رابعه العدويه

من وحي التوحيد: رابعة العدوية و التوحيد... تاتي أهمية رابعة العدوية كونها أحد أعلام المتصوفة الإسلامية الكبار الذين امتلكوا مقومات التفوق الروحي وصفات سموا فيها فوق مستوى البشر.. فالتصوف حساسية وشفافية ورقة قلب ولين وصفاء ووفاء... التصوف عبودية و كسر للنفس بشتى أنواع الرياضات... حب ولوعة وتحرق وشوق للقاء وجهه الرحمن... كما تأتي أهمية رابعة العدوية من الانقلاب الروحي الجذري الذي حصل في حياتها...

25.10.2009 מאת: همس الروح
 رابعه العدويه

وعادة تحدث الإنقلابات الروحية الكبرى في مسار الإنسان نتيجة العنف و المبالغة بالأفكار و المعتقدات و طريقة الحياة .
فقد تطرفت رابعة العدوية في فجورها و حبها للدنيا فجاء إيمانها و حبها لله عميقاً و قوياً و جارفاً .


فمن أعماق الشهوة العنيفة تنبثق الشرارة المقدسة للطهارة  ومن أعماق الإنكار تنطلق الموجة التي تنشر الإيمان في الدنيا بأسرها .
فقد أحست رابعة أن الحرية التي نشدتها ليست في الإنطلاق بين ملاذ الدنيا فهذه العبودية بصورتها الحقيقية فحدثت التوبة عند رابعة و التي لا تتم بالمجهود بقدر ما تتم بالفضل من الله تعالى فهي لا تثق في قدرتها على الظفر بالتوبة لمجرد استغفارها و اقلاعها عن ذنوبها  بل كان لا بد من رضا الله فهو وحده يتوب على الناس المخطئين.
ففتحت صفحة جديدة من حياتها الروحية هي مزيج من القلق و الاستغفار و الشوق إلى المحبوب الجديد الذي اتخذته لنفسها.  

المتصوفة رابعة العدوية و التوحيد :

إن الطريقان الرئيسيان للعرفان و التوحيد هما :
الطريق الكوني : أي التعرف إلى الذات الجوهرية من خلال تحليل الكون و مفهوم الخالق و الخليقة
و الطريق المباشر: و هو التعرف إلى الحق من خلال الإنسان ذاته و من الروح الإنسانية التي يسكنها الحق تعالى على مبدأ من عرف نفسه فقد عرف ربه.

كل من الطريقين يؤدي إلى الوصول و التحقق بالجوهر المبدع الأصيل ولكن !!! هناك من استعمل الطريقين معاً كالصوفية الإسلامية و التوحيدى الدرزي..
فقد كانت رابعة العدوية محور موضوعنا صوفية إسلامية موحدة, فقد استطاعت بعشقها الإلهي الوصول إلى أعلى درجات التوحيد ...

- فقد أمنت أن الوجود كله وهم لايعني شيئا دون رؤية وجه الحق تعالى .
- و اتبعت طرق الزهد و العبادة المتواصلة و الصوم و التقشف و إنكار الملذات الحسية بجميع أنواعها .
- و جمعت بين الحب و المحبة  فالحب و العشق لوجه الحق تعالى و المحبة لجميع الناس دون غايات أو أهداف .
- استطاعت نفي الأنا الأنانية في كل إنسان للتوجه إلى الهو...
- كانت ترى وحدة الأديان جميعها لأنها ترى فيها هدف واحد هو وجه الحق تعالى .
- وصلت إلى درجات عليا في الرضا و التسليم فقد سلمت نفسها للإرادة و المشيئة الإلهية عن إيمان حقيقي بالعدالة الإلهية .

و كانت رابعة العدوية توحد الحب الحق بالكشف العرفاني فميزت بين الذات الإنسانية و الذات الإلهية و رأت أن الذات الإنسانية وهم و الذات الإلهية هي الحقيقة .
و ميزت بين الحب الأناني الذي هو ليس بحب حق عن الحب الحقيقي الذي هو حب الحق من أجله  و إن هذا الحب هو في حقيقته إشراقة تكشف الحجب و تتنزل من الله على المحب إذ يرتقي المحب في توجهه من الأنا إلى الهو و من المظهر إلى الحقيقة ...
و تطورت الحياة الروحية عند رابعة إلى الذروة في التجريد و التسامي عن كل ما هو حسي و واكب هذا استغراقها الكامل في الله .

من مأثرها :
1- قيل لرابعة ما حقيقة ايمانك ؟ قالت : ما عبدته خوفاً من ناره و لا حباً لجنته فأكون كالأجير السوء عبدته حباً و شوقاً إليه .
2-   سئلت رابعة : أتحبين الله تعالى .... أوه أحبه حقاً .
و هل تكرهين الشيطان ؟ إن حبي لله قد منعني من الاشتغال بكراهية الشيطان .
3- كانت رابعة تنوح باستمرار فسئلت : لماذا تنوحين  و ما من ألم تشكين منه.. فأجابت : و أسفاه إن العلة التي أشكو منها من نوع لا يستطيع طبيب أن يشفيه و دواؤها الوحيد هو رؤية الله و ما يعينني على احتمال هذه العلة هو رجائي في أن أبلغ رغباتي في العالم الآخر .
4- و كانت تقول باستمرار : إلهي إن كنت عبدتك خوف النار فأحرقني بالنار أو طمعاً في الجنة فحرمها عليَ و إن كنت لا أعبدك إلا من أجلك فلا تحرمني من مشاهدة وجهك .
5- كما كانت تقول : إلهي كل ما قدرته لي من خير في هذه الدنيا أعطه لأعدائك و كل ما قدرته لي في الجنة امنحه لأصدقائك لأني لا أسعى إلا إليك أنت وحدك .
6- كانت تصوم الدهر كله و تصلي الليل كله فإذا طلع الفجر هجعت في مصلاها هجعة خفيفة حتى يسفر الفجر فتقوم منشدة :
((يا نفس كم تنامين  و إلى كم تقومين ؟ يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النشور )).

من كراماتها :
أن دخل لصاً بيتها فلم يجد غير إبريق فلما همَ بالخروج قالت له رابعة يا هذا إن كنت من الشطار فلا تخرج بغير شيء..  فقال : إني لم أجد شيئاً.. فقالت : يا مسكين توضأ بهذا الإبريق و ادخل في هذا المخدع و صل ركعتين فإنك  ما تخرج إلا بشيء ففعل,  ثم رفعت رابعة طرفها إلى السماء و قالت سيدي و مولاي هذا قد أتى بابي و لم يجد شيئاً عندي و قد أوقفته ببابك فلا تحرمه من فضلك و ثوابك .
 فلما فرغ  من صلاته لذت له العبادة و ما برح يصلي حتى أخر الليل .
فسألته رابعة عند الفجر كيف كانت ليلتك فقال : وقفت بين يدي مولاي بذلي و افتقاري فقبل عذري و جبر كسري و غفر لي الذنوب و بلغني المطلوب  ثم خرج.. فرفعت رابعة كفها إلى السماء و قالت : سيدي و مولاي هذا وقف ببابك ساعة فقبلته و أنا مذ عرفتك بين يديك أتراك قبلتني فنوديت في سرها يا رابعة من أجلك قبلناه و بسببك قربناه .
وهكذا قضت رابعة العدوية عمرها منذ توبتها و هي تحترق بنار الحب الإلهي حتى أصبحت شهيدة العشق الإلهي بحق .

أحبك حبين : حب الهوى               و حباً لأنك أهل لذاكــــا
فأما الذي هو حب الهوى               فشغلي بذكرك عمن ســواك
و أما الذي أنت أهل له                فكشفك للحجب حتــى أراك
فلا الحمد في ذا و لا ذاك لي            و لكن لك الحمد في ذا و ذاكا 
 

תגובות

2. רוחניות לפני 16 שנים
לא על לחם לבדו יחיה האדם !!
1. ام غسان كامله نصرالدين לפני 16 שנים
رابعه العدويه

מומלצים