نظــــرة في السَّـــــعادة جزء3/2

ان السعادة الحقيقية موجودة في داخلنا، في ذواتنا، في ارواحنا، تلك الروح التي خص الله تعالى فيها العنصر البشري ليتميز عن سائر الحيوان والنبات والجماد، وتمنحه القدرة على النطق وتعليم البيان والتفكر والتدبر والتبحر في معرفة النفس وفي اصول الاديان والفلسفة والحكمة

13.04.2018 מאת: منير فرّو
نظــــرة في السَّـــــعادة  جزء3/2

ليرتق في عالم الروح والروحانيات والادراك، والعلوم العقلية التي تنفعل بالذات الإنسانية، وتلحقه بعالم الملائكة الأطهار، المرفعين عن الم الجسد وحريق النار، ليُعرج في سماء المعرفة، التي هي  اللذة الحقيقية، التي ترتبط بتحقيق الخير في نظر سقراط الحكيم ولا تتم في السعي إلى المزيد، ولكن في تنمية القدرة على التمتع بالأقل، وعند الفارابي هي في التفكير والفهم والوعي الفكريّ العميق للأشياء، ولا ترتبط بالجسد، وليست إشباعاً للذة، وفي نظر بوذا " ليس هناك طريق للسعادة: السعادة هي الطريق"، وعند كونفوشيوس هي التركيز على التفكير الإيجابي، التي تساعد البشر على إيجاد الروابط بين الأفكار والمشاعر والتصرفات، وهي الفضيلة والاخلاق في نظر افلاطون الحكيم، والتي هي معرفة الذات الالهية المقدسة، التي كل اسرار الوجود تقف امامها منحنية، خاشعة، خاضعة، خاسئة، حاسرة، حائرة، مذعنة، حسيرة، مقرة له تعالى بالربوبية، والعظمة اللاهوتية، والقدرة الجبروتية، والديمومية السرمدية التي هي السعادة المطلقة والهدف الاسمى والارقى للعنصر البشري عليه ان يسعى من اجل تحقيقيها وهي "الجمهورية الفاضلة"، التي يسودها الخير والسلام والطمأنينة والسعادة، والتي هي المطلب الذي ينشده كل البشر؛ والتي طلبها الأكثرون في غير موضعها، فعادوا كما يعود طالب اللؤلؤ في الصحراء صفر اليدين، كسير القلب، خائب الرجاء.

والسعادة في معرفة الانسان لنفسه كما قال سقراط الحكيم: " يا انسان اعرف نفسك بنفسك"، وكما قال بعضهم : " من عرف نفسه عرف ربه"، وقيل: " من عرف نفسه لم يشقى "، ومعرفة النفس تتطلب الشجاعة والصدق وتعني : خلص نفسك من هذه السلطة وتلك ، انظر لنفسك بمعزل عن تأثيرها .. أعد النظر مرارا فيها ، راجعها ، تأكد من حقيقتها . اخضعها كلها تحت المجهر . أو بمعنى أشمل ، قم بممارسة  النقد عليها . النقد الذي لا يرحم الباطل ويطأطئ رأسه احتراما للحقيقة ، وانها أي النفس البشرية تحت العجز والضعف لا تملك حولا ولا قوة لا بحركة ولا بسكون الا بقدرة مبدعها ومنشئها جل جلاله كما قال يسوع المسيح في الانجيل : " سعداء هم الذين يدركون حاجتهم الروحية».

واذا عدنا الى "جمهورية افلاطون" فانها مثل للدولة الحقيقية، لأن الدولة تتماسك بنظام، وهذا النظام يجب أن يكون سليما تتعاون فيه جميع المؤسسات، لتخدم الإنسان وتقوده الى السعادة المثالية، لا السعادة السلبية، المتمثلة بالمادة، وكذلك الإنسان فهو مبني على نظام وعلى جميع الأعضاء أن تكون سليمة، لتخدم ذاك الإنسان، وتوصله إلى السعادة، لأن دولة أفلاطون جاءت بحكم العقل الخالص، المتجسم في طبقة الملوك والفلاسفة، والمبنية على المعرفة الكليّة للأشياء المتمثلة بالحكمة والشجاعة والعفة والعدالة، فالحكمة فضيلة العقل وهي السلطة في الدولة ، والعفة فضيلة القوة الشهوية، وهي المجتمع الإنساني في الدولة، ويتوسطهما الشجاعة وهي فضيلة القوة الغضبية، وهي الشرطة العسكرية في الدولة للحفاظ على الأمن، فالقوة الغضبية تعين العقل على الشهوية، فيقاوم إغراء اللذة ومخافة الألم

وعندما تتحقق كل قوة من هذه القوّات الثّلاثة، العاقلة، الغضبية والشهوية فضائلها التي هي الحكمة، الشجاعة والعفة، تتحقق عندها في المرء الفضيلة الرابعة التي هي العدالة، والتي هي الحكم المثالي والنزيه في الدولة، دون تطرف، أو عنصرية، أو ميل إلى الظلم والإرهاب أوسياسة البطش والقمع والتعسّف، بل المساواة التّامة بين جميع فئات الشعب دون تمييز لدين أو لون، لأن أفلاطون يقول: " غايتنا من إقامة الدولة إسعاد الجميع،لا إسعاد طبقة"، فالفضيلة الرابعة التي هي العدالة هي باب السعادة، لان تربية أفلاطون تربية ممتعة، دون إكراه مما يميت معنى الحرية. 

 

כתבות בנושא

نظرة في السعادة

يتبع
 

תגובות

מומלצים