كلّنا مقصّرون    

بلغني أن البعض أبدى استياءه مما كتبت قبل مدة ( اخبروني ). أما أنا فقد فرحتُ بهذا الاستياء لأني عرفتُ أني ذكرت الحقائق, والحقيقة صعبة في بعض الأحيان وقد تجرح لكنها تبقى الحقيقة, وهي أفضل من الكذب على الذات رغم أن الكذب سهل طريقه.

31.10.2017 מאת: سامي منصور
كلّنا مقصّرون    

צילום פורטל הכרמל ארכיון

لن أدافع عن نفسي فأنا لا أرى نفسي متهما, اللهم إلا إذا كان ذكر الحقيقة كما أراها اتهاما. وأنا في كتابتي أحاول الحذر من التجريح وأتوخى الحيطة من التعميم, فكثيرا ما استعمل اللفظ ( بعض ) أو ( القلة ).

أنا لا ابغي الشهرة ولا انتظر تصفيق الناس, كما أني لا انتقد حبا بالانتقاد. أنا لست مصلحا اجتماعيا ولست عالما نفسانيا, كما أني لست نبيّ الغضب ( ارميا عند اليهود ), لكني أعيش كغيري واقعا مرّا في عالم استولَت عليه السلبيات في العديد من نواحي الحياة. ويشهد الله العليّ القدير المطّلع على خفايا الصدور

أني اكتب بدافع الغيرة المتوقدة على المجتمع والطائفة التي افخر بالانتماء إليها, وإن قلبي صافٍ كحليب الأم ونيتي سليمة نقية, وضميري حيّ نابض لأني أريد الأفضل للمجتمع وللطائفة. قد أكون قاسيا بعض الشيء في كتابتي, ولكن حين يكون لك ابن تحبه وتبغي مصلحته, قد لا يكون بدّ من صفعه أحيانا إذا ارتكب الخطأ بعد الخطأ.

أنا احترم الدين ورجاله وما زلت أريد أن اعتقد أن لرجال الدين دورا هاما في إصلاح المجتمع, ولذلك تراني أثور على بعض التقصير من البعض, إذ لا حياء في الدين. إن الدّين طريقةُ حياة وفيه من المبادئ ما يجعل الحياةَ سهلة ولطيفة, منها سدق اللسان وحفظ الإخوان, وليس معنى حفظ الإخوان هو الدفاع عنهم في جميع الأحوال, وإنما الإشارة إلى الخطأ وإسداء النصيحة النصوح لتقويم الاعوجاج, دون محاباة أو تملق ودون وجل من " زعلهم ", وهنا تأتي شجاعة الإيمان فالمؤمن الشجاع هو الذي يجابه الخطأ ويدل عليه إن وقع فيه احدهم.

والتقصير في اللغة هو التهاون وعدم إكمال العمل, وله عوامله وأسبابه بعضها متعلق بالمرء نفسه وبعضها بمَن يحيط به من الناس, فقد يحدث تقصير المرء لعدم وضوح الرؤية وعدم تحديد الهدف من عمله, ومَن لا يعرف الهدف من عمله لا يستطيع أداء مهامه على الوجه الأكمل, وقد يكون الإحباط من أسباب التقصير والتقاعس. وثمة سبب آخر هو الاتكالية أي الاعتماد على الآخرين في تنفيذ أعمال مُعَدّة للمرء نفسه.

ومن أسبابه أيضا ضعف الهمة وهو اختيار المهمات السهلة وتجنب الأمور الصعبة الجدية, وقد تكون كثرة المهام سببا في التقصير, إذ قد لا يتّسع وقت المرء للقيام بمهام كثيرة فيحصل التقصير.

أما التقصير ممَّن يحيطون بالمرء فله أسباب عديدة منها عدم محاسبة الفرد لتقصيره,  وعدم نصحه فيما يتوجب عمله وعدم تقييم عمله. إن الإنسان الناجح هو من يسعى لمحاسبة نفسه, وتعليمها تدارك الخطأ والتقصير وترويضها لتصحيح الأخطاء. هذا وقد استوحيت في بعض كتاباتي من قصيدة للشاعر السوري نزار قباني جاء فيها : "منذ ثلاثين سنة احلم بالتغيير, واكتب القصيدة الثورة والقصيدة الأزمة والقصيدة الحرير ".

ولا نريد هنا أن نتطرق لتقصير بعض الطلاب في دروسهم, ولا إلى بعض المعلمين, ولا إلى بعض الموظفين والعمال وخاصة بعض الأهالي في تربية أبنائهم. وأخيرا قال حسن البصري : " المؤمن قوّام على نفسه يحاسبها لله, وإنما خفّ الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا, وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم اخذوا هذا الأمر من غير محاسبة ".

هدانا الله وإياكم حسن السبيل, والله من وراء القصد.

תגובות

מומלצים