رمضان في الإبداع الأدبي النثري ودلالاته   

25.05.2018 מאת: محمد علي سعيد- طمرة
رمضان في الإبداع الأدبي النثري ودلالاته   

لم يقتصر ذكر شهر رمضان على الشعر فقط بل حفلت  به الأعمال الإبداعية النثرية، أيضا.  

 فنجد عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين يرسم صورة أدبية للحظات الإفطار, فيقول: 'فإذا دنا الغروب وخفقت القلوب وأصغت الآذان لاستماع الأذان وطاشت نكهة الطعام بالعقول والأحلام, فتري أشداقا تنقلب وأحداقا تتقلب بين أطباق مصفوفة وأكواب مرصوفة, تملك علي الرجل قلبه وتسحر لبه بما ملئت من فاكهة وأترعت من شراب, الآن يشق السمع دوي المدفع, فتنظر إلي الظماء وقد وردّوا الماء, وإلي الجياع طافوا بالقصاع, تجد أفواها تلتقم وحلوقا تلتهم وألوانا تبيد وبطونا تستزيد, ولا تزال الصحائف ترفع وتوضع والأيدي تذهب وتعود وتدعو الأجواف قدني. قدني, وتصيح البطون قطني. قطني, ومع تعدد أصناف الطعام علي مائدة الفطور في رمضان فإن الفول المدمس هو الصنف الأهم والأكثر ابتعاثا للشهية.

أما عادات الناس وسلوكهم في رمضان فقد سجلها الكاتب الراحل: يحيي حقي في كتابه "خليها علي الله" حيث ذكر تفاصيل ليلة رؤية هلال رمضان ثم انتظار الأطفال, فيقول: "في ليلة الرؤية, وهلالها ليس كبقية الأهلّة, يظهر خطفًا لا ليضيء, بل ليومِئَ ثم يغيب, لا أُخْلِيه من ميل للدلال والمعابثة, شَأْنَ كُلِّ مَزْهُوٍّ بجماله برغم جلاله.

يتجه ذهني بود وحنان إلي صديق, أمثاله من حولي كثيرون, وأقول في سري: تباركت يا شهر الصيام, ما أقوى سحرك! وما أكبر حزبك! تمر علي هذا الصديق مواقيت الصلوات الخمس, فلا يعرف له يومُه ركوعًا وسجودًا, الماء عنده للاستحمام لا للوضوء, وساعته ماشية إفرنجي لا عربي, إنه مُضْرِبٌ عن الصلاة, حتي يوم الجمعة. حَذَارِ أن تظن أنه رجلٌ كافِرٌ, أو أنه رجُلٌ سافِلٌ, بالعكس, هو رجل طيب جدًا, بل إنه يقول لك بلهجة الواثق: (بيني وبين الله عمار, الدين عندي ألا أؤذي أحدًا بفعل أو قول)!؟ 

ما أعجب التحول الذي يطرأ عليه حين يَهِلُّ الهلال, كأن إيمانَهُ علي موعد مع رِعْشَةٍ خفية تشمل قلبَهُ وتهيج كل أشواقه. أَتَأَمَّلُهُ فأحسبه رجلا آخر, ليس هذا صديقي الذي أعرف. فصديقي يصوم رمضان كل عام منذ أن كان في سن الثامنة, لا يخجل من إغفال الصلاة, ولكنه يخجل كُلَّ الخجل من إغفال الصيام!

المسحراتي: ولعل أكثر ما كتب وارتبط بشهر رمضان "المسحراتي" التي أبدعها الراحل فؤاد حداد وظلت لسنوات رمز لدخول الشهر الكريم وخصوصاً أنها ظلت تذاع لأعوام عبر شاشة التليفزيون المصري, ولحنها سيد مكاوي والتي تناول فيها العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية, وكان يقول في مطلعها: اصحي يا نايم. وحِّد الدايم. وقول نويت. بكره إن حييت. الشهر صايم. والفجر قايم. اصحي يا نايم. وحِّد الرزاق. رمضان كريم. فالمسحراتي فؤاد حداد كما يصفه القاص سعيد الكفراوي صوت الجموع المصرية في عرض حال عام لأحوال الوطن, دخوله في الأزقة, في تناوله في حلقة لكل موجود علي وجه البسيطة, صوت يوقظ الوطن.

 

תגובות

מומלצים