الأنظمة القومية العربية

19.04.2022 מאת: محمود محمد سهيل
الأنظمة القومية العربية

 

القومية و الشعور القومي العربي كفكر على الساحة السياسية بدأت بذرته الأولى خلال العهد العثماني عام 1832عن طريق النهضة التعليمية على يد مثقفين عرب مثل (ناصيف اليازجي)و(بطرس البستاني) مما تمخّض عن ذلك نواة اولى للفكر القومي العربي و هي جمعية بيروت السريّة عام 1875 و التي دعت الى دولة مستقلّة موحدة بين سوريا و لبنان على اسس قومية ،

 

منبع آخر للفكر القومي العربي ظهر من سوريا اذ تبنّى رجل دين متنور و هو (عبد الرحمن الكواكبي ) الدعوة القومية التي تجذّرت فيما بعد على يد مفكر و تربوي هو (ساطع الحصري ) ، خلال اربعينات القرن الماضي تبلورت فكرة حزب البعث على يد مفكرين قوميين سوريين مثل (زكي الأرزوسي )و(ميشيل عفلق ) و(صلاح البيطار) الذي بقي كأرهاصات بين طبقات المجتمع السوري فترة 22 سنة قبل استلامه السلطة في سوريا و العراق عام 1963،

 

نموذج آخر للفكر القومي العربي ظهر في مصر على يد احد ضباط الجيش و هو ( جمال عبد الناصر ) في البداية شكّل حركة الضباط الأحرار عام 1948 كنواة لثورة 23 يوليو 1952 ، تأثّر جمال برموز القومية العربية في مصر و بالذات (مصطفى كامل )و(احمد شوقي)و(عزيز المصري ) ، في بداية الخمسينات دخلت الولايات المتحدة الأمريكية على الخط كدولة عظمى داعمة للحركات و الأحزاب القومية في الوطن العربي كبديل لبريطانيا  ،

 

قبل موعد الثورة بيومين جمال اخبر اميركا و بريطانيا بذلك و اتفق معهم على عدم مساعدة الملك فاروق و بطلب منهم وافق على نفيه ، نجحت الثورة و استولت على مفاصل الحكم و حكم الضباط الأحرار بأسم مجلس قيادة الثورة و كانت اول تجربة على مستوى التطبيق للفكر القومي العربي ، بعد نجاح الثورة المصرية عام 1952 تم تصدير التجربة الى العراق و سوريا عام 1963 و العديد من الثورات القومية في الوطن العربي استوحت من افكار جمال عبد الناصر و اصبح نظام سيطرة الدولة الخاص بعبد الناصر قدوة لجميع الدول العربية منها سوريا و العراق و الجزائر و اليمن و ليبيا و السودان ،مثلا بالعراق انقلاب 14 تموز 1958 تأثّر بعبد الناصر و الأنقلاب البعثي يوم 8 شباط 1963 بقيادة عبد السلام عارف الناصري الهوى تأثّر به و الجزائري احمد بن بلة كان ناصري و اليمني عبد الله السلّال كان احد حلفاء عبد الناصر و الليبي معمر القذافي اعتبر عبد الناصر بطله القومي و السوداني النميري مؤيد لعبد الناصر ،

 

انتشرت افكار عبد الناصر في جميع ارجاء الوطن العربي و خاصة بين الفلسطينيين و جنوب اليمن و العراق و الخليج ، قبل عام 1957 كانت القومية العربية هي الآيديولوجية السائدة في الوطن العربي و المواطن العربي اعتبر عبد الناصر هو زعيمه بلا منازع ، حزب البعث كان منافس قوي لجمال في قيادة الأمة العربية فكانت الوحدة مع سوريا و ولادة الجمهورية العربية المتحدة عام 1959التي سرعان ما انفصلت عام 1962 و كشف نوايا جمال ضد حزب البعث ،  عام 1961 سعى عبد الناصر لترسيخ مكانة مصر كقائدة للعالم العربي ،

 

بعد انتصار ثورة 23 يوليو 1952 وصل القوميين للحكم في ستة اقطار عربية  و هي العراق و سوريا و الجزائر و اليمن و ليبيا و السودان و عرفت تلك الأنظمة بالأستبداد السياسي و التآمر و الأنقلاب العسكري و الأغتيالات و مصادرة الحريات و تكميم الأفواه و القضاء على المعارضين من اسلاميين و يساريين فنظام الدولة القومي يبني مشاريع و مصانع و سدود وطرق ويعدم رجل الدين و المفكر و المثقف و المعارض ،

 

فمثلا جمال بنى سد اسوان و عدم سيد قطب و حافظ الأسد بنى سد الطبقة عالفرات واباد الأخوان المسلمين في حماه وصدام بنى مشروع نووي و عدم الصدر وهكذا في ليبيا و السودان في التعامل مع موسى الصدر و محمود محمد طه ، بعد وفاة جمال عام 1970 برزت زعامات قوميةعربية كانت نسخة من جمال مثل صدام حسين و معمر القذافي وياسر عرفات و رفعوا شعار المعاداة لأمريكا و اسرائيل و الأمبريالية لكن جذوة القومية انتهت باتفاقيات السلام و التطبيع في مصر والأردن و منظمة التحريرالفلسطينية و ترك سوريا وحدها في خندق المواجهة مع اسرائيل و محاولة عزلها سياسيا و عسكريا بما يسمى مجلس التعاون العربي بين مصر والعراق والأردن و اليمن الذي وأد بمغامرة غزو الكويت و تغييربوصلة السياسة ، لتعزيز دور سوريا عربيا اختارت التحالف مع الأسلام السياسي الجديد في ايران منذ عام 1980 و بقيت آخر قلعة قومية للصمود والمقاومة ،

 

بعد نجاح الأنظمة القومية العربية في أداء الأدوار الموكلة  لها من قبل اميركا من تخلّف و استنزاف الطاقة و ضرب الصحوة الأسلامية و القضاء على نفس المعارضة و التطبيع مع اسرائيل و استقدام القوات الأمريكية للوطن العربي راق لأمريكا ان تتخلص من الأنظمة القومية العربية عام 2011 في تونس و مصر و اليمن و ليبيا بتخطيط من المفكر و الفيلسوف الأمريكي (برنارد لويس) بما يسمّى بالربيع العربي واستبدالها بأنظمة اسلامية سلفية و بعد سنتين استبدلت بأنظمة ليبرالية ديمقراطية ،الأنظمة القومية العربية آخر ايامها تحالفت مع الحركات السلفية كما حصل بالعراق و اليمن وانتهت حياة زعماء القومية العربية بالقتل و السحل و الأعدام و الهروب كما جرى للقذافي وعلي عبد الله صالح و صدام و زين العابدين بن علي .

 

مال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

תגובות

מומלצים