الْمَوالِيَّا: صِنْفٌ شِعْرِيٌّ جَميلٌ
الْمَوالِيَّا شِعْرٌ غِنائِيٌّ ظَهَرَ في بَغْدادَ، بَعْدَ نَكْبَةِ الْبَرامِكَةِ. كانَ الشُّعَراءُ يَنوحونَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَيَصْرُخُونَ وَيَقولونَ: يا مَوالِيَّ!!!
وَهوَ أَحَدُ الْفُنونِ السَّبْعَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَهِيَ بُحُورُ الشِّعْرِ الْجَديدَةُ التي ظَهَرَتْ بَعْدَ عَروضِ الخليلِ ابنِ أحْمْدَ الْفَراهيدِيِّ هِيَ: الْمَوالِيَّا، وَكانْ وَكانْ، وَالْقُومَا، والدّوبيتْ، والسِّلْسِلَة، والْمُوَّشَّحُ، والزَّجَلُ.
وَالْمَوالِيَّا تَدْخُلُها كَثيرٌ مِنَ الْكَلِماتِ الْعامِيَّةِ، وَتُسَكَّنُ فيهِ أَواخِرُ الكَلِماتِ غالِبًا. وَيُطْلَقُ عليهِ أَيْضًا الْمَوّالُ، وَلا يَتَقَيَّدُ بِقافِيَةٍ واحِدَة، وَلا بِرَوِيٍّ واحِدٍ بَلْ يُنَوِّعُ فيهِما.
كانَ هذا الْفَنُّ يُنْظَمُ في الْغَزَلِ والْمَديحِ، وَآلامِ الرِّثاءِ وَالنَّدْبِ. وَتكونُ عَلَى الأغْلَبِ عَلَى بَحْرِ الْبَسيط
أَمْثِلَةٌ عَلَى الْمَوالِيَّا:
يا دارُ أَيْنَ الْمُلُوكُ وَأَيْنَ الْفُرْسْ
أَيْنَ الَّذينَ رَعَوْها بِالْقَنا وَالتُّرْسْ
- قالَتْ تَراهُمْ وَهُمْ تَحْتَ الأراضي الدُّرْسْ
سُكُوتْ بَعْدَ الْفَصاحَةِ، أَلْسِنَتُهُمْ خُرْسْ
وَمِنْهُ دونَ الاِهْتِمامِ. بِالإعْرابِ وهو قريبٌ إلَى الْعامِيَّةِ:
- فارَقْتُ رُوحِي وَالْحَيَا ذِكْرُهْ
وَناحَ عَلَى حِماهُمْ الْأَيْكُ في وَكْرُهْ
- يا راكِبًا يَقْطَعُ الْبَيْدا عَلَى بَكْرُهْ
اِحْذَرْ مِنَ الدَّهْرِ لا تَأْمَنْ إلَى مَكْرُهْ
(الأيْكُ: الشَّجَرُ ويَقْصِدُ بِهِ الْحَمام، والْبَكْرُ الْجَمَلُ الشّابُّ الْقَوِيُّ)
وَمِنْها فَنٌّ يُسَمَّى الْمَوالِيَّا الْمُوَشَّحَةَ. تَتَكَوَّنُ مِنْ بَيْتَيْنِ إلَى ثَلاثَةِ أَبياتِ بقافِيَةٍ واحِدَةٍ، ثُمَّ تَتْبَعُها أَبياتٌ أُخْرَى بِقافِيَةٍ وَرَوِيِّ مُخالِفينِ، ثُمَّ تُخْتَتَمُ الْقَصيدَةُ بِشَطْرَيْنِ بِقافِيَةٍ وَرَوِيٍّ مُخالِفَيْن أَيْضًا.
وَمِنْهُ في الْغَزَلِ الْجَميلِ: مِنَ الرَّمَلِ
- لا تَلُمْني في الْمَحَبَّةِ إنَّنِي يا صاحْ
ما طِعْتُ أَمْرَ الْهَوَى إلّا لِأعْصِيَ اللَّاحْ
(اللّاح: مِنَ اللّاحي وهو اللَّائِمُ، طِعْتُ عامِّيَّة والصَّاح تخريم الصّاحِب)
- في حُبِّ ظَبْيٍ قَوامُهُ يُخْجٍلُ الْأَرْماحْ
مِنْ نُورِهِ الْبَدْرُ عَلَى كُثُبِ النّقا قَدْ لَاحْ
( كُثُبٌ: جمعُ كَثيب وهو كَوْمُ الرَّمَل؛ النَّقا: الرَّمْلُ النَّاعِمُ الصّافي)
هَذا الَّذِي فَتَنِّي وَجْهُهُ الْحَسَنْ
في الدُّجَى مَنَعَ جَفْنِي لَذَّةَ الْوَسَنْ
وَكُلُّ مِينْ يُغَنِّي في الْهَوَى حَسَنْ
كَيْفَ أَسْلُو مِنْ حَبيبٍ
كَيْفَ أَسْلُو مِنْ حَبيبْ
قَدُّهُ غُصْنٌ مُثْمِرٌ
لاحَ في كَثِيبْ
وَمِنْ أمثِلَتِهِ الْفَصيحَةِ، وَبِهِ نَخْتَتِمُ مَقالَتَنا، قَوْلُ صَفِيِّ الدِّينِ الْحِلِّي، وهوَ بيتانِ مِنَ البسيط
- ياطاعِنَ الْخَيْلِ والأَبْطالْ قَدْ غارَتْ
وَمُخْصِبُ الرَّبْعِ والأَمْواهُ قَدْ غارَتْ
- هَواطٍلُ السُّحْبِ مِنْ كَفَّيْكَ قَدْ غارَتْ
وَالشُّهْبُ مُذْ شاهَدَتْ أَضْواكَ قَدْ غارَتْ
هنا تَلاعُبٌ بِاللَّفْظِ:
- غارَتْ الأولَى مِنَ الْغارَةِ والهجومِ.
- غارَتْ الثّانِيَةُ: نَزَلَتِ الأمْواهْ إلَى باطِنِ الأرْضِ واختفَتْ.
- غارَتْ الثّالَةُ مِنَ الغَيْرِةِ، فالسُّحْبُ قَدْ غاَرَتْ مِنْ جَدا يَدَيِ الْممدوحِ في الْعَطاءِ.
- غارَتِ الرّابِعَةُ: غابَتْ واختفتِ النُّجومُ مِنَ نُورِ الممدوح.
آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108
