حكايةُ السّجْدَةِ وَقِصَّةُ الْغَرانِيقِ

18.11.2020 מאת: بروفيسور لطفي منصور
حكايةُ السّجْدَةِ وَقِصَّةُ الْغَرانِيقِ

 



حكايةُ السّجْدَةِ وَقِصَّةُ الْغَرانِيقِ
كُنْتُ وَعَدْتُ أحَدَ الأصْدِقاءِ أَنْ أَكْتُبَ فيما يُسًمَّى "الآياتُ الشَّيْطانِيَّةُ" أو قِصّةً "الْغرانيق" .

حَدَثَتْ هَذِهِ القِصَّةُ وَمُهاجِرو المُسْلِمِينَ لا يزالونَ في الْحَبَشَةِ، والنَّبِيُّ في شِعْبِ أَبِي طالْبٍ مُعَزَّزًا بِأقارِبِهِ مِنْ أَذّى قُرَيْش. وكانَ النَّبِيًُّ عَلَيْهِ السَّلام يَدْعُو رَبَّهُ أَنْ يُلِينَ قُلوبَ قَوْمِهِ لِيُؤمِنُوا بِرِسالَتِهِ ، ولا يَبْقَوْنَ عَلَى الشِّرْكِ، ثُمَّ حَطَبًا لِجَهَنَّمَ،

عِنْدَما نَزَلَتْ سُورَةُ "النَّجْمِ" ذَهَبَ النَّبِيُّ لِيَتْلُوَها عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَقَرّأ قَوْلَهُ تَعالَى:" وَالنَّجْمِ إذا هَوَى، مَا ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوَى، وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى" فَلَمّا انتَهَى إلَى قَوْلِهِ:"أَفَرَأَيْتُمُ الَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى" أَلْقَى الشِّيْطانُ عَلَى لِسانِهِ لِما كانَ يُحَدِّثُ يِهِ نَفْسَهُ، وَيَتَمَنَّى أنْ يَألأْتِيَ بِهِ قَوْمَهُ: تِلْكُمُ الْغَرانِيقُ الْعُلا، وَشَفعاتَهُنَّ لَتُرْتَجَى. (الغَرانيقُ: طيورُ الْماءِ الْبَيْضاءُ، مُفردُها غُرْنوقٌ، كانوا يُشَبِّهُونَ أَصْنامَهُم بِها).

فَلَمَّا سَمِعَتْ ذَلِكَ قُرَيْشٌ فَرِحُوا وَسُرُّوا وقالُوا: الآنَ انتهى النِّزاعُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، ها هوَ يَعْتَرِفَ بِشَفاعَةِ آلِهَتِنا، وَنَحْنُ نَعْتَرِفُ بِإلَهِهِ. وَلَمَّا أَنْهَى الرَّسولُ تَلاوَةَ السُّورَةِ سَجَدَ الرَّسولُ، وَسَجَدَ مَنْ كانَ في المَسْجِدِ، إإلّا الوَلِيدَ بْنَ المُغِيرَةِ فقد كانَ شَيْخٍا، فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنَ التُّرابِ وَوَضَعَ جَبِينَهُ عَلَيْهَا.

سَمِعَ مُهاجِرو الْحَبَشَةِ بِالسَّجْدَةِ فَرَجَعَ قِسْمٌ مِنْهُمْ إلَى مَكَّةَ.

لَمْ نَعْرِفْ مُدَّةَ الزَّمَنْ لِهذا السَّلام، في اعتقادِي اسْتَمَرَّ شُهورًا عِدَّةً، أَوْ ما يُقارِبُ السَّنَةَ، عِنْدَما نَزَلَ جِبْريلُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَتَلا عَلَيْهِ الآيَةَ الكَريمَة "وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إلّا إذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَتِهِ، فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ، ثُمَّ يُحْكِمُ اللّهُ آياتِهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكيمٌ".

فَعَرَفَ النَّبِيُّ أَنَّ القَوْلَيْنِ:"تِلْكُمُ الغرانيقُ العُلا، وَإنَّ شَفاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى" مِنْ فِعْلِ ىالشَّيْطانِ، فَأَخْرَجَهُما من سورةِ النَّجْمِ، ولمْ يَعُدْ لَهُما ذِكْرٌ في المُصْحَفِ الشَريفِ. وَعادَ الرَّسولُ عَلَيْهِ السَّلام يَسُبُّ آلِهَةَ مَكَّةَ والوثَنِيَّة والشِّرْكَ، وَعادَ الخِصامُ بينَ المُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكينَ، وَرَجَعَ مَنْ جَاءَ مِنَ الْحَبَشَةِ إلَيْها.

لَقَدْ شَكَّ قِشْمٌ ةمِنَ المًُفَسِّرينَ بِحُدُوثِ السَّجْدَةِ، وَأَقَرَّها آخَرون، وَلا مَجالَ لِذِكْرِ ذَلِكَ هُنا، وَإنِِّي أُحِيلُ القُرَّاءَ إلَى كتابي "الهجرةُ ىإلَى الْحَبَشَةِ والعَلاقاتُ الإسلامِيَّةُ المَسيحِيَّةُ في بِدايَةِ الإسْلامِ" ص: 187، دار الهُدَى، كفر قرع 199م.

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים