مراهقون سياسيون

في الفترة الأخيرة ظهرَ بيننا مراهقون جدد, مراهقون سياسيون حاولوا ويحاولون أن يحشروا أنوفهم في كل حدث, ويتسكعون حول وسائل الإعلام ليشبعوا إحدى نزوات المراهقة وهي حب الظهور.

18.03.2017 מאת: سامي منصور
مراهقون سياسيون

مرحلة المراهقة هي مرحلة حاسمة في حياة الإنسان, وهي فترة متقلّبة صعبة إذ أنها الاختبار الأول في امتداد حياته. أما معناها في اللغة فهو الاقتراب من شيء.

وعندما يتواجد في العائلة مراهق, فإنها تعيش حالة من التوتر لأنها لا تستطيع الوصول إلى ردود أفعال المراهق, ولا إلى المؤثرات التي تجعله يقوم بحركات معيّنة أو إيماءات أو تصريحات.

والمراهق عادة ما يرى نفسه عارفا بكل شيء ويظن انه يعرف الحقائق كاملة, لكنه في الواقع لا يحتمل التغييرات الجسمانية والنفسية, التي يتغير بها مبنى جسمه ونبرات صوته, ولذلك يحاول أن يُشعِر الآخرين بوجوده وقوّته بإبراز عضلاته, لهذا يحتاج التعامل مع المراهق إلى التروي والدراسة والتحلي بالصبر, رغم تسرّعه باتخاذ القرارات ومهاجمة مَن يرى فيه خصما أو ندّا.

وفي الفترة الأخيرة ظهرَ بيننا مراهقون جدد, مراهقون سياسيون حاولوا ويحاولون أن يحشروا أنوفهم في كل حدث, ويتسكعون حول وسائل الإعلام ليشبعوا إحدى نزوات المراهقة وهي حب الظهور. مثل هؤلاء المراهقين لا يردعه رادع, فبمجرد أن تعلّم كلمتين أو جلس في جلسة تراه يقفز ليبوح بكل ما يملك من معلومات, دون حرص على إبقاء بعض السر لنفسه, لأنه يلوّح بمعلوماته وإن كان فيها من الخطأ ما فيها.

إن المراهقة السياسية تقوم على أفعال ليس لها صفة الموضوعية أو العقلانية, وهذا ما يحدث عندنا إذ نرى أناسا نشأوا بين السطحية في الثقافة السياسية وبين فراغ قاتل وبطالة, فهم يعارضون ويتظاهرون ويتحدثون عن الديمقراطية والشفافية, وهي مجالات لم يمارسونها خلال حياتهم, وهذا من منطلق فاقد الشيء لا يعطيه, وإذا اكتسب احدهم شيئا فلا يكتسب إلا معلومات مغلوطة وأفكارا هدامة مشوّشة.

هذا النوع من المراهقة يضر بالمصالح العامة, لأن بعض " السياسيين " يأبون أن يعترفوا أن عهد المراهقة السياسية قد ولّى, وعصر اللعب على حبال الشعبية بات مكشوفا للجميع, وزمن " البولدوزر " لم يعُد يجدي نفعا. ويمكن القول إن المراهق السياسي  أصبح, بمحدود خبرته ورؤيته السياسية, فريسة سهلة لتيارات هدامة مختلفة, شأن الشاب المراهق الذي قد تصل به مراهقته إلى الانحراف والانفلات تحت تأثير " مستشاري " السوء المغرضين.

والمراهق السياسي يهتم بالقشور والسطحية السياسية, لأنه باندفاعه لا ينتبه إلى الجوهر ويرفض التعمق في النواحي السياسية بمعناها الصحيح, ومن ميزاته انه يصغي للشائعات وإن كانت كاذبة ويوليها اهتماما ويفسرها كما يحلو له, محاولا استغلالها لمصلحته, كما انه يقفز إلى أول عربة دون فحصٍ إن كانت تسير في طريق وعر. ومهما بلغ من سنّ يبقى المراهق السياسي على شبه بالمراهق الشاب في فترة مراهقته, التي تتميز بالتسرع والاندفاع وعدم إدراك الأمور بعقلانية, والتمرد الغير مدروس والعدوانية الغير مبرَّرة, وغالبا ما يكون الإحباط مصاحبا له لتسرعه باتخاذ القرارات والإفصاح عن رغباته.

من هنا فالفرق بين المراهقة السياسية والمراهقة الإنسانية هو أن الأولى مرتبطة بتاريخ العمل السياسي واستمرار يته, ولا دخل لجيل السياسي في الثانية. هذا ويعيش المراهق السياسي في الماضي, ويتوجّه إلى حكم الآخرين كرجال الدين مثلا, وهذا تعبير عن مراهقة سياسية ثقافية قد تطول مدتها أو تقصر, قبل أن ينضج الشعب أي قبل أن يصبح ديمقراطيا علمانيا, ويمنع تدخّل رجال الدين فيما ليس لهم, ونحن لم نرَ رجال الدين قد تدخّلوا في أمور صعبة ومصيرية, ولا يحق لهم التدخل في أمور ليست من شأنهم, بعد محاولة قلب الأوضاع إلى لعبة سياسية تافهة, مرهونة بالمراهقة السياسية المتأخرة لبعض القادمين الجدد على منصات الزعامة, التي لا تقوّي إلا الخصم, وخير للمراهق السياسي المتأخر أن يعرف متى فاته القطار, وعليه أن يبحث عن وسيلة نقل أخرى.

إن السياسة أيها المراهقون علم وإبداع وموهبة وتقنيات, والتقنيات بحاجة إلى دراسة الأبجدية السياسية من الألف إلى الياء, وما دون ذلك فهو لعب ومراهقة إذ ليس كل مَن كتب بيانا سياسيا أو تنديدا أو تهنئة يتحول إلى سياسي أو قائد, فالسياسي المتمكن يمتاز بالمهنية والدقة وبحث الأمور إلى العمق, وانتقاء الأفضل للمصلحة العامة, أما " النفخ بالكير " و " سلخ الجلود " فهي من صفات المراهقين الدخيلين على السياسة, ومثلهم مثل البرميل الحديدي الذي يُصدِر صوتا عاليا إن كان فارغا, ويخبو صوته إن كان مليئا.

إن سلوك كل السبل للفت الانتباه الذي يسلكه المراهقون السياسيون, يُبان عندما يجعلون من أنفسهم شخصيات كاريكاتورية عندما يتزعمون, أو يزعمون بولاء حشود وهمية ويحارب على طريقة " رامبو ", والغريب أن البعض يتوهم بهم, ويعتقد بصدق أقوالهم وإن كانوا على غير حق. وأخيرا قال احد الحكماء : إذا فقدَت قادة الأمّة التعقل في الفعل, ستنهار تلك الأمة أمام أية ريح وإن كانت بدون غبار.

הכרמל

مصادر : موقع الشروق , موقع تللسقف, صحيفة الأهرام, كتاب المراهقة خصائص المرحلة ونشأتها.

תגובות

6. S!! לפני 7 שנים
المجتمع الفاشل هو الذي يصنع المفسدين
5. مواطن לפני 7 שנים
كلام منقوش على الصخر
4. עספאני לפני 7 שנים
כל הכבוד סמי
3. يوسف לפני 7 שנים
مراهقون
2. מואטן לפני 7 שנים
כל מילה בסלע
1. אמיר לפני 7 שנים
לעזאזל

מומלצים