غفرانك

19.03.2020 מאת: محمد شعبان
غفرانك

 

غفرانك  قصة للكاتب/ محمد محمود شعبان

 لا أصدق عيني، أهذا أنت - يا بني -.آااااهٍ. آااه. أتذكركَ الآن أيام كنتَ في سن الرابعة؟ كان أمر الاستحمام بالنسبة لك مستحيلا. تُتْعب أمك، فتَسْتدعيني. وبرغم الشدة كنت تهرب من تحت الدش، وتفرك الصابون في عينيك. وكأنك الدجاجة المنتوفة وهي تتزحلق في حوض الغسيل، وأنا أمنِّيك، وأعدك بكل ما تحب من الحلوى حتى تكف عن البكاء والصراخ.

لماذا صعّبْت الأمر عليّ - يا بني -؟. أنا لم أمنعك عن تكوين صداقات، إلا خوفا عليك من صحبة السوء. اتهمتني بأنني أريدك نسخة مني؟.. أنا أبدا لم أقصد ذلك - يا حبيبي -، فقط كان خوفي عليك.

 ثم قل لي، أإنك عندما شببت عن الطوق، وأخذت زمام أمرك غلابا. هل أحسنت الاختيار؟. أبدا لم تحسن الاختيار. 

رأيتك صدفة ذات مرة تسير في الشارع ترسل النظرة تلو الأخرى إلى نفسك في واجهات المحال الزجاجية وزجاج السيارات، تواريتُ عنك، لكني بقيت أرقبك حتى غبت عن ناظري. وعندما أخبروني أنك كنت خامس خمسة نجوا من الهجرة غير الشرعية، حمدت الله بقلبي، ولم أبدها لهم.

 أتعلم منذ متى لم تعط نفسك فرصة الاستماع إلى؟ّ.  كنتُ أحكي لك عن أبي الذي ما انفك يعترض على كل صداقاتي، حتى كرهت الجميع، وقاطعت الجميع. حدث ذلك بالفعل، وأغضبني. لا أنكر. لكن منعه لم يصنع مني مِثْليّا ومدمن هروين مثلك.

أعلم أني آذيتك بكلامي هذا. لا تدمع - يا بني -. أنا لا أحتمل أكثر من ذلك. دعني ألملم ما تبقى لي من رباطة جأش، فأتم غْسْلك، وتكفينك، وأسلمك إلى رحمة الغفور الرحيم.

انتهى
 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים