ضرب الزوج لزوجته مشروع دينيا ولكن بشروط
من شروط الزواج ان تكون الزوجة راضية بالزوج، المرأة هي ضلع قاصر تحتاج الى من ينصفها ويرفع عنها الظلم، وأما تُدخِل ايدي غريبة او قانون ليفتح ملف جنائي فهذا مخالف لكل شروط الزواج
حسبي ثقتي بالله وكفى
قال تعالى : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعلنا بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"، قوله تعالى : " " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا"، أي خلق لكم من جنسكم إناثا تكون أزواجا " لتسكنوا إليها "، كما قال تعال : " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها "، يعني بذلك حواء خلقها الله من آدم، من ضلعه القاصر الأيسر، ولو انه تعالى جعل بني ادم كلهم ذكورا وجعل اناثهم من جنس اخر من غيرهم اما من جان او حيوان لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الازواج، بل كانت تحصل نفرة لو كانت الازواج من غير الجنس، ثم من تمام رحمته ببني ادم ان جعل ازواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهن مودة وهي المحبة ورحمة وهي الرأفة، فان الرجل يُمسِك المرأة اما لمحبته لها او لرحمة بها بان يكون لها منه ولد، او محتاجة اليه في الانفاق او للالفة بينهما وغير ذلك، ولذلك قال تعالى : " ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون".
فمن شروط الزواج ان تكون الزوجة راضية بالزوج، طائعة له، لا تخالفه بشيء، ولا تعارضه، تحفظ ماء وجهه وحقوقه، وتلازم خدمته، وتسارع لامتثال اوامره، وتسلم نفسها اليه من غير جبر ولا قهر، والمطلوب من الرجل انصافها ومساواتها في كل شيء من دنيا ودين، ولا يجور عليها ولا يظلمها ولا يقهرها ولا يكلفها فوق طاقتها، وان يراعي مشاعرها، واذا ظلمها يجوز ان تشكوه الى مشايخ الدين ليصفوها بموجب السنن الدينية، لان المرأة هي ضلع قاصر تحتاج الى من ينصفها ويرفع عنها الظلم، وأما تُدخِل ايدي غريبة او قانون ليفتح ملف جنائي فهذا مخالف لكل شروط الزواج، وهذا سوف يعكر الحياة الزوجية الى الابد، ويجعل هناك شُعرا لا يمكن جبره ولا نسيانه.
قال تعالى عن النساء : " ان كيدكن عظيم" ، لان من صفات المرأة الكيد والمكر، وهذه حكمة ارادة الله ان تكون في المرأة، لأنها ضلع قاصر وضعيف لا تستطيع ان تنال مرادها الى بهاتين الصفتين، لذلك مطلوب منها ان تكون قليلة المكر، فإذا غلب عليها المكر تضررت كثيرا، لذلك كل الشرائع السماوية لا تقبل شهادة امرأة واحدة، وطبعا قانون الدول والشرطة لا يقبلان قوانين الله وشرائعه، ويتعاملون مع الرجل والمرأة كأنهما سواسية في الحقوق دون الاخذ بالاعتبار بان القوانين السماوية جعلت بينهما فروقا وأولويات وتفاضل ومناصب، وان الله هو الخبير بما صنع جل وعلا.
ان الآيات والأحاديث التي تحث على إكرام الزوجة والإحسان إليها كثيرة، ولا يجوز أن تعاقب الزوجة لمجرد أول خطأ تقع فيه بل يجب النصح والوعظ والتذكير مرة بعد مرة، وإن بدا منها الإصرار فتهجر في المضجع، وإذا لم يجد فتُضرب -إذا كان الضرب مجديا- ولكن ضربا غير مبرح مع تجنب الوجه والأماكن الحساسة في جسدها، فهو استثناء من الأصل وكفى بقوله تعالى: " واللاتي تخافون نُشوزُهنَّ فعظوهنَّ واهجروهنّ في المضاجع، واضربُوهنَّ، فإن أطعنكُم فلا تَبغُوا عليهنًّ سبيلاً"، وفي الحديث قول الرسول ص: " اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة اله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح"، والضرب إنما أبيح حين يكون فيه صلاح المرأة واستقامتها من أجل أن تستقيم الحياة الزوجية وألا يكون مصيرها التفكك والضياع.
إن الحياة الزوجية هي سكن للزوجين، ولا تستقيم إلا بالمودة والرحمة، ولكن الحياة بما فيها من تبعات وهموم لا تخلو من كدر، فإذا ما هبت ريح الحياة بما يعكر صفو الحياة الزوجية، فعلى كل من الزوجين أن يلين مع صاحبه حتى يصلا إلى شاطئ النجاة، وبالمحبة والرحمة والحوار القائم على الاحترام المتبادل من الطرفين تكون السعادة الحقيقية، ولن يكون هناك ما يدعو إلى الشقاق. وما من شك ان الزواج الذي يحدث فيه مشاكل يكون بسبب ما قبل الزواج في اختيار الزوجة او في موافقة الاهل فمثلا قال الرسول ص : " من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها" ، وطبعا كل مشكلة تواجه الزوجين يكون هناك سوء اعمال وتصريف امور.
إن ضرب الزوج لزوجته مشروع دينيا، لأنه من المطلوب من الرجال تقويم النساء وتصحيح اعوجاجهن، لقوله تعالى : " الرجال قوامون على النساء "، فعلى الرجل في معاملته مع الزوجة ان لا يمحض الاكرام لزوجته بل يمزج غُلظه بلينه، وفظاظته برفقه فتصطلح الزوجة بهاتين، فلا يكون لينا امام زوجته فتعصره، ولا قاسيا فتكسره، وقيل : " تعس عبد الزوجة"، فالله سمى الرجل سيدا بقوله في القرآن : " وألفيا سيدها لدى الباب"، فإذا انقلب السيد عبدا مسخرا فقد خالف شرع الله وبدل نعمته كفرا، لان على الرجل ان يكون تابعا لا متبوعا
ومن الصفات المفروضة على الزوجة ان يكون عندها رحمة للأهل، ورفق بالبعل، لا تسيء اليه، ولا تغلظ عليه، ولا تكون له حيث النكد، ولا تكلفه ما لا تجد، وإذا زُجرَت ازدجرت، وان اُمرَت ائتمرت، ولا تعلي صوتها على زوجها، ولا ترفع طرفها اليه جلالة، وتؤثره على الام والأب، ولا تُسَر ان تعرف له زلة، ولا تعلم له عثرة، ولا تجفوه في عسر، ولا تقلاه في فقرن بل تزيده في الفقر ودا، وعلى الاقتار حبا، تلقى غضبه بحلم وصبر، ومعاشرته بود وشكر، فان قال اوجبت قوله، وان فعل صوبت فعله، ان اساء اليها غفرت، وان آثر عليها صبرت، وقيل المرأة الحسنة الاخلاق عون عظيم لزوجها تريح وتستريح، وإذا كانت سيئة الخلق كان الضرر فيها اكثر من النفع
ومن هنا الضرب إحدى وسائل التأديب، ولكن لا يجوز للزوج أن يبادر إلى ضرب زوجته ابتداءً، ولا بد أن يعظها أولاً، فإن نفع الوعظ فبها ونعمت، وإن لم ينفعها الوعظ هجرها في المضجع، فإن أخفق الهجر في ردها إلى جادة الصواب، فإنه حينئذ يلجأ إلى الضرب، وليس المقصود بالضرب إلحاق الأذى بالزوجة كأن يكسر أسنانها أو يشوه وجهها، وإنما المقصود بالضرب هو إصلاح حال المرأة، ويكون الضرب غير مبرح، وكذلك لا يجوز الضرب على الوجه والمواضع الحساسة في الجسد.
فضرب المرأة إنما يهدف إلى صيانة الحياة الزوجية، وحمايتها وتقويمها، وليس كما يفهمه البعض على انه عنف وتعذيب، فالذين يعذبون نسائهم ويؤذونهن هم اقلة، وهم شواذ في المجتمع، وإنما غلب عليهم الشر والشيطان وكانوا تحت تأثير المخدرات والكحول، وهؤلاء على النساء العمل على علاجهم وتقديم لهم العون، وأما من الرجال من يضرب زوجته فهم على غالب الحال للتقويم والتصحيح، لان طلبات النساء كثيرة، وليس بإمكان الرجال تلبيتها، وإذا رضخ الرجال لطلبات زوجته فانه سيتورط في الديون وما اكثرها في زماننا، مما يعكر صفو الحياة الزوجية ويؤدي الى غالب الامور الى الطلاق او مشاكل معقدة تعجز عن حلها المحاكم، وذلك كله يرجع على ضعف الرجل امام طلبات الزوجة ومحاولة ارضائها في كل ما تريد، ومن هنا جاء ضرب الزوجة في حال ألحت على الرجل بتنفيذ رغباتها
فالمرأة اذا ارادت شيئا فلن تتخلى عن تحقيقه ولو حاولت الوف المرات وأخفقت، فتكرار الطلب نفسه على الرجل يزعجه، لأنه لا يملك الامكانيات وعلى المرأة تأجيل امورها لأيام فيها يسر، وتتعاون مع زوجها في تحقيق السعادة لا ان تبليه بالديون، فاغلب المشاكل الزوجية هي اقتصادية ومصروفات على الكماليات الباهضة بسبب غيرة النساء فيما بينهن، ومحاكاة بعضهن البعض، فالمرأة لا تقبل ان تكون غيرها بأحسن حال ورفاهية منها، ومعروف عند النساء التحاسد والتفاضل والتنافس اكثر مما هو عند الرجال، فلتفهمن النسوة ازواجهن وليتعاملن معهن باحترام وتقدير مشاعر ولا يحملنهن فوق طاقتهم، مما يعود عليهن بالسوء، وإذا ضربهن ازواجهن فليعلمن انه ليس بدافع كره إلا نادرا، فالرجل يحب زوجته وأولاده، وعلى المرأة ان تفهم ذلك.
وأخيرا قرار المشايخ جاء من اجل الاصلاح واستمرار الحياة الزوجية دون أي صدع مستقبلا، وان على الزوجة ان تفكر قبل ان تشتكي زوجها للشرطة وان تذهب الى رجال الدين وأهل الصلاح لعلها تجد حلا انجع واسلم، فالحياة الزوجية هي حياة شخصية يجب ان تبقى داخل البيت لا للتشهير والفضيحة والقيل والقال والمطلوب من المرأة والرجل الصبر والاحتمال على حد سواء، والمرأة مطلوب منها ان تكون صبورة اكثر من الرجل فهي الصديقة والزوجة والأم وعليها مسؤوليات البيت والعائلة، وفي حال اسراع الزوجة في تقديم شكوى ضد زوجها الى الشرطة، فستفتح ملفات قضائية ضد الزوج وترافقه مدى الحياة، ويمكن ان يقبع في السجن سنوات تبقى هي تتحمل مسؤولية البيت والأولاد لوحدها، وأيضا ممكن ان يُطرَد من عمله اذا كان موظفا حكوميا او في مؤسسة عامة، والزوج الذي كانت الزوجة سببا في زجه في السجن او اهانته على الملأ لن ينسى هذه الفضيحة والاهانة، لان كل قضية تصل الى الشرطة يتم نشرها في جميع وسائل الاعلام قبل بت التحقيق بها وغالب الاحيان في شكاوي النساء على ازواجهن يُفرج عنهم وعندها تتصدع جدران البيت وسعادته، فالمرأة التي تتخذ مثل القرار اهون لها ان تطلب الطلاق اذا شعرت بظلم زوجها لها، من ان تشكيه الى القانون الذي لا يعرف مباديء ولا قيم، ولا يسعى الى اصلاح ذات البين كما يفعله اهل الصلاح من رجال الدين وأمنائه عندنا مع حفظ اسرار الزوجين، وما اتفه تلك المرأة التي تشتكي زوجها للشرطة( طبعا هناك شكاوي استثنائية وفي حالات خاصة، ولكن مهما يكن ممكن الاستغناء عنها بوجود اهل صلح وصلاح وإصلاح)، ثم ترجعه الى البيت لتنام معه تحت سقف واحد، وتركب الى جانبه في السيارة على مرأى الناس، فأي شعور يكون عند كليهما، وماذا يفكر الواحد بالآخر؟
فتفهموا هذا جميعا ولا تتقاسوا على المشايخ فهم دائما وأبدا لصالح المجتمع، والدين دائما هو الحل فلا ترفسوه وتضعوه خلف ظهوركم، فهو الحق والقسطاس والميزان العادل الذي لا احد يعلو عليه مهما كان، فالكل تحت اوامر الدين ونواهيه، لأنه كلام الله، والله هو الحق ولا يقبل الباطل والجور والظلم، ومن منا لا يملك زوجة او ابنة متزوجة او كنة؟ فما يرضاه احدنا لنفسه يرضاه لغيره، ومن يرضى ان كنته تشتكي ابنه للشرطة، فليرضَ ذلك لغيره
فأرجو تقبل قرارات المشايخ، متمنيا للنساء والرجال حياة زوجية خالية من المشاكل والشوائب والله ولي التوفيق.
ملاحظة قيمة : لقد ثبت مؤخرا علميا ان التشاجر بين الزوجين مفيد صحيا ويجدد السعادة الزوجية وينشطها ويخرجها من الملل، طبعا في حال لم تتدخل الشرطة بين الزوجين، لان الحياة الزوجية بعيدة المدى، وكلما طالت يتخللها ملل وفتور، ومن حكمة الحكيم ان جعل بين الزوجين اختلافات في الرأي ومشاحنات، لتتجدد هذه العلاقة الزوجية ويقوى هذا الرباط المقدس ويتخذ زمانا اطول فلا شيء في هذا العالم إلا واخفى الله فيه حكمة والعاقل من ابصر تلك الحكمة .

















