نظرة في توصيات وزارة المعارف بالنسبة للوظائف البيتية

أصدَرت وزارة المعارف مؤخرًا قرارًا حول إعطاء الوظائف البيتية لطلاب المرحلة الابتدائية، وذلك بعد الاطلاع على دراسات وأبحاث عديدة في هذا المجال. وقد أوصى هذا القرار بتنظيم هذه العملية من خلال إجراء بعض التعديلات عليها، ومن ذلك،

13.08.2018 מאת: د. حسام خليل منصور
نظرة في توصيات وزارة المعارف بالنسبة للوظائف البيتية

الامتناع عن إعطاء وظائف كإكمال لمادّة تعليميّة لم يتم تعلمّها في الصّف، عدَم العقاب في حال عدم القيام بالواجبات البيتية أو التخفيض من العلامة، تنسيق الواجبات والوظائف البيتيّة مع جميع المعلّمين بهدَف منْع حدوث ضغْط على الطلاب، استغلال الوقت في المدرسة لحلّ هذه الوظائف، وتقليص الواجبات البيتية وترْك القرار للمدارس التي يوجد عندها استقلاليّة في القرار، بشرْط اقتصار الوظيفة على 10 دقائق قراءة أو لُعبة في الصفوف الدّنيا (الصغيرة) ونصف ساعة في الصفوف العُليا.

أما بخصوص موضوعَي اللغة الانجليزيّة والرّياضيّات، أشارت الوزارة أنّ الوظائف البيتيّة هامّة جدّا بهدف التّمرينات. وقد صدَرَ هذا القرار، نتيجة الادّعاء أنّ الوظائف البيتية لا تضيف للطالب، خاصّة في الصفوف الابتدائية، حيث يعتمد الطلاب في حلّ غالبيتها على والديْهم، وحتى إذا أعطيت وظائف، يجب ملاءمتها للمرحلة العمرية.

إضافة إلى ذلك، قررت وزارة المعارف، أنه على المدارس ملقاة من العام القادم مسؤولية الحفاظ على كُتب ودفاتر الطلاب داخل جدرانها. وقد أوصت الوزارة بأمور بديلة عديدة ومتنوّعة للوظائف البيتية، منها قراءة ومطالعة كتب لفترة زمنية لا تقل عن 10 دقائق يوميا لما فيها من المتعة وتقوية العلاقة بين الأهل والطالب، وأيضا الإفادة التعليمية مثل زيادة الثروة اللغوية وتحسين فَهْم المقروء.

الآن، وبعد عَرْض هذه التوصيات، سأحاول إلقاء نظرة معيّنة على قِسْم منها.

النقطة الأولى: إعطاء وظائف كإكمال لمادّة تعليميّة لم يتم تعلّمها في الصّف: يهدف إعطاء الوظيفة البيتية للطلاب إلى فَحْص مدى فهْمهم واستيعابهم وتذويتهم للمواد التي يشرحها المعلم في الصف خلال الحصص التعليمية، ومن خلال مردود الطلاب حول أسئلة وتمارين هذه الوظائف، يتمّ الوقوف على نقاط الضعف والصعوبات التي يُواجهونها في قِسْم من الأسئلة، وبالمقابل نقاط القوة التي تظهر من خلال تمكّنهم من حلّ القِسْم الآخر من هذه الأسئلة والتمارين.

ولا تهدف هذه الوظائف إلى إكمال المواد التي لم يتسع الوقت لشرْحها في الحصص التعليمية وبالتالي، فهي جديدة على الطلاب، وعدَم فَهْمها قد يُسبِّب لهم الإحباط والنفور من التعليم، وعدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة. ويزداد الأمر حِدّة عندما لا يستطيع أهلهم كذلك، فهْم هذه الوظائف وحلّها، وقد ينتج ذلك من الاختلاف في المناهج والموادّ الدراسية بين الفترة التي تعلّموا فيها الأهل، وبين اليوم.

