نظرات في أدب الأطفال المصطلح والمجال وعلاقته بالتربية والتعليم

إنّ مصطلح أدب الأطفال يتكوّن من كلمتَين : أدب وأطفال، ويتمّ الأدب على مستوَيَيْن، المستوى الأوّل هو التربية والأخلاق، والمستوى الثاني هو المستوى اللّغوي – أنواع النّصوص الأدبيّة مثل الكِتاب المصوّر، القِصّة، المسرحيّة وغيرها.

05.01.2020 מאת: د. حسام خليل منصور
نظرات في أدب الأطفال المصطلح والمجال وعلاقته بالتربية والتعليم

 

يجب التنويه منذ البداية، أنه توجد إشكاليات معيّنة بالنسبة لمصطلح " أدب الأطفال "، فالإشكالية الأولى تنعكس من خلال وجود مراحل طفولة متفاوتة ومختلفة، ولا يمكننا أن نتعامل مع جميع هذه المراحل بصورة واحدة، فنجد مرحلة السنوات الأولى، مرحلة الطفولة المبكّرة، مرحلة الطفولة المتوسّطة، مرحلة الطفولة المتأخرة، فمرحلة المراهقة المبكّرة حتى جيل 15 سنة – مرحلة البلوغ – مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق بين المجتمعات والحضارات بالنسبة لهذه النقطة أو المسألة، وكلّ واحدة من هذه المراحل تختلف عن الأخرى من حيث الخصائص والميّزات.

لذلك، يجب علينا أن نقول: أدب أطفال لمرحلة الحضانة، أدب أطفال لمرحلة الطفولة المبكّرة، وهكذا دواليك. أما الإشكالية الثانية فتنعكس من خلال رأي الباحث رافع يحيى الذي يذهب في كتابه بعنوان : " تأثير ألف ليلة وليلة على أدب الأطفال العربي "، إلى أنّ هذا المصطلح عام وغير دقيق ويحتوي على كثير من الأجناس الأدبية، لذلك مفضَّل أن نستعمل تعريفات مستقلة له، مثل: " قصة الأطفال "، " مسرحية الأطفال "، " رواية الأطفال ". لا نقول: " أدب الكبار "، لذلك لا نقول أيضا: " أدب الأطفال ".

ويمكن تعريف مصطلح أدب الأطفال بتعريفه الأوّلي والأساسي، أنه مجموعة من الإنتاجات أو المنتوجات الأدبية والفنية التي تُقدَّم للأطفال حسب احتياجاتهم ومراعاة لمراحلهم العمرية. وبينما كان هذا المصطلح يقتصر في الماضي على الإنتاجات المكتوبة والمقروءة والمسموعة، أصبح في عصرنا هذا يشمل أيضا الإنتاجات المرئية خاصة من خلال وجود وسائل التكنولوجيا المتنوعة ( الإنترنيت، الحاسوب، الآيباد، التابلت، الهاتف النقال وغيرها .

ومن هذا المنطلق، يمكن إضافة " برامج الأطفال "، ألعاب الأطفال" ، كما أنه يوجد " برامج الكبار"، و - " ألعاب الكبار ". وتجدر الإشارة أيضا إلى أنّ كلمة أدَب هي مفرد كلمة آداب وهي تعبِّر عن إكساب الإنسان وخاصة الطفل السلوكيّات والأخلاق الحميدة، إضافة إلى أنّها ترتبط بالنصوص الأدبية والتي تشمل: الكتاب، المصوَّر، الأناشيد، القصص وغيرها.

اعتمادًا على ما وَرَد أعلاه، يمكن القول، إنّ مصطلح أدب الأطفال يتكوّن من كلمتَين : أدب وأطفال، ويتمّ الأدب على مستوَيَيْن، المستوى الأوّل هو التربية والأخلاق، والمستوى الثاني هو المستوى اللّغوي – أنواع النّصوص الأدبيّة مثل الكِتاب المصوّر، القِصّة، المسرحيّة وغيرها. وبذلك، يرتكز أدب الأطفال بداية وقَبْل كلّ شيء، على التربية وتهذيب الأخلاق ووَضْع الحدود بالشكل الصحيح، وبعد ذلك، يأتي العلاج أو الإعانة العاطفية للتغلّب على الحواجز العاطفيّة واختلاط المشاعر السّلبية إنْ وُجِدَت، حتى الوصول إلى التوافُق النفسي والعاطفي، وحينها يأتي التعليم وإكساب المعلومات، فيلتقطها ويكتسبها الأطفال والتلاميذ بالشكل السّليم، بل والأهمّ من ذلك، يفهمونها ويستوعبونها ويُذوّتونها ويُطبّقونها على أرض الواقع.

وهكذا تُصبِح عمليّة التعلّم أفضل، وتكون النتائج أحسن وذات جودة أكبر، وبذلك يتمّ الربْط بين أدب الأطفال والتربية والتعليم. وهذا هو التصنيف الذي أقترحه، والذي يجعل الشخصية تنمو بشكل صحيح وسليم ومُتّزِن. مع ذلك، يجب أن نتذّكر أن أدب الأطفال هو بالأساس مُتعة عاطفية.

ويجب التنويه هنا ، إلى أنّه في حين كان يُحسَب مجال أدب الأطفال في الماضي على علوم التربية واللغة، أصبح اليوم  يطرُق أبوابًا أخرى مثل عِلْم النفّس، العلاج بأنواعه المتعدِّدة، النموّ، اللهجات، الترجمة، الطبّ والطبّ النفسي، العُسْر التعلّمي بأنواعه المختلفة – القرائي، الكِتابي، الحِسابي وغير ذلك.  

اعتمادًا على ما ذُكِر أعلاه، يُمكِن القول إنّ مجال أدب الأطفال هو مجال متشعب، مركّب، شائك وواسع جدا، والتعامُل معه يتطلّب الكثير من الصّبر والتروّي والحذر، لأنه يُؤثِّر على نموّ شخصية الطفل والطالب المدرسي.

ملاحظة: يعتمد هذا المقال على كِتابي بعنوان : " إضاءات على أدب الأطفال – لماذا؟ كيف؟ إلى أين؟ "، دار الحديث للإعلام والطباعة والنشر، 2019

د. حسام خليل منصور – مُحاضِر وباحِث في مجال أدب الأطفال.

 

תגובות

מומלצים