قصّة قصيرة بقلمي..

04.02.2018 מאת: عايدة فحماوي دالية الكرمل
 قصّة قصيرة بقلمي..

لم تكن تُبالي بما تقذفها به الألسنُ حين خروجها من بيتها إلى عملها في إحدى البلدات المجاورة.

وكانَ لباسها الضّيّق كفيلًا بأن ترقبها العيون في قرية لا تكاد ترى من أجساد نسائها سوى الوجه وأكفّ اليدين.

وكانَ مرورها اليوميّ حدثًا يتجدّد  معه القذف والشّتم بين أزقة الحيّ الباهتة الألوان والبيوت المتراصّة والمتلاصقة الّتي سلبت سكّانه خصوصيّاتهم، تمامًا مثل ثيابها المتلاصقة الّتي لم تترك مكانًا في جسدها إلّا وكشفته.

أمّا هي فلم تكن تعتقد أن متر قماش يغطّي شعرها ومترين آخرين يكسوان جسدها هما دليل على عفّتها وطهارتها.

فلا غرابة أن ترصدَها العيون من خلف الشّابيبك وشقوق الأبواب ...وفي آخر الحيّ كانَ يسكن شيخنا الجليل وقد اعتادَ أن يضبط ساعته على موعد مرورها، فإذا بلغَ أنفاسه رائحة عطرها أسرع  ليجلس على عتبة داره وفي يده مسبحته القديمة ذات الخرزات السّوداء من كثرة ما لامستها أنامله، فيتمتمُ بكلماتٍ مُبهمة حتّى إذا لمحها يسيلُ لُعابه ،تتبلّلُ لحيته الكثيفة، فيهيمُ شيخنا الجليل ويطلقُ لعنانه الأفكار، ويتخيّلها حور العين تقطف له الأعناب والتّمور...يغمض عينيه كأنّه ذهب في غيبوبة قصيرةٍ...وبعد هنيهات يفيق من غفلتهِ يهزُّ رأسه بحركاتٍ سريعةٍ ويقول بصوته الخشن الّذي يشبه محرّك سيّارة قديمة: "أستغفر الله" "استعفر الله"، يمسك بطرف جلبابه يُهرول إلى الحمّام يتوضّأ ويصلّي ركعتي استغفار لأنّه لم يكبح جماح نفسه...

תגובות

מומלצים