النقطة الثانية: اقتصار الوظيفة على 10 دقائق قراءة أو لُعبة في الصفوف الدّنيا (المنخفضة) ونصف ساعة في الصفوف العُليا: يجب مراعاة التركيز لدى الطلاب حسب المراحل العمرية المتفاوتة، إذ أنّ فترة التركيز لدى طالِب الصفّ الأوّل تختلف عن فترة التركيز لدى طالب الصفّ الثالث، وفترة التركيز لدى تلميذ الصفّ الثالث تختلف عن فترة التركيز لدى تلميذ الصفّ السادس. وتجدر الإشارة، إلى أنّ اللعب وأيضا التربية الفنية التي تشمل الرسم والتصوير وغير ذلك من الفنون، هما أمْران مهمّان جِدًّا في هذه المرحلة للأطفال والطلاب، وقد لا يقلّان أهمية عن التعليم المدرسي في كثير من الأحيان لما فيهما من اكتشاف المواهب وتنميتها وتطويرها.

النقطة الثالثة: مسؤولية المدارس الحفاظ على كتب ودفاتر الطلاب داخل جدرانها من العام القادم: يُريح هذا الأمر الطلاب من حَمْل الحقائب خاصة إذا كانت ثقيلة، وبالتالي، يحافظ على نموّهم الصحيح، وعلى صحتهم أكثر.

أمْر بديل للوظائف البيتية - قراءة ومطالعة كُتب لفترة زمنية لا تقل عن 10 دقائق يوميا: تحثّ الوزارة على قراءة الكتب لأنّها تجلب المتعة وتقوّي العلاقة بين الأهل والطالب، وأيضا لأنها تُغني الثروة اللغوية وتحسّن فَهْم المقروء، وأضيف هنا تنمية وتطوير التعبير الشفهي ثم الكتابي. إضافة إلى ذلك، إن احتياجات الصغار في فترات حياتهم الأولى ودوافعهم النفسية للمطالعة عديدة، منها: الحاجة للثقة بالنفس، الحاجة للمشاعر ولتغيّرات الواقع، التضامن، والتغلب على المصاعب والانتماء.

وتلعب الكتب هنا دَوْرًا مهمًّا في مساعدتهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في مجالات احتياجاتهم الشخصية وصلاتهم الاجتماعية مع الأخذ بعين الاعتبار تمييز هذه الاحتياجات من حيث سُلم الأعمار وسُلم الاهتمامات والفروق بين الجنسين واهتماماتهم حسب وعيهم وخلفياتهم الاجتماعية.

ومن أهم احتياجات الأطفال الصغار النفسية، الحاجة إلى الأمان العاطفي الذي يُشكِّل عاملًا حيويا بالنسبة لبناء شخصيتهم، ويتم ذلك من خلال مطالعتهم للقصص التي تتحدث عن العائلة السعيدة، الصداقة، الوفاء والتضحية، وقراءتهم لهذه النوعية من القصص بمشاركة أهلهم، قد تُعزّز العلاقة بين الجهتين.

أريد هنا التنويه لبعض الأمور، منها أنّ الكُتُب المذكورة قد يكون المقصود بها قصص الأطفال في مراحلها المتفاوتة، إذ تُخصّص لكلّ مرحلة عُمرية قصص ملائمة لها ومراعية لميزاتها وخصائصها، ويجب الانتباه لهذه النقطة.

ولو أخذنا على سبيل المثال القصص الملائمة للصفوف الأولى والثانية، ينبغي أن تكون القصص ذات خلفية مألوفة تعكس تجارب الطفل اليومية، تدخل ضمْن عالم الخيال وعلى لسان الحيوان، الكلمات فيها كبيرة ومُشكّلة، وتحتل الرسوم الحيّز الأكبر من الصفحات، فترتها الزمنية قصيرة، الجُمل فيها قصيرة وبسيطة معظم مفرداتها مألوفة ومحسوسة للطفل، ومطابِقة لقاموسه بشكل كبير، وليس بمستوى يصعب عليه التعامل معه ممّا يُسبِّب له الإحباط والفشل.

ويجب التنويه إلى نقطة مهمة بالنسبة للقصة والقصص وأنواعها، وهي أنّ القصة في الدرجة الأولى هي مُتعة عاطفية للأطفال وتضامُنهم مع شخصيات القصص واسقاط مشاعرهم وتفريغ أحاسيسهم ومشاعرهم، وليست امتحانًا لهم.ختامًا، إنّ الوظائف البيتية ليست غاية بحدّ ذاتها، وإنما هي وسيلة لمراجعة الموادّ التعليمية والتأكّد من فَهْمها واستيعابها، لذلك، يجب أن تقتصر على سؤال أو تمرين جوهري وأساسي لا يتطلب حلّه فترة زمنية طويلة.

 

תגובות

מומלצים