أدب الأطفال والتكنولوجيا والألعاب الإليكترونية خاصة الفورتنايت

لعبة الفورتنايت المضامين السلبية العديدة لهذا البرنامج والتي تؤثِّر بشكل كبير على الأطفال، ومن ذلك، العنف والقساوة الموجودة فيه، وأيضا التوتر والقلق نتيجة استخدام الأسلحة المختلفة والفخاخ والقتل، وكذلك الشخصيات القريبة من الواقع التي قد تجعل الطفل الصغير وكذلك المراهق يقلّدانها، وبالأخصّ في جيل المراهقة.

15.12.2019 מאת: د. حسام خليل منصور
أدب الأطفال والتكنولوجيا والألعاب الإليكترونية خاصة الفورتنايت

 

أدب الأطفال هو مجموعة من الإنتاجات أو المنتوجات الأدبية والفنية التي تُقدَّم للأطفال حسب احتياجاتهم ومراعاة لمراحلهم العمرية. وبينما كان هذا المصطلح يقتصر في الماضي على الإنتاجات المكتوبة والمقروءة والمسموعة، أصبح في عصرنا هذا يشمل أيضا الإنتاجات المرئية خاصة من خلال وجود وسائل التكنولوجيا المتنوعة ( الإنترنيت، الحاسوب، الآيباد، التابلت، الهاتف النقال وغيرها )، والتي أصبح تأثيرها كبيرًا جِدًّا على الأطفال والأبناء من النواحي العديدة – التعليمية، التربوية، الاجتماعية والصّحّية حتى أدّت ببعضهم إلى حالات وحوادث صعبة خاصّة في ظِلّ الألعاب الإليكترونية الحديثة.

ومن هذه الألعاب، لعبة الفورتنايت، وهي لعبة فيديو إلكترونية من نوع البقاء، صدرت يوم 27 يوليو 2017م، وتعمل على نظام تشغيل بلاي ستيشن 4 وإكس بوكس ونومايكروسوفت ويندوز وماك أو إس وأجهزة آي أو إس والأندرويد. جماعية. توجد لهذه اللعبة شعبية كبيرة بين الصغار في سنّ 12 سنة، وأسباب ذلك أنها " مجانية "، وأيضا شخصياتها قريبة من الواقع وألوانها فاقعة، وتحوي مؤثرات خاصة مبالَغ فيها، مع بعض الفكاهة، إضافة إلى أنها تمكّن اللاعبين من " التحوّل إلى روّاد فضاء مثلا أو أبطال خارقين، بالإضافة إلى الرقص وغيرها من الإمكانات "، ولكن في نفس الوقت، تدور أحداثها في عالم افتراضي. هذه اللعبة عبارة عن 100 لاعب يطلقون النار على بعضهم البعض حتى يتبقى شخص واحد في النهاية.

وفي بداية اللعبة، تحلق طائرة تضم اللاعبين فوق جزيرة، وكلّ لاعب يقرر أين سيقفز. وبعد ذلك، يقوم اللاعب بالبحث عن الأسلحة والفخاخ والأدوية داخل المنازل والأبنية، ونتيجة الطرق العديدة التي يستعملها اللاعبون بهدف الحصول على الأسلحة، فإنّ كل لعبة تختلف عن سابقتها. ويقوم اللاعب باستخدام فأس ومطرقة لتقطيع الأشجار وتكسير الصخور، بهدف بناء الجسور أو الدفاعات اللازمة لحماية نفسه، ومع مرور الوقت، تصبح ساحة المعركة أصغر فأصغر. وعندما يصيب اللاعب لاعبًا آخر، يقوم بحركات استخفاف واستهزاء وسخرية من اللاعب المصاب ترافقها أنواع من الموسيقى خلال رقص اللاعب المنتصر على جثة اللاعب المهزوم والمصاب، وكلّ ذلك بهدف إغضابه وتعريفه على المسيطِر في هذه اللعبة.

إضافة إلى ذلك، قد تتسبّب هذه اللعبة بحدوث ضرر كبير على شخصية الطفل والمراهق، لأنها قد تؤدي إلى الإدمان عليها والسيطرة على منهاج حياته. ومن ذلك، ما حصل مع الفتى الذي يبلغ 14 عامًا وهو من سكان مدينة العفولة الذي تأثَّر من هذه اللعبة لدرجة أنه أصبح يتغيب كثيرًا عن المدرسة، وكذلك صار يعاني من تفجُّرات غضبية (התפרצויות זעם)، إهمال ذاتي وتهديدات بالانتحار وهو يحمل سكينًا أثناء ذلك. وتقرَّر إرسال هذا الفتى إلى مُراقَبَة وتشخيص تحت إشراف معالِج الطبّ النفسي (הסתכלות פסיכיאטרית) بأمْر من المحكمة. هذا من جهة واحدة، ومن جهة ثانية، هناكَ مَن يفترض أنه بالرغم من سيئات هذه اللعبة، إلا أنها تحتوي أيضا على بعض الإيجابيات مثل إنتاج الحوار الجماعي ( فعالية اجتماعية ) أثناء اللعب فيها، تطوير وتنمية التفكير، التأقلم مع التغييرات، والتعاون.

اعتمادًا على ما ذُكر أعلاه، يُمكِن الإشارة إلى المضامين السلبية العديدة لهذا البرنامج والتي تؤثِّر بشكل كبير على الأطفال، ومن ذلك، العنف والقساوة الموجودة فيه، وأيضا التوتر والقلق نتيجة استخدام الأسلحة المختلفة والفخاخ والقتل، وكذلك الشخصيات القريبة من الواقع التي قد تجعل الطفل الصغير وكذلك المراهق يقلّدانها، وبالأخصّ في جيل المراهقة في سنّ 12 سنة، والتي من مميزاتها التقليد والتضامن مع الشخصيات الموجودة أمامهم، وأيضا حبّهم لقصص وبرامج البطولات والمغامرات والشجاعة، فيُمكن أن يؤدّي به الأمر إلى محاولة قتْل غيره أو نفسه، هذا إضافة إلى سهولة الحصول عليها كوْنها مجانية.

والسؤال المطروح هنا هو: هل نقف كأهْل ومربّين ومسؤولين موقف المتفرِّج، أم نضع كلّ إمكانيّاتنا وجهودنا لإيقاف هذه الظاهرة أو التخفيف منها؟ وهل بالفِعْل نستطيع إيقافها ومَنْعها مَنْعًا باتًّا؟ الجواب هو لا.

أقترح بهذا الصّدد، المرافَقة والحِوار، وإن احتاج الأمر إلى اللّعب مع الأبناء بالوسائل التكنولوجية والألعاب الإليكترونية المذكورة، ومن خلال ذلك، إرشادهم وتوعيتهم لإيجابيّاتها وسلبيّاتها، فليكُن.

ملاحظة: يعتمد هذا المقال على كِتابي بعنوان : " إضاءات على أدب الأطفال – لماذا؟ كيف؟ إلى أين؟ "، إصدار " دار الحديث للإعلام والطباعة والنشر"، 2019

 

د. حسام خليل منصور – مُحاضِر وباحث في مجال أدب الأطفال

 

תגובות

מומלצים