الأمير السيد وابن أبي فرن

فقال ابن ابي فرن لا تنغروا بأقوال الامير فانه يظهر غير ما يبطن. فان اردتم معرفة حقيقة عقيدته، فلتسألوا أحد ضعفاء الدروز.

فطلب الولي ان يحضروا لديوانه أحدا من عامة الدروز. فوقع أعوان الوالي على أحد الرعاة الدروز في السوق وطلبوا منه المثول امام الوالي. ولما سال عن السبب قالوا لا نعلم. فدخل المجلس متكلا على الله رابط الجأش واثقا من براءته.

فاستقبله القاضي مشيرا بأصبعه الى وجه الراعي. فما كان من الراعي الا ان اشار اليه بأصبعيه. فتعجب القاضي.

ثم أشار القاضي بأصبعه الى اعلى. فرد عليه الراعي مشيرا بأصبعه الى الأرض.  فزاد تعجب القاضي.

ثم تناول القاضي بيضة كانت على المائدة .  فاخرج الراعي من جيبه جبنة.

فقال القاضي خذوه انه مسلم عالم. 

خرج الراعي وهو لا يفهم ما جرى، ولماذا دعي. وفي طريق خروجه التقى بالأمير السيد الذي كان مدعوا لمجلس الوالي. فعرف الراعي وسأله عن سبب وجوده في المكان.

فحدثه الراعي بما جرى له مع القاضي: بان القاضي أشار لي بإصبعه مهددا بقلع عيني، فأشرت له بإصبعين مهددا بقلع عينيه الاثنتين. ثم أشار لي بإصبعه الى اعلى يريد رميي في الهواء، فأشرت له بإصبعي الى أسفل سأرميك الى الأرض. ثم تباهى ببيضة فأخرجت له جبنة.

فعرف الأمير ان في الامر مكيدة. وقال له: اصبت بإشاراتك واخطأت المعنى. فسيعيدونك للمجلس ويطلبون منك تفسير الإشارات. وشرح له تفسيرها. 

اما في المجلس فبعد خروج الراعي سال الحاضرون القاضي: لقد اشرت وأشار. ولم نفهم ما عنيت وما عنى. وربما اشار دون ان يعي المعنى. فقال الوالي اعيده.

فاحضروه من جديد وساله الوالي. ما قال لك القاضي وبما اجبت؟

فقال الراعي: أشار لي ان الله واحد. فأجبته الله ورسوله. ثم أشار لي ان الله رفع السماوات. فأجبته وبسط الأرض.  ثم عرض علي بيضة ليقول ان الله يخرج الحي من الميت. فأريته جبنة بان الله يخرج الميت من الحي. 

فقال القاضي ان راعيهم عالم وانهم مسلمون حقيقيون. وخرج ابن أبي فرن مكظوما مطرودا.