التربية عند " نتشه "

15.04.2018 מאת: عبد الرحمن الصوفي المغرب
التربية عند " نتشه "

الجزء الثاني

لقد ارتبط سوء الفهم بفسفة " نتشه " ، لذلك نعت بالتناقضات الفكرية والجنون ، والدريعة أسلوبه في الكتابة بما هو أسلوب أدبي شعري يوضف فيه الألغاز والحكم . لقد تنبأ " نيتشه " بهذا المصير ، وكان يعتقد أن نصوصه بإمكانها أن تواجه هذا الأمر ، وأن تصمد في حالة ما إذا عثرت على قراء جديرين بهذا النعت .

سوء فهم فلسفة " نيتشه " يرتبط بوضعية القراءة التي لا ترقى إلى النصوص التي تقرؤها ، كما ترتبط بعدم وجود القارئ القادر على تفكيك شفرات النصوص الفلسفية بصفة عامة ونصوصه بصفة خاصة . فما هي دلالات القراءة في فلسفة " نيتشه " ؟ وما هي شروطها ؟ 

1 - الشرط الأول القراءة الخصبة الأصيلة هي عدم التسرع في القراءة ، والتحلي بالصبر في القراءة عموما ، أي ان يكون القارئ أستاذ نفسه في القراءة البطيئة . مطلب البطء في القراءة يستمد مشروعيته كنقيض لسرعة العصر في كل شيء ، القارئ ببطء يفكر طويلا ، فحين تكون القراءة متسرعة تصبح عادة تستهلك المعاني وتبتعد عن منطق التأمل والتفكير . القراءة بالعين فقط دون الأذن تعتبر قراءة أحادية الجانب ، أي حين لا يقرأ القارئ بصوت مرتفع يعني أنه يضع أذنيه في الرف حسب " نيتشه " .

2 -  الشرط الثاني : إمكانية القراءة الأصيلة تقتضي تجنب قراءة النصوص عبر وسائط ، سواء كانت هذه الوسائط " ذات " أو كانت " ثقافة " . القارئ لا بنبغي أن يجعل نفسه/ ذاته وثقافته وسيطا بينه وبين النص الأصلي ، وحسب راي " نيتشه " ، القارئ بدون " ذات " وبدون " أنا " ، أي ديمومة القراءة شرط ضروري لتفاعل الذات المفكرة مع موضوع القراءة ،بل إن تثبيت الزمن وتحديد الذات والثقافة يعدان شرطان أساسيان لممارسة التأمل الذي هو النعت الآخر للقراءة الأصيلة .

3 - الشرط الثالث للقراءة أن يقرأ النص أولا لكي يتسنى حل شفراته ، ثم نسيانه ، فتصبح هذه القراءة ترجئ ما تقرأه ، أي التي تجعل القراءة منفتحة عن المستقبل الذي يؤدي إلى نسيانها ، إن مثل هذه القراءة من شأنها ان ترسخ لجى القارئ فكرة أن نتائجها غير مضمونة . القراءة البطيئة تقتضي عدم التسرع في إنهاء ما يقرأ ، أي ان نفس ومسافة المقروء ممتد وطويل ..وكما يقول " نيتشه " : " إن الأشياء التي لا نمتلك تجربة عنها معاشة ، لانملك أذنا لسماعها " .

القراءة الفاعلة لا تكتفي بمعاينة الحركة الداخلية للمفاهيم ، ولا مجرد إدراك البناء المعماري للتمثلات ، بل تتجاوزها إلى مستوى الإنصات لرنة جسد النص ، والإصغاء لهدير حياة المفاهيم ، وضجيج العمق . لذا ينبغي التمييز بين مستوى الحضور الخالص للنص ، ومستوى التعبير المحسوس ، ومستوى التمثلات الذهنية الخالصة . وهكذا يصبح النص بالمفهوم النيتشاوي هو استرجاع الأصل الحسدي المنسي للنص ، والطابع الاستعاري للغة والعمق التعددي الأسلوبي .

------------ المراجع -----------
- يوسف كرم / تاريخ الفلسفة الحديثة 
- جورج لوكاتش / تحطيم العقل / الجزء الثاني 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108
 

תגובות

מומלצים