحداث وتضخيم الواقع واختلاق المعلومات, ونقلها بين الناس ونشرها في أوساط المجتمع بقصد نشر الفوضى والبلبلة, وإثارة الأحقاد وتفريق الصف والانتقام من شخص أو فئة, وقد يكون سبب نشرها تحطيم الروح المعنوية وبث الرعب وزرع الخوف.

ولا تنتشر الشائعة في بيت إلا دمّرته, ولا في مجتمع إلا أهلكَته, ولا في امة إلا مزَقتها وفرّقَت أبناءها, وأنّى حلّت الشائعة حلّت معها البغضاء والعداوة بين الناس, مما يؤدي إلى تفكك المجتمع وإضعافه وإزعاج الناس وإقلاقهم. ونتيجةً لضعف نفوس البعض تنتشر الشائعة بسرعة وتتناقلها الناس دون تفكير أو رويّة, رغم أنها تنافي ما تنادي به الأديان من صدق اللسان وحفظ الإخوان.

وقد نهَت جميع الأديان عن نقل النميمة والقيل والقال, وأمرَت بالتثبّت من الأقاويل المغرضة وعدم التسرع بالحكم على الناس, وسماع جميع أطراف سوء التفاهم. قال تعالى : " يا أيها الذين امنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبيّنوا أن تُصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " ( الحجرات 6 ), كما قال سبحانه في موضع آخر : " لا تقْفُ ما ليس لك به عِلم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " ( الإسراء 36 ).

إن الإشاعات الكاذبة المقصودة والتهويل هي سلاح المفلسين وسلوك المنافقين, ولم ينجُ منها حتى الأنبياء والرسل على مدى الأجيال. وفي هذا العصر, عصر مواقع التواصل الاجتماعي, على ما فيه من أهمية للعلاقات بين الناس, نرى البعض يستخدمها للشر ببثّ الشائعات المزخرفة والملونة, ومبرراتها المصوبة بالكذب والخداع وبث بذور الفتنة, كقوله تعالى :

" لئن لم ينتهِ المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنُغرينّك بهم ثم لا يجاورونك إلا قليلا " ( الأحزاب 60 ). ( المرجفون قوم يشيعون أخبار السوء ويخيفون الناس ).

وقبل النهاية قال الحبيب بورقيبة ( تونس ) : " سلاحهم الإشاعات والدمغجة ( دماغوغيا ) وسلاحنا تنوير العقول " , وهذا هو الفرق بين الرويبضة والوجهاء, ونحن نقول : لا خير في أمّة يكون السيف في يد جبنائها, والمال في يد لصوصها, والقلم في يد منافقيها

תגובות

מומלצים