وجه الشيطــان

18.06.2021 מאת: نبيل عودة
وجه الشيطــان

 

وجه الشيطــان من الأدب الساخر نبيل عودة

كان يسكن في حارتنا شخص بشع المنظر، قبيح الوجه، لا يكف عن ملاحقة النساء بنظراته الشرهة، رغم الصد والاحتقار الذي كان يلقاه كلما حاول الاقتراب من امرأة او القاء تحية لها او حتى لرجال الحارة. وكثيرا ما تعرض لصفات وبصاق من أبناء الحي لكن بلا نتيجة تجعله يطأطئ رأسه ولا يتفوه باي كلمة لامرأة او لرجل.

اشتهر باسمه محمد ابو هزاع، ولقب بالهواش لأنه كما تقول ام حسن مولدة النساء في الحارة، انه منذ اطل أبو هزاع على نور الدنيا كان فريدا بشكل وجهه المزعج ويقال ان امه حين كانت ترضعه، كانت تغطي وجهه حتى لا تتشاءم وتصاب بما هو أكثر بلاء من طفلها أبو هزاع، اذ قد يجف حليبها من بشاعة وجهه وكثرة تهويشه وبكائه بسبب وبدون سبب.

ومضت الأيام وأصبح أبو هزاع رجلا من قلة الرجال، كما تقول ام حسن. لكنه بقي هواشا كما كان بصغره. وعجزت كل الوسائل والاغراءات لإقناع حتى عجوز او أرملة فقيرة تكبره بعقدين ان تقبل به زوجا، رغم انه ورث بيتا وقطعة ارض تطعمه من خيراتها.

 في أحد الأيام مرّت قربه امرأة حسناء، فابتسمت له، فتهدجت أنفاسه، اقتربت منه ففقد القدرة على الكلام، قالت له: 
-لي طلب منك

 فسألها والحرارة ترتفع بجسده من قدميه حتى رأسه:

 -م .. ما.. ما .. ما هو طلبك؟

 -أريدك أن تأتي معي

تهيج اذ كان ظنه انها عشقته من اول نظرة. سألها:

 -إلى أين سنذهب؟

اجابت بلهجة قاطعة:

- لا تسأل كثيرا، اتبعني دون سؤال

 متهيجا وحالما بمغامرة يشتهيها منذ سنوات، تبعها صامتا متخيلا ليلة حمراء بلون البطيخ.

وصلا إلى دكان صائغ يبيع الذهب، هناك قالت المرأة للصائغ وهي تشير اليه: 

-مثل هذا الوجه.

ثم التفت لمحمد أبو هزاع هواش وقالت:

-ابق هنا قليلا.

أجاب حالما بما يشغل باله: 

-طبعا امرك سيدتي

تركته في دكان الصائغ وانصرفت وأبو هواش مصاب بالحيرة، والرعشة تأكل جسده. بقي صامتا متوقعا عودتها بكل لحظة.

طال غيابها، وبدأ بفكر بان حلمه بليلة حمراء كالبطيخ تلاشت، لكن بقي في نفسه بعض الأمل. سأل الصائغ عن معنى ما قالته المرأة عندما احضرته بقولها "مثل هذا"   تردد الصائغ ثم أجابه وابتسامة ترتسم على وجهه:

- لا مؤاخذة يا هواش! أحضرت المرأة خاتما، وطلبت منّي أن أنقش عليه وجه شيطان، فقلت لها: إني لم أر شيطاناً في حياتي، ولا اعرف كيف شكله فأحضرتك الى هنا لظنّها أنّ وجهك يشبه وجه الشيطان!
 

 

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים