الـسوق

08.10.2021 מאת: عبد الكريم احمد الزيدي
الـسوق

 

الـسوق

 


في الزبير جنوب البصرة وبالتحديد في نهاية الثمانينات ، كنت متعودا ان اصطحب معي سلة تسوق صغيرة بلاستيكية خضراء اخطف بها من السوق الشعبي ما يحتاجه البيت من الخضر والفواكه كل نهاية اسبوع وفي صباح كل يوم جمعة بالتحديد...

 

 

كان سوقا شعبيا على الطريق الرئيسي الرابط بين الزبير وطريق بصرة _ناصرية لاازال اذكر اسمه ولا اعرف سبب تسميته (سوق سوادي) ..

 

 

كان سوقا صغيرا دكاكينه الصغيرة المتقابلة تحت مسقف من الجينكو القديم وباعته البسطاء  الذين يفترشون ارضية الدكاكين الضيقة التي لاتكاد تتسع لما يعرضونه من الخضر والفاكهة . كان في حينه موسما لمحصول جني الطماطة الزبيرية الشهيرة التي تتمتع بطعم حامض لايزال عالقا في لساني كلما تذكرتها تشتهر اراضي الرطكة والرميلة بزراعتها مغطاة بشبكة من الالواح البلاستيكية خلال موسم الشتاء واضافة الى محصول خضري بورق السلق كان البصراويون يطبخونه بطريقة غاية في الروعة يسمونه الشبسي وهو قريب الى حد ما من السبيناغ الذي يعرفه اهل الوسط وبغداد..

 

 

اتذكر جيدا انني في اول نزول لي الى السوق بعد استقرار عائلتي في المنطقه النفطية القريبة من الزبير والتي تسمى البرجسية وهي حي سكني نفطي قريب من حقل الزبير النفطي اقام بناءه الموظفين البريطانيين الذين سكنوه منذ اكتشاف النفط في الرميله واستقروا به لحين مغادرتهم اياه بعد تأميم شركات النفط في عقد السبعينيات ...

 

 

المهم في هذه الرواية القصيرة انني وقفت متأملا احدى البائعات العجائز اللاتي كن يعرضن الخضار والفاكهة في هذا السوق وهي متوشحة بلباس اسود ثخين وتحيط خصرها الهزيل برباط من ذات اللباس بطريقة غريبة وهي منشغلة ببيع ووزن الخضر والفاكهة التي اختارها المتسوقون وتعيد لهم من كيس قماش اسود باقي كلف وثمن ما استحقوه حتى انتبهت لطريقة وقوفي هادئا منتظرا ان تفرغ ممن حولي لاسألها عن حاجتي ..

 

 

تبسمت في وجهي بعد أن تيقنت بانني غريب عن هذه المنطقه وربما حزرت ان تكون هذه زيارتي الاولى لسوقها لتسألني عن حاجتي بكل عفوية؟

 

 

لم اشأ ان اشغلها عن عملها فأجبتها بكل ثقة حجية احتاج الى كيلو من الرارنج بلهجتي البغدادية المعروفة لا ادري في حينها لماذا نظرت الي بنظرة من الفضول والعجب لترد علي بلهجة بصراوية ماعدنا وليدي...

 

 

اعتقدت في الوهلة الاولى الى اني لم ارق لها  ولم يسرها تصرفي ربما ولكنني عدت كي ارد عليها وانا اشير الى كومة من النارنج الزاهي المعروض امامها على شيء من الخوص او القش ..أليس هذا المعروض رارنج ياحجية ؟ فلماذا لا تريدين ان تبيعيني  منه!!؟ ، تبسمت بطريقة لا يمكن أن تغيب عن مخيلتي حتى بان من اسنانها اثنان بلون الذهب وهي تقول لي هذا فاش وليدي ...

 

 

نعم...نعم هو ما اقصد اجبتها باستحياء والمتسوقين من حولي يتهامسون بنظرات حيرة واستغراب...

 

عبد الكريم احمد الزيدي العراق/ بغداد

 

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים