أضف الى رجائك ورقة ياناصيب

04.10.2019 מאת: نبيل عودة الناصرة
أضف الى رجائك ورقة ياناصيب

 

السيد كمال أعلن إفلاسه، وتقدم للمحكمة بدعوى لإعلان الإفلاس، التي لم تجد سببا وجيها لرفض طلبه، رغم ان الاعتراضات والشكوك التي قدمها الدائنون للمحكمة،ضد إعلان إفلاس السيد كمال كانت كثيرة.

المحكمة حسب ما رأت، الشكوك مبنية على تخمينات دون أي اثبات عملي، بان السيد كمال يقوم بخدعة حتى يتهرب من دفع ديونه، السيد كمال باع سيارته، وباع بيته، واستأجر بيتاً في حي فقير، بالكاد يتسع له ولزوجته ولأبنائه الأربعة، وتسجل كعاطل عن العمل ليضمن ضمان الدخل من صندوق الدولة، حتى يجد عملا يعيل به زوجته وأولاده.. او يعود الى تجارته وأيام عزه، عندما كانت الأموال تتدفق بين يديه بلا حساب، ولكنه لم يفكر بيومه الأسود، ولم يتوقع ان تصل مصاريفه الشخصية، على نفسه وعلى أصحابه، أكثر من ارباح تجارته، مما جعله " يأكل رأس المال" كما قال له المحاسب.. ويعجز عن تسديد ديونه، وتتكاثر عليه الحجوزات والمصادرات حتى صار "على البلاطة".

السيد كمال تاب الى ربه، بعد حياة المجون التي قادته للإفلاس، وعمل بنصيحة رجل الدين الذي تاب على يده، بأن لا يفوت صلاة ولا يستهتر بقوة الله وعظمته.. وان الله سميع مجيب، اذا تاب حقاً وليس خدعة أخرى للتهرب من دفع ديونه.. كما يتهمه الدائنون.. فأقسم كمال بكل الغالي على نفسه، بانه حقاً تاب ونادم على ماضيه وضلاله الذي دمر حياته.

وحقا بات تواجد السيد كمال في الصلاة منتظماً، ويستمع للمواعظ الدينية، ويطلق يديه الى أعلى راجياً الأب والإبن ان يعيدا اليه مجده السابق، ليعمل على خدمتهما بدل أصدقاء السوء وقضاء السهرات في نوادي القمار، وفي مخادع الزانيات وفي بارات الرذيلة والسكر.

وتمر الأيام، والسيد كمال يتواجد في كنيسة الله، وقد أدخل في توجهه للمخلص الرب نداءً حارقاً ان يقع في نصيبه الفوز بجائزة الياناصيب الكبرى، التي تقفز أحياناً الى عدة ملايين من الدولارات.

كان يجثو ساعات امام الهيكل خاشعاً في صلاة حارة، تقطع نياط قلب من لا يعرف السيد كمال وما قاده الى هذه الحال، فكيف من عرفه في أيام غناه وسطوته حين كان لا يسجد الا أمام التنانير... اذا شاهدوه يسجد مذلولاً اما تماثيل صماء؟!

في احدى صلواته قال بصوت مسموع وحارق: "هل كثير عليك يا الهي ان تجعلني أفوز بالجائزة الكبرى في الياناصيب؟.. أليس ابنك الذي ارسلته ليخلصنا هو من قال: "اقرعوا يفتح لكم، ابحثوا تجدوا؟"

ألا ترى حالي في الحضيض؟ لا أجد ما أطعم به اولادي، وها انا منذ سنتين أرجوك واقرع أبوابك وابحث في كنيستك، لعل الياناصيب الكبير يقع في نصيبي، فأبني لك كنيسة جديدة، وأتبرع للمحتاجين، ولا أقوم الا باعمال الخير، فقط افتحها بوجهي كما أغلقتها بوجهي حين رأيت ضلالي!!

الكاهن الذي أرشده للإيمان وطريق الخلاص، استمع اليه صامتا، وتألم لحال السيد كمال. وحاول ان يطمئنه ان الربح الكبير، ليس في هذه الدنيا انما في الحياة الأبدية التي ستكون من نصيب المؤمنين الصادقين والطيبين.. ومنفذي تعاليم الرب. هناك في الآخرة السعادة الكبرى والربح العظيم.. حيث الحياة الأبدية بين الملائكة والقديسين.

ومرة سأله السيد كمال:

- ولكن يا ابتي الكاهن، ماذا يضر الله لو رزقني بالياناصيب في هذه الحياة الفانية، لأعمل على زرع تعاليمه، وأعيش حياة طبيعية بوفره وهدوء بال والعمل الصالح، وأضمن السعادة الأبدية ايضا في الآخرة ؟
- يا ابني في الايمان، ان طرق الرب غير معروفة للبشر.. مشيئته لا اعتراض عليها.
- الم يقل ابنه: "اقرعوا يفتح لكم"، فلماذا يتركني طارقاً على أبوابه ولا يفتح لي؟.
ضحك الكاهن وسأل السيد كمال:
- منذ سنتين وانت تطلب الربح الكبير من الله، هل ساعدت الله ليساعدك؟
- اني انفذ كل تعاليمه يا ابتي.
- هذا جيد لآخرتك.. اما لربح الياناصيب فيجب ان تساعده..
- انا اساعد الرب ؟! كيف يا أبتي اساعده، وهل يحتاج الرب الى مساعدة من بشر ؟
- بالطبع ساعده ليساعدك.. كيف سيساعدك الله لتفوز بالياناصيب، وانت لا تساعده بشراء ورقة ياناصيب على الأقل.. ؟!

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים