قاب قوسين أو أدنى

03.10.2020 מאת: صالح احمد كناعنة
قاب قوسين أو أدنى

 

خواطر شاعرية 

لأَوَّلِ مَرَّةٍ يَجتَرِحُ نهاري الْمُعجِزَة …
لأَوَّلِ مَرَّةٍ لا يَغيبُ مِثلي النَّهارُ!!
كانَ لِلنَّهارِ تَضاريسُهُ فيما مَضى… وَها قَد عادَ…
أو قُلْ: أُريدَ لَهُ أن يَعودَ .
كُنّا حَيارَى؛ نَبحَثُ عَن يَومِنا في الأَيامِ.. نَعُدُّهُ ولا يعُدُّنا…
يَصبُغُنا بِصُفرَةِ شمسِهِ الَّتي لَم نَعُد نُحِسُّ لَها دِفئًا بَينَ الضُّلوع .

العيرُ تَعبُرُ بِنا..
فتُشئِمُ حينًا، وتُحجِزُ حينا…
ونحنُ الْمُثقَلونَ بِنا وَراءَها نَتَمَطّى …
لا الصَّيفُ صَيفٌ… ولا الشِّتاءُ شِتاءٌ…
وَحدَها الرِّحلَةُ تَسكُنُنا… والْمَغيب..

لأَوَّلِ مَرَّةٍ تُغازِلُنا الشَّمسُ ، فَلا تَجِدُنا في فَراغٍ …
ولأَوَّلِ مَرَّةٍ لا تَلتَمِسُنا في الظِّلالِ ظِلالاً لأَشياءَ لا تَعرِفُها الْمُسَمَّياتُ…

لَكَم غازَلنا الرِّياحَ اللَّواقِحَ؛ وما أَقَلَّت مِن سَحابٍ..
لَكَم تَحَنَّفْنا أَن تَهُزَّ لَنا جُذوعَ النَّخلِ …
وَبَقينا جِياعًا… وما اتَّعَظَ اللِّئامُ !!

لَيلٌ وريحٌ… خَيمَةٌ وغُبارٌ… وزَمانٌ لَم يَعُدْ ضِمنَ الزَّمان !!
لَكَمْ أَلوَتْ الرّيحُ بِخَيمَةِ جارَتي؛ واللَّيلُ يَتَمَطّى…
وَإِحساسي أُغافِلُهُ إلى الزَّمَنِ الْمُتَثاقِلِ…
يَتَحيَّنُ لَحِظاتٍ عَلِقَ الفَجرُ عِندَ أَعتابِها؛
لِيَنحازَ زَماني إِلى الزَّمانِ… ولا زَمان !!
والرّيحُ… وَحدَها الرّيحُ
تَعذُرُ تَقاعُسي عَن عَدِّ أَحقابِ عُرْيي مِن خَيمَةٍ… أَو حَتّى قَليلِ غُبار.
وَحدَها الرّيحُ سَبَرَت غَوري الَّذي لا حُدودَ لَه …
تَهُبُّ بِإيقاعٍ تَصاعُدِيٍّ…
وأنا أَتَجَعَّد… وأنَجَعّد… حَتّى أَغدو أَصغَرَ مِن قَبضَتي …
وَيَنطَلِقُ الْهَباءُ.
لِوَهلَةٍ تَخَيَّلتُ الزَّمانَ غَدا شَبَحًا !!!
فَبَدَأتُ أَنسِجُ حَولَهُ أُسطورَتي …
وحَرَصتُ أَن أَكونَ بِها الفَواصِلَ والمواقِفَ والنِّقاطَ.
الأَرضُ كُرَوِيَّةٌ، مُسَطَّحَةٌ، مَلفوفَةٌ، مَبسوطَةٌ…؟!
لَم يَعُد لِلأَمرِ مَعنى !
فَلَيسَ لِلأشباحِ أَرضٌ، أو سماءٌ، أو زَمان .

لَقيطَةٌ تِلكَ الخيمَةُ!! صاحَ طِفلٌ وُلِدَ لِتَوِّهِ في أَعماقي …
لَم أَجِد لَهُ اسمًا، أو لَونًا، أو عُنوانًا …
لِطُلوعِ الفَجرِ الّذي لَم يَفِرَّ مِن ذاكِرَتي، ولَم تَنفُرْ مِنهُ بِدَورِها؛ لونٌ…
ولِلخَيمَةِ في أَفيائِهِ لَونٌ… وللسّاعاتِ لَون .
وَحدَها ساعَةُ الميلادِ أَعلَنَتْ إِصرارَها عَلى نَفيي مِن دَقائِقِها وغُبارِها…
إلى الذّاكِرَةِ الْحُبلى بِالقَشعَريرَةِ تَخلَعُني…
تُرى… مَتى تَكُفُّ الرّيحُ عَن مُؤازَرَةِ اللُّقَطاءِ ؟! 

 

صالح احمد (كناعنة) 
من ديواني (مدن المواجع) الصادر عام 2010

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים