17 عام على رحيل سيدنا الشيخ أمين طريف لتكن ذكراه خالدة
ايها الشيخ الراحل عنّا :ســــــــــلام عليـــــــك قــــــــدر مـا صلّيت ســـــــــــلام عليـــــــك قــــــــدر مـا بكــيتســــــــــلام عليـــــــك أينمـا وحيثمـا حـلـّيتوبدعــائـــك ورجـاء ك تبــــــارك كــــل بيت
الشيخ أمين طريف في سطور
ولد سيدنا الشيخ أمين طريف في سنة 1898 لعائله متدينه في قرية جولس في الجليل الغربي في إسرائيل. الشيخ أمين كان اصغر الأولاد في عائلته التي تألفت من 4 أخوه وأختين.
أمين الصغير تلقى تعليمه الابتدائي في قرية الرامه في مدرسه خاصه التابعه للجمعيه الروسيه الملكيه. تعليمه الابتدائي استمر 4 سنوات حتى إنهاء الصف الرابع الذي كان آخر صف في تلك المدرسه وبعدها عاد إلى قريته في جولس.
في حوالى سنة 1911 توجه الشيخ الصغير الذي بدأت مظاهر التدين, التقوى والإيمان تبدو عليه إلى خلوات البياضه ( الأزهر الشريف) في لبنان للدراسة والتعمق في الأسس الدينيه وللتعبد والتصوف.
في حوالي سنة 1918 وبعد أن ختم الشيخ الفتي دراساته الدينيه, توج بالعمامه البيضاء المكلوسه وأصبح شيخا معترفا به وله بالسياده.
رجع الشيخ الفتي من البياضه الزاهره الى قريته جولس, وتبنى حياة الزهد والورع, والسير طبقا لشروحات سيدنا الأمير السيد قدس الله سره, وأداب سيدنا الشيخ الفاضل نفعنا الله من بركاته.
في سنة 1928 توفي المرحوم والده الشيخ محمد طريف الذي تولى رئاسة الطائفه مدة 40 عام. وكان لا بد من تعيين رئيسا للطائفه خلفا له, وتم الاختيار على سيدنا الشيخ أمين الذي عارض ذلك في بداية الأمر معارضه شديده.
في ليلة الأحد 1993/10/2 انتقلت روحه الطاهره بأمر باريها وهو في تمام الصحه والعافيه والعقل الكامل والسليم. خبر وفاة فضيلته, هدهد في أرجاء المنطقه وأعلن الحداد في جميع القرى الدرزيه في إسرائيل, حيث تعطلت المدارس والمؤسسات الرسميه لمدة يومين وأعلنت حكومة إسرائيل أن مراسيم الدفن سوف تتم وفقا لمراسيم دفن رؤساء الدول.
في 1993/10/4, يورى جثمانه الطاهر التراب في تظاهره جنائزيه, لم يسبق لها مثيل وشارك فيها جميع أبناء الطائفه الدرزيه ووفود من جميع الطوائف في البلاد وعلى رأسهم رئيس دولة إسرائيل, رئيس الحكومه, رئيس الكنيست, القضاه, الوزراء ورؤساء الطوائف الدينيه والسفارات الاجنبيه وبناء على تقرير شرطة إسرائيل فقد شارك في تشييع الجثمان الطاهر, أكثر من 150 ألف إنسان.
في شهر 1993/11, أقيم في مقام سيدنا الأمير السيد عبد الله التنوخي, قدس الله سره, في عبيه في لبنان, موقفا حاشدا لذكرى المرحوم باشتراك كبار مشايخ الدين. وكذلك أقيم في جبل الدروز في سوريا, موقفا حاشدا لإحياء ذكرى فضيلته, واشترك به الآلاف من دروز الجبل.
17 عام على رحيل الشيخ أمين
أحبائي قد غبتم ، فيا عظم وحشتي لغيبتكــم عنّي ويـــا عظم لوعــتي
ومذ غبتم غاب السّرور مع الهــنا وقد ضــاق صدري من شجوني وحسرتي
لقد مرّ سبعة عشرة عاما على رحيل راعي العشيرة المعروفية، النادر الوجود بتقواه، ورعه، كماله، جماله، عقله، حكمته، عبقريته الفذة، أدابه المستطابة، احترامه وتقديره لكل إنسان قصده، قريبا أم بعيدا، فقيرا أم غنيا، متدينا كان أم علمانيا، رجل سلطة أو حكومة، أو موظفا أو حتى إنسان عادي.
فلم يقصده أحد إلا وعاد بشيء من التعجب من فضيلته، فشخصيته لم يكن على مستواها في العالم، بشهادة الكثيرين من الطائفة وخارجها، ممن زاره وشاهده عيانا، أو سمع عنه، أو حتى رآه من خلال المرناة، وكثيرون قالوا إن هذه الشخصية تشبه الأنبياء لوقارها وهيبتها وحكمتها.
إن سيدنا الشيخ أمين كان رمزا للتقى والدين وللقيادة الحكيمة، التي تقود مجتمعها إلى شاطيء الأمان، لقد كان حريصا على أبناء طائفته، يسعى دائما لإعزازها ورفع مكانتها بين الشعوب، يرفع عنها المظالم، لا يقبل لأحد من أبنائها بالاعتداء على أحد، قريبا أم بعيدا، وأيضا لا يقبل لأحد أن يعتدي على أي فرد منها.
اهتم المرحوم بصيانة عرض الطائفة وإعزاز الدين بأوامره ونواهيه، ودافع عن الأرض، فلم يترك قريته عند الاحتلال عