وقفة عند مسرحية "طٌرّة  ونَقشة"   لمسرح النقاب

مسرح  النقاب ,  كيف يُجند مسرح "النقاب" هذا الجمهور العريض لحضور أعماله؟. الجواب: من الطبيعي أن يتجاوب الجمهور مع العمل عندما يصاغ النص الذي  يحاكي مشاعر ه ويعبر عن تطلعاته بحبكة فنية راقية. 

25.11.2017 מאת: هادي زاهر
وقفة عند مسرحية "طٌرّة  ونَقشة"   لمسرح النقاب

طٌرّة ونَقشة هو العمل الفني الأخير الذي قدمه مسرح "النقاب" على خشبته، وهو كما عرفه القيّمون على المسرح عبارة عن كابارية ساخر من ستة فصول، من تأليف منعم منصور ومن اخراج صالح عزام، وهذا النوع من المسرح هو أسلوب متبع في المغرب العربي وفي الدول الأوروبية، يأتي بدون الكثير من التقنيات مع ديكور خفيف وذلك لتمكين الممثلين من عرض المسرحية في كل
مكان، و"الكاباريه" كلمة مشتقة من اللغة الاسبانية معناها " حفلة سمر" وهي تعني باللغة الفرنسية " مقصف" وهو في الأساس برنامج ترفيهي مرتجل لعرض الأغاني اللاذعة والرقصات و"السكتشات" والمشاهد الهزلية والمقاطع الهجائية، وبما أن مجتمعنا العربي يتحول تدريجيا إلى مجتمع مدني فقد أضحى هذا الأسلوب يتلاءم مع مجتمعنا وهو يعتبر تجديدًا في وسطنا الفني
المحلي.

النص كان رائعا للغاية وشاملًا مع بعض التحفظات التي سآتي على نماذج منها لاحقًا، ويعود ذلك إلى الوعي الشمولي لكاتب النص منعم منصور وهو أستاذ ثانوي متقاعد.. فنان وشاعر شعبي، يستعرض معظم قضايانا المعيشية، مُطعمًا المشاهد بالأغاني النقدية التي جاءت بروح كوميدية، تداخلت بشكل جيد مع النسيج الدرامي للنص مما أضفى جمالية فنية أخرى على المسرحية، ومن ضمن ما انتقده "القائمة العربية المشتركة" وهناك ما يؤخذ على هذه القائمة ولكن هل يعلم السيد منعم بان " ثلاثة أعضاء كنيست من هذه القائمة كانوا من افضل " 10 " أعضاء كنيست على الصعيد تقديم القضايا الاجتماعية وذلك حسب تقرير الكنيست نفسه؟ وهذا مغايراً لما تنشره السلطات وزعانفها في الوسط العربي من أن أعضاء الكنيست العرب يهملون قضايا المواطنين العرب في البلاد ويهتمون بالقضية الفلسطينية، ومن قال ان الاهتمام بالقضية الفلسطينية يعيبهم؟!

عضو الكنيست يجب ان يكون له رؤية ورؤيا شمولية حول كل القضايا الإنسانية، يجب ان يهتم في قضايا شعبه وقضايا الإنسانية جمعاء.. يجب ان يثيره ما يجري من حروب واعتداء على المستضعفين في كل مكان.. يجب أن يحارب الرأسمالية الشرسة التي تجيز لنفسها أن تبطش بخيرات البشر. وليس بالضرورة أن يأتي هذا على حساب ذاك.

 قام الفنان منعم منصور بأداء دور المرشح لرئاسة السلطة المحلية، وقف طويلا عند الوعود التي يطلقها المرشح، والشعارات التضليلية التي يستعملها لاستمالة الناس من أجل دعمه، والتي منها دعمه لحق المرأة في أن تتولى المناصب المختلفة، ولعل المواطن العربي في بلادنا سيعتقد حيث تمثل المسرحية بانه يعني رئيس السلطة المحلية في بلده تحديدًا، وهنا تكمن قوة النص الصائب لكبد حقيقة الواقع الذي نعيشه، خاصة وان هذا الواقع قد لا يختلف من قرية عربية أو مدينة إلى أخرى؟!

تتذكرون ما قاله رئيس مجلس دالية الكرمل السيد رفيق حلبي في مهرجان انتخابي عندما عرضت أمامه مسرحية قصيرة؟ نحن نتذكر جيدًا:  " أن مجتمعنا يعج بالمواهب التي يجب أن نرعاها...  ومش حرام هذه المواهب  تذهب بدون رعاية، وانا اتعهد عندما أصل إلى كرسي الرئاسة بإقامة بناية للمسرح..." وها قد اوشكت فترته على الانتهاء دون أن نرى بناية للمسرح في دالية الكرمل، وهنا مناسبة لنحيي مسرح النقاب الذي يقوم بالتغطية على النقص في النشاطات  الثقافية في كرملنا الغالي.

سبق ذلك المشهد الذي يصور فيه الانسان المقهور الذي فقد ملامحه والتي منها أنفه في إشارة منه بأنه يعاني من النقص في مخزون الكرامة لديه، وقد اخفى وجهه في كيس، وكشف للشرطي اثناء التحقيق ما يجول في نفسه شارحا له الأساليب الرخيصة التي يتوجب على الإنسان أن ينتهجها من أجل تسيير اموره اليومية، لقد جاء هذا المشهد زاخرًا بالكوميديا، وكانت الإيحاءات غزيرة حيث اعتمر الشرطي قلنسوة المتدين اليهودي وتحدث بلكنة عربية ثقيلة في إشارة منه بان الامر يحدث هنا تحديدًا، قام بدور الإنسان المقهور منعم منصور وقام بدور الشرطي الفنان علاء سابا

المشهد الذي جرى في المرحاض بالرغم من زحم الكوميدي الذي تخلله قد يخدش ذوق الكثير من الحضور، كان يمكن الاستغناء عنه وتمرير الرسالة بواسطة الإيحاءات اعتمادًا على ذكاء المشاهد بدلا من المباشرة.

المشهد الذي يعرض جوانب عديدة من واقعنا من خلال الصراحة المطلقة التي تأتي على لسان متعاطي شرب الكحول كان موفقًا من حيث التوجه وكانت الرسالة واضحة ولكن أداء المخرج صالح عزام كان ركيكًا، لم يترنح كما يجب.. لم يتأتيء.. لم يتحدث بلكنة الانسان المخمور، لعل جمعه بين الإخراج والتمثيل كان السبب في هذه العرجة ؟.

المشهد الذي عرض مشاهدة مباراة كرة القدم بين ريال مدريد وبرشلونا كان موفقًا للغاية من حيث الإخراج والتمثيل، كان زاخرًا بالكوميديا اللذيذة،  ولكن يبقى السؤال هل العجائز اللواتي قمن بالأدوار من الممكن أن يعرفوا  أسماء اللاعبين وأدق التفاصيل؟!!

لا نريد ان نسهب في استعراض العمل ولكننا نقول بان هذا العمل اجمالاً كان ناجحا للغاية ولعل الضحكات التي كانت تدوي على المدرج كانت بمثابة الدليل الواضح على نجاح وروعة العمل اذي قلما نجد مثله عندنا، وهنا نحني هاماتنا  احترامًا للطاقم العاملين والممثلين، فقد كان منعم منصور منسجمًا مع دوره غاية  الانسجام ولعل كونه كاتبًا للنص جعله ينصهر كليا مع الأدوار العديدة التي قام بها  وهنا أخشى عليه ان يذوب كليا في دوره ولا يعود إلى شخصه وقد حدث هذا مع  بعض الممثلين..

أداء الممثلين:

علاء سابا ممثل متمرس ومقنع، يستطيع أن ينصهر عميقًا في ادواره. 
اميمة سرحان: كانت خفيفة الظل وقد ذكرنا أدائها ب "صباح الجزائري" في 
مسرحية " كاسك يا وطن " لدريد لحام والتي كتبها محمد الماغوط.
مازن حمدان: كان دوره هامشيا في البداية ولكنه أبدع في العناء الذي انساب
مع المشاهد، كما أن الدور الذي قام في النهاية كان صارخا خاصة عندما مثل
دور رجل الامن الذي مل من ممارساته واشمئز منها فقام بنزع بدلة الشرطي عن
جسده بعصبية.

صالح عزام: كنت أفضل ان يقحم نفسه لأداء هذا الدور.

 التقنيات:
 الديكور الخفيف اللطيف الذي صممه علاء سابا كان ملائمًا لأسلوب الكاباريه.
الموسيقى: ل "علاء قسيم" هيمنت على الأجواء مما ساعد في عملية انسجام 
الجمهور مع المسرحية.
الملابس: كانت موفقة
الإضاءة: كنت أفضل ان يتم التلاعب بها أكثر وتسليطها حيث يجب، لتكون كل
التقنيات المرافقة موفقة.

ويطرح السؤال: كيف يُجند مسرح "النقاب" هذا الجمهور العريض لحضور أعماله؟
الجواب هو: من الطبيعي ان يتجاوب الجمهور مع العمل عندما يصاغ النص الذي
يحاكي مشاعره ويعبر عن تطلعاته بحبكة فنية راقية.

أقول ذلك بعد ان اشتركت في برنامج إذاعي حول قلة الجمهور الذي يذهب إلى
المسارح في وسطنا العربي، قلت للمخرج الذي اشترك في البرنامج: 
عليكم تبني نصوص محلية تعبّر عن واقعنا.. هواجسنا.. وتطلعاتنا، 
فكانت حجة: اننا نفتقد إلى النصوص المحلية الراقية مما يدفعنا إلى التفتيش 
عن نصوص لكتاب عالميين وهنا تكمن المشكلة.

 الحقيقة هي أن هناك نصوص محلية غاية في الروعة ولكن يبدو انه فعلًا 
" لا نبيًا في وطنه" على المخرجين ان يتواضعوا ويشاركوا الكتاب المحليين 
بدلا من الذهاب بعيدًا وعندها سنرى المسارح تعج بالحضور كما هو الحال في 
مسرح " النقاب"..

תיאטרון אלנקאב עוספיה סאטירה פוליטית

תגובות

מומלצים