ليالي العَشر المباركة ايام التوبة ورجوع التائه الى الصواب

قال تعالى وهو عز من قائل في سورة البقرة الاية ٢٨١" واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله " صدق الله العظيم يصادف عيد الأضحى هذا العام يوم السبت بتاريخ 9/7/2022 أعاده الله على الجميع بالخير والبركات، ويكون اول ليالي العشر قد بدا يوم الاربعاء الموافق لـ 29/6/2022.

02.07.2022 מאת: منير فؤاد فرو
ليالي العَشر المباركة ايام التوبة ورجوع التائه الى الصواب

 

تقبل الله فيها الصلوات والدعوات، والهم الشباب والفتيات، الصغار منهم والصغيرات، والكبار والكبيرات، إلى حسن السلوك والتوبات، فالزمان قد ولى وفات، ولم يبقى منه إلا أيام وسويعات، فتيقظوا قبل الفوات.

 


قال تعالى : " والفجر وليال عشر"، وأيضا يقول تعالى : " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات "، وقال تعالى أيضا : " ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ "، و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر. يعني العشر الأوائل من ذي الحجة، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد"  صدق الله ورسوله

 


إن الليالي العشر هم عشرة أيام من شهر ذي الحجة، وهو الشهر الثاني عشر من السنة القمرية أو التقويم الهجري، المبني على دوران القمر كما الأشهر الميلادية على دوران الشمس، وهذه العشرة أيام التي تسبق عيد الأضحى المبارك، الذي يحتفل فيه الدروز والمسلمون في كافة أرجاء المعمورة، وهي أيامً مباركة وتسمّى "ليالي العشر الفضيلة" ويتخلل أيام العشر يوم "الوقفه الصغيره" ويوم "الوقفه الكبيره" تيمنا بوقوف الحجاج على جبل عرفات تذكيرا بوقفة البرايا أمام باريها يوم الحساب.

 


وعيد الأضحى هو إحياء لتضحية سيدنا إبراهيم الخليل ابو الانبياء  بابنه عليهما السلام ليمتحنه الله بإيمانه، فلما وجدهما صادقين راضيين مسلمين افتداه الله بكبش ومن هناك جاءت التضحية من الأضحى، وما أجمل من يضحي بنفسه في سبيل خالقه وهو القربان العظيم والجهاد الحقيقي الأكبر، كما جاء عن لسان الرسول الكريم  المصطفى صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعد أن عاد من إحدى غزواته منصورا : " رجعنا  من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"، وكان قد أعنى بالجهاد الأكبر جهاد النفس في مرضاة باريها وتطهيرها من دنس الشهوات والرذائل، فلا شيء اعز على الباري من عبد يتقرب إليه بنفسه راضيا مرضيا.

 


وفي ذات الموقع، قام سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام بترميم البيت، الذي بناه سيدنا ادم عليه السلام ليكون بيتا تحجه الناس، وبقي هذا البيت سنين طويلة محجة للناس، حتى مجيء الإسلام فصار ركنا في الإسلام، وله مناسكه وقوانينه، ومن خلال هذه العشرة أيام تتم فيها مناسك الحج إلى بيت الحرام أو البيت العتيق في مكة المشرفة ويتم الطواف حول الحجر الأسود  وفي اليوم التاسع يكون يوم عرفة ووقفة عرفات أو ما يسمى بيوم الحج الأكبر، ويكون اليوم العاشر من ذي الحجة أول أيام عيد الأضحى المبارك، حيث ينحر حجاج بيت الله الحرام الاكباش لتوزع على الفقراء والمساكين لتكون نفقة وتضحية لقوله تعالى : " فصلّ لربك وانحر إن شانئك هو الابتر" وأيضا : "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون".

 


إن عيد الأضحى لدى المسلمين الموحدين الدروز يذكرهم  بيوم القيامة ومحاسبة الله للخلق كافة على أعمالهم،  من حسنات وسيئات، حيث ترى الناس من كل حدب ينسلون وعلى ربهم يعرضون،

 

يقفون متضرعين، وكف الضراعة باسطين ومبتهلين متوسلين أن يتقبل منهم صلاتهم وان يشملهم برحمته، لذلك يعطي الدروز لهذا العيد قيمة كبرى، كونه يمثل يوم القيامة ويوم الحساب ويوم الجزاء للثواب والعقاب، وهو اليوم الموعود لبروز الواحد القهار ومجازاة الخلق على عقائدها واعمالها ما قدمت من خير او شر اما بالجنة او النار تخلد فيها الخلق الابد الاباد فلا خروج من الجنة لاهل الجنة ولا خروج من النار لاهل النار لان يوم القيامة هو يوم الفصل الاكبر بين قسمين اما مؤمن موحد اطاع باريه فيما امره برسالاته السماوية على يد انبيائه الاكرمين فهو يستحق مكافاة باريه لانه ثبت على الايمان وصبرعلى اذى الكفار بالايمان.

 

 

 واما كافر ملحد عصى باريه ورسالاته وانبيائه فيستحق العقاب المخلد بالنار لاجل عصيانه وتمرده على اوامر خالقه العظيم لانه قيل :" في الوعظ لا تنظر الى كبر المعصية بل انظر الى عظم من عصيت "، فمعصية الله الخالق لهذا الكون البديع والعادل الذي لا يظلم مثقال ذرة هو اعظم كبائر الذنوب فهو انكار لعظيم وجوده وقدرته وامتنانه وعظمته، فانكاره تعالى وعصيان اوامرهو سبب معاقبة العاصيين له في العذاب الابدي السرمدي يوم القيامة الذي ليس له يوم يوازيه ولا يشبهه لانه يوم واحد ووحيد، يوم فيه وجوه مبتسمة ضاحكة لانها نالت رضى باريها وصبرت على محبته وطاعته ورغبت في الحطام الباقي المؤجل ووجوه مكفهرة عابسة لانها استحقت غضب الجبار القهار لمخالفته والنفور من طاعته لميلها الى الحطام الفاني المعجل من الشهوات البدنية وحب الجاه والمال والتكبر في الارض ، وكما قيل العاقل من اصلح مثواه  بالاعمال الصالحة ولم يبع اخرته بدنياه بالاعمال الدنية المخالفة للشرف الانساني الذي هو التشبه  بالباري بالشرف والعفة والكمال .

 

 والمسلمون الموحدون الدروز يعتبرون العشر الليالي التي تسبقه مناسبة عظيمة لمحاسبة النفس والوقوف على مدى التقصير والضعف وإهمال الطاعات والرجوع إلى الخالق بالمغفرة والاستغفار واستشعار يوم الحساب والخوف من النار،  فيؤمون بيوت العبادة زرافات زرافات لأداء الصلوات والابتهالات للعلي القدير أن يجعلهم من جملة من يحظون برضوانه وغفرانه، ويأتي أيضا من الزمنيين الذين لم تعقد التوبة في قلوبهم لسماع الوعظ والإرشاد والتراتيل لتتغذ نفوسهم بالشيء القليل من علم الدين.

 

لذلك الليالي العشر معناها الرجوع إلى المعرفة اليقينية والتقرب من الله بصالح الأعمال، والامتناع عن كل ما يغضب الله وأنبياءه، والابتعاد عن المعاصي والسيئات صغيرها وكبيرها، واجتثاث الشر من القلب وتطهيره من فكر السوء وأيضا عمل الحسنات ومساعدة الفقراء والمحتاجين والإكثار من عمل الخير والمعروف ومساعدة الغير بالإضافة إلى زيارة الأقارب وأفراد العائلة والأصدقاء وأيضا الحذر في الطرقات لاكتظاظها بالسير في مثل هذه الأوقات، والابتعاد عن إيذاء الناس بالمفرقعات والسرقات، وإصلاح ما فسد بين الإنسان وخالقه والإنسان وأخيه ليكون محاسبة كلية، وعلى كل واحد منا أن يصفح عن أخيه ليصفح عنه خالقه، كما جاء في حديث السيد افلاطون الحكيم : "عليك بشيئين تذكرهما وشيئين تنساهما، الذي تذكرهما إحسان الناس إليك واسائتك للناس، والذي تنساهما إساءة الناس إليك وإحسانك للناس"، فإذا فعل كل واحد منا بهذه المقولة لسقط من بيننا البغض والكره وذهبت من بيننا العداوات.

 

وأخيرا أدعوكم أهلي وخلاني وأخوتي وأخواتي ابناء عشيرتي : أن تُحاسِبوا نفوسَكم قبل أن تُحاسَبوا، وان ترجعوا إلى طريق الهداية والنور قبل أن يأتيكم : " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " وأيضا قبل أن : "يعض الظالم على يديه  يقول يا ليتني  اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا " وأيضا قبل أن يقول احدنا : " يا ليتني مت قبل هذا و كنت نسيا منسيا " وأيضا قبل أن يقول الكافر: " يا ليتني كنت ترابا".

 

إخواني تفكروا في هذه الآيات واتعظوا منها ولا تسخروا منها لقوله تعالى : " فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير" وأيضا : " وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ".


جعلني الله وإياكم ممن يتقرب إليه بخالص الأعمال، وحسن النوايا والسجايا والخلال، ونزع من صدورنا الغل والأحقاد، وبصّرنا بعيوب أنفسنا وألهمنا في هذه الأيام وكل الأيام إلى التوبة والإنابة، وغفر لنا ما تقدم وما تأخر من الذنوب والأوزار، انه ولي ذلك ، جعلها الله أياما مباركة مليئة بالروحانيات وصفاء النيات، وتقبل منا التوبات، وكل عشر  والجميع بألف خير وسعادة روحية دنيا ودين والسلام .

 

 

תגובות

מומלצים