نظــــرة في الـــــعصمة من الفـــتــن (جزء2)

لقد حذر الله عز وجل عباده في كل الاديان من الفتن، وقد صرح عنها في القران على انها اربع فتن، جاء ذكرهم في سورة الكهف، التي كان الرسول عليه السلام يأمر بقرأتها استعاذة من فتنة الدجال

04.11.2018 מאת: منير فرّو
نظــــرة في الـــــعصمة من الفـــتــن (جزء2)

الجزء (3/2)

لقد خلق الله الدنيا، وجعل لها اخرة، فالدنيا من الدناءة، ووجودها لزراعة الاعمال، والآخرة لتأخيرها ولحصاد تلك الاعمال، من خيرها وشرها، والدنيا دار الامتحان، والآخرة المكافاة على الامتحان، فكل ما يواجه العبد من محن وصعوبات وابتلاءات وسراء وضراء، فهي بالأول والتالي ثمرة ما زرعته يداه، لان اعمال العبد مردودة اليه، "وما ربك بظلام للعبيد "، ومن الاعمال ما يتم محاسبته عليها في عاجل الدنيا، ومنها في آجل الاخرة، قال تعالى : " تبارك الذي بيده الملك وهو علي كل شيء قدير‏ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور‏ ".

ان الخالق جل وعلا يبتلي عباده حتى يمتحنهم على الايمان الذي فطرهم عليه منذ ان خلق ادم ابا البشر عليه السلام،  وأمر الملائكة بالسجود له، فعصي ابليس ذاك الامر لاستكباره طلبا للرئاسة، حتى صار تبعا في جملة الكافرين، بعد ان كان من الملائكة المقربين، وكانت هذه اول جريمة حسد في الدنيا، حسد ابليس لآدم على المنزلة التي اعطاها اياه الخالق، فقال تعالى معاقبا له على كفره واستكباره : " فاخرج منها فانك رجيم وعليك اللعنة الى يوم الدين"، ومن هنا بدأت المعركة او الفتنة والإغواء بين الشيطان المرجوم باللعن والخزي وحزبه الكافرين، وبين ادم وحزبه المؤمنين، حيث اقسم ابليس للباري بالاغواء للناس، تجرئا على العصيان لله، والتكبر على من امر له بالطاعة،  بقوله : " قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم"، ورد عليه تعالى بقوله جل وعلا : " واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا "، فقال ابليس لعنه الله : " قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون"، فقال له تعالى : " قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم"، فقال لعنه الله : "  قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين".

لقد حذر الله عز وجل عباده في كل الاديان من الفتن، وقد صرح عنها في القران على انها اربع فتن، جاء ذكرهم في سورة الكهف، التي كان الرسول عليه السلام يأمر بقرأتها استعاذة من فتنة الدجال، وهذه الفتن هي : 

1-فتنة الدين (قصة أهل الكهف)، وهي قصة الفتية الذين هربوا بدينهم من الملك الظالم، فآووا إلى الكهف، حيث حدثت لهم معجزة إبقائهم فيه ثلاثمئة سنة، وازدادوا تسعا، وكانت القرية قد أصبحت كلها على التوحيد. ثم تأتي آيات تشير إلى كيفية العصمة من هذه الفتنة (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا) آية 28 – 29. فالعصمة من فتنة الدين تكون بالصحبة الصالحة وتذكر الآخرة. 

2-فتنة المال (صاحب الجنتين)، وهي قصة صاحب الجنتين الذي آتاه الله كل شيء فكفر بأنعم الله وأنكر البعث فأهلك الله تعالى الجنتين. ثم تأتي العصمة من هذه الفتنة (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا ) آية 45 و46. والعصمة من فتنة المال تكون في فهم حقيقة الدنيا وتذكر الآخرة.

3- فتنة العلم (موسى عليه السلام والخضر)، وهي قصة موسى عليه السلام مع الخضر، وكان موسى  ظنّ أنه أعلم أهل الأرض، فأوحى له الله تعالى بأن هناك من هو أعلم منه فذهب للقائه والتعلم منه، فلم يصبر على ما فعله الخضر، لأنه لم يفهم الحكمة في أفعاله، وإنما أخذ بظاهرها فقط. وتأتي آية العصمة من هذه الفتنة (قَالَ ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي أمرا) آية 69. والعصمة من فتنة العلم هي التواضع وعدم الغرور بالعلم.

4- وفتنة السلطة (ذو القرنين). وهي قصة ذو القرنين الذي كان ملكاً عادلاً يمتلك العلم، وينتقل من مشرق الأرض إلى مغربها عين الناس، ويدعو إلى الله وينشر الخير، حتى وصل لقوم خائفين من هجوم يأجوج ومأجوج فأعانهم على بناء سد لمنعهم عنهم، وما زال السدّ قائماً إلى يومنا هذا. وتأتي آية العصمة (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا  الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) آية 103 و104. فالعصمة من فتنة السلطة هي الإخلاص لله في الإعمال وتذكر الآخرة.

يتبع... يتبع ... يتبع ...

 

תגובות

מומלצים