استقلال دولة إسرائيل
يوم الثلاثاء يصادف عيد استقلال دولة إسرائيل الـ 62 عام، تلك الدولة التي يعتقد الشعب اليهودي وفق مراجعهم التاريخية بأنها الدولة الوحيدة لهم، وعليهم أن يجمعوا أنفسهم فيها ليسكنوا فيها ويأكلوا من خيراتها.
ما من شك أن تاريخ الشعب اليهودي هو تاريخ مأساوي ودموي، وهذا يعود لأسباب دينية ومعتقدات تخص هذا الشعب، المتقوقع داخل نفسه، والذي لا يؤمن للاممين (الغوييم) والشعوب الأخرى، ودائما يشك بهم وبالعيش معهم فيسيء ظنه بكل البشر، مما جعل نفسه يعيش في عتمة وشبه انغلاق.
فبعد أن تشتت شملهم بسبب مخالفتهم للتوراة ولأنبيائهم قبل ألفي عام عاشوا في دول العالم في حارات تسمت بأسمائهم "حارات اليهود"، متجنبين الانخراط مع الشعوب والاتثاق بهم، فهم في نظرهم "شعب الله المختار" مهما عملوا من خير أو شر، فالله عزّ وجل اختارهم وفضلهم على العالمين ولن يحاسبهم على شيء لأنهم مختارون وباقي الشعوب مغضوب عليها لا يوجد فيها إنسان صالح ولا يجب التعامل معهم بشيء سوى ما يعود عليهم بالفائدة لأنفسهم وأنهم ورثة العالم.
لذلك اليهود لم ترحمهم شعوب العالم فعاشوا تحت براثن الشعوب مقهورين اذلاء، حتى ظهرت فكرة إعادتهم إلى ارض الآباء والجدود على يد اليمين المسيحي المتطرف "الصهيو مسيحي البروتستانتي"، الذي جمع بين العهد القديم "التوراة" والعهد الجديد "الإنجيل" ووضع أمام أعينه أن الشعب اليهودي شعب مقدس ولا تصح عودة المسيح الثانية إلا بعد إرجاعهم إلى ارض آبائهم وأجدادهم وإقامة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل خالية من الغوييم الغير يهود.
وعلى هذا أشار علم دولة إسرائيل، وهذا ما تم انجازه بعد وعد بلفور عام 1917، وهو البديء بجلب يهود العالم على يد بريطانيا وحلفائها في نفس المعتقد، إلى ارض إسرائيل تحت ظل الحربين الكونيتين، ومما سرّع في جلبهم إلى ارض إسرائيل ظهور اللاسامية في أوروبا وخاصة النازية الهتلرية في ألمانيا، التي قامت بالكارثة المأساوية التي لم يسمع بمثلها في التاريخ البشري الدامي، حيث قتلت ستة ملايين يهودي دون هوادة ولا رأفة، ولولا تدخل دول العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا لكان هتلر أباد الشعب اليهودي عن بكرة أبيه.
وما زال اليهود يذكرونهم ويترحمون عليهم ويحيون ذكرى "الكارثة والبطولة" لان المحرقة بحد ذاتها كارثة وبطولة للشعب اليهودي في آن واحد فيها حيث سجلوا أسمى البطولات في التصدي للجنود الألمان ونصبوا لهم الكمين في كل مكان دفاعا عن النفس.
وبعد المحرقة النازية تعاطف العالم مع اليهود، وتم الإعلان عن وطن قومي لهم في أرض إسرائيل فلسطين آنذاك على يد دافيد بن غوريون بتاريخ 14/5/1948 وهذا الإعلان لاقى سخط عربي شاسع، مما دفع بالشعوب العربية لان تدفع بجيوشها لمنع مثل هذا الإعلان، إلا أن العرب هزموا بالرغم من كثرتهم أمام هذا الإجماع الدولي، ووقفوا عاجزين من أن يجهضوا عملية ولادة هذه الدولة التي عادت لتتقمص من جديد بعد ألفي عام من القهر والتشتت.
حقا إن إعادة بناء دولة إسرائيل في قلب الشرق الأوسط لهو جدير بالاعتبار والتفكر، وهذا تثبيتا لقول المثل العبري " إذا أردتم شيئا فليس هناك أمر مستحيل אם תרצו אין זו אגדה".
وتبقى إسرائيل وشعبها مدين إلى العقيدة البرتستانتية "الصهيو مسيحية" في إقامة دولتهم، والعمل ليل نهار من اجل حماية إسرائيل، التي في نظرها إعادة بنائها هو بداية العد التنازلي لهذا العالم، وقرب عودة المسيح الثانية التي ستمنح مسيحيي العالم حكم هذا العالم، ولن يتحقق في نظرهم هذا إلا على حساب دولة إسرائيل والشعب اليهودي بالذات.
باعتقادهم أن المسيح في مجيئه الأول جاء لإخراج بني إسرائيل الضالة من شريعة اليهود، التي قد دخلها الكثير من الفساد والخلل فوقعوا في الخطايا والذنوب، وان المسيح جاء ليتعذب على الصليب لمغفرة خطاياهم ويمنحهم الحرية الحقيقية التي وعدهم فيها الرب في التوراة على لسان أنبيائهم.
لذلك إسرائيل هو بالمفهوم الغربي عصب عقيدة لا يمكن التنازل عنه مهما آلت إليه الأمور ولو كلفهم تدمير العالم باجمعه بحرب نووية، فعيد استقلال سعيد وسلام على المنطقة وعودة مسيح معظمة.
















