نظرة في عائلة طريف وحقها في رئاسة الطائفة !!!
إن الطائفة الدرزية في البلاد مدانة لعائلة آل طريف الأجلاء دينا لا يمكن تسديده إلى يوم القيامة وأيضا في الآخرة ستجزى خيرا بدعمها ونصرتها لهذه العائلة التي أنتجت مشائخ وأسياد وعلماء منذ أكثر من ألف سنة كانوا منارا وعلما لعشيرتنا وحرزا واقيا يرد عنا العدوان...
إن عائلة طريف سلالة طاهرة الذيل حضنت الطائفة في مسراتها وشدائدها وتحملت أعباء المجتمع ووقفت زمن المحنة مدافعة عن الموحدين باذلة دمائها لأجلهم عاش جدهم طريف في مصر حيث كان مقاتلا شجاعا في قوات الأمير رافع بن أبي الليل وفي معركة الأقحوانة عام 1029 واجه الفارس طريف العدو صالح بن مرداس الذي أثار فتنة على الموحدين لم يسمع مثلها فضربه بسيفه وقضى عليه.
انتقل بعد المعركة طريف إلى حاصبيا وتزوّج هناك وأنشأ أسرة كبيرة. وفي بداية القرن السادس عشر، انتقل أحد أفراد العائلة ويدعى حسن طريف من حاصبيا إلى جولس في الجليل واستوطن بها. وأنشأ أسرة كبيرة ما زالت باقية منذ عام 1538 إلى يومنا.
واستمر حالهم حتى ظهور ثالث أعلام العشيرة التوحيدية الناسك العابد الراهب سيدنا الشيخ علي فارس عطر الله ذكره من يركا(1703-1753م) والذي وجد ملاذا دينا ودنيا بين أحضان هذه العائلة الكريمة بعد أن لاقى سوء معاملة من خالته زوجة والده وهو صغير السن وذلك عندما بدأت تظهر عليه سمات الخير ونضوج الفكر الديني والولوع في البحث عن السلف الصالح واقتفاء آثار الزهاد العباد من أهل التصوف من أصحاب الفضل كذي نون المصري وحسن البصري وأبي قاسم الجنيد ومعروف الكرخي وسري السقطي ومالك بن دينار وتاج الزاهدين أبي إسحاق إبراهيم بن ادهم وسيدة العشق الإلهي السيدة رابعة العدوية رضي الله عنهم وما خلفوه من أدب وشعر صوفي ذلك الأدب الذي اعتنى بأدب النفس وأدب الدرس وهو ضربان أدب أهل الدين أدب التكليف الجسدي الذي فيه يتأدبون إلى المحامد وينهاهم عن المقابح وفيه وتأديب الجوارح وحفظ الحدود وترك الشهوات وأدب أهل الخصوصية أدب رياضة النفوس الذي فيه طهارة وحفظ القلوب لعلام الغيوب وهي أساس التزكية للنفس كقوله تعالى :
" قد أفلح من زكاها " ثم مراعاة الأسرار والوفاء بالعهود ومقامات القرب فتأثر كثيرا من مسلكهم وأدبهم الصوفي خاصة في أدب الفناء في الذات الإلهية وفي مدح النبي المختار صلى الله عليه وسلم وصحبه الأطهار رضي الله عنهم فنظم الشعر البليغ في ذلك ثم أدب الدعاء والمنجاة والاستغاثة وهي حرفة العباد العاملون في الليل يناجون ربهم ويستغفرون ذنوبهم ويرجون الاتصال والوصول والناس في لذة نومهم والذي قال عنهم تعالى :
" إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون " ثم أدب الوعظ والإرشاد والذي جمع منه بستانا فاحت منه عطر أزاهيره من سير الصالحين من أولياء الله البررة الميامين أصحاب الكرامات وفعل المكرمات ومنار الطرقات في أحلك الأوقات فعاش بينهم فخدمهم وخدموه ولبوا نداه في خدمة مولاه فقدموا له كل ما يلزمه من حوج العبادة من مأكل ومشرب وملبس ومأوى وكتب تفاسير وأخبار صوفية وإشعار روحانية وتعليم فن الخط العربي ومؤلفات لشيوخهم وعلمائهم خاصة المرحوم الشيخ سلمان طريف المعروف بـ"الكاتب" و"الخطاط "البارع فعذق بهم حتى صار واحدا منهم ولكنه فضل السياحة في الجبال فاستقر في مغارة في "وادي السماك " بين جولس ويركا قضى فيها أياما بلياليها قائما عابدا متبتلا متنسكا لا يتعلق بأمر من أمور الدنيا سوى ما يسد الرمق ويروي الضمأ ويستر الجسم فصار مشايخ آل طريف، الإخوة محمد وسلمان وطريف أبناء الشيخ حسن طريف يقدّمون له الماء والغذاء مشياً على الأقدام كل يوم، من بيتهم في جولس إلى موقع المغارة في الوادي بين القريتيْن وقد ابتهل الشيخ علي الفارس إلى الله سبحانه وتعالى،
أن يوفر له الماء ليوفر عناء ومشقة أبناء طريف، فاستجاب الله لدعائه وأخذت تسقط من سقف المغارة نقاط ماء ما زالت موجودة حتى أيامنا تدلّ على كرامة الشيخ علي الفارس وسماها الناس بـ " النقاطة" وقد طلب الإخوة الثلاثة من الشيخ الانتقال للسكن في جولس، فبنوا له خلوة، وبنوا له بيتا وعاش في كنفهم معززا مكرما طيلة حياته فزادوا به وزاد بهم مكرمة وشرفا حتى توفاه الله عام 1753 وكان يوم وفاته يوما مشهودا غصت البلاد بالوفود فكان جمع لا يشابهه سوى يوم الحشر الموعود عندها قام الشيخ محمود نفاع من بيت جن والذي كان يشغل آنذاك منصب الرئاسة الروحية للطائفة في البلاد بالتنازل عن زعامة ومشيخة الطائفة للشيخ محمد حسن طريف وذلك اعترافا منه لعائلة طريف تقديرا للجميل الذي قدموه للفاضل المفضال الشيخ علي فارس وبذلك أجمع قرار الطائفة عاقلها وجاهلها تجديد البيعة وتقديم الولاء الكلي والسيادة لعائلة طريف دون منازع ولا لم ولا كيف وبهذا انتقلت زعامة الطائفة الدينية والدنيوية من آل نفاع إلى آل طريف أبا عن جد واستمر حالهم في خدمة الطائفة وخدمة مقامات الأنبياء خاصة مقام نبي الله شعيب والخضر عليهما السلام ومطالبة السلاطين العثمانيين بمنح الطائفة استقلالا في محاكمهم المذهبية وخدمة المقامات والأوقاف الدرزية التي عانت الكثير من الاضطهاد والتدخلات الخارجية في شؤون الطائفة وقد استطاع المرحوم الشيخ طريف محمد طريف والد الشيخ أمين اقناع السلطات العثمانية بالحصول على اعتراف رسمي وشرعي لكيان الطائفة الدرزية، وحقها بقاضي شرعي يعالج أمور الأحوال الشخصية في هذه البلاد. فصدر فرمان عثماني عام 1909 لتعيينه قاضي مذهب.
وهذا الفرمان منحه صلاحيات معالجة الأمور الشرعية للطائفة الدرزية في البلاد، وتعيين رجالات دين دروز في وظائف مختلفة، منها تعيين قاضي الشرع في بيروت مندوبا عنه. ويعتبر هذا التعيين أول اعتراف رسمي يحصل عليه أبناء الطائفة الدرزية في البلاد، ولأول مرّة يتولى أحد أفراد عائلة طريف منصبيْن الأول الرئيس الروحي للطائفة الدرزية وراثة والثاني قاضي مذهب وبذلك قضوا بين الناس بالعدل وأنصفوا المظلوم وارضوا الخصوم وأشادوا قبور الأنبياء والأولياء وأعلنوا اوقاتا لزيارتهم فصارت موعد لقاء بين الأهل من لبنان وسورية وأسرائيل حيث لا حدود ولا صدود فيها .
|
فلا عجب بأنه ما زال حيا بيننا وصورته لا تخلو من أي بيت قديم أو حديث ولخلفه وحفيده الشيخ أبو حسن موفق الفضل الكبير في خدمته ورعايته وملازمته ليل نهار في قضاء حقوق المجتمع وخدمة المقامات والطائفة وحل المشاكل التي تواجهها خاصة في زمن انعدام المرجعيات وتغلب السياسات والمصالح والغايات وهكذا انتقلت الزعامة الروحية من ذلك الوقت وحتى أيامنا في بيت طريف على النحو التالي
: الشيخ محمد من 1735 – 1795. الشيخ سليمان 1795 – 1833. الشيخ محمد من 1833 إلى 1864. الشيخ مهنا من 1864 إلى 1889. الشيخ طريف من 1889 إلى 1928. الشيخ أمين من 1928 إلى 1993 الشيخ موفق من 1993.
فتحمل عائلة طريف أعباء الطائفة أكثر من ألف عام لا يمكن مكافأتهم دهورا كثيرة لأنهم أهل للكرامة والاعتلاء والصعود والتبجيل والتكريم والمرجعية ولا يعرف هذا الشيء إلا كل من قصدهم وتقرب منهم ولحقه من إحسانهم ومهما ظهر لهم حساد وأعداء أرادوا منازعتهم وسلب الزعامة منهم رجعوا على الأدبار متقهقرين لان الله قد شرف هذه العائلة إلى يوم الدين ونصرها على كل من تسول له نفسه في الحط من قدرها فعلينا نحن أبناء العشيرة المعروفية الموسومة بسمة الوفاء وإسداء المعروف أن نقف دائما إلى جانب هذه العائلة العريقة والعتيقة لان توفيقنا بها ومنها وكل حدث يضر بهذه العائلة فهو يضر بنا نحن كأقلية في البلاد التي باتت تهدد بالانصهار والذوبان والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه نصرنا الله وإياكم في حفظ كيان الطائفة المسالم والوقوف إلى جانب من أخلص في قيادتها وما النصر إلا من عنده .

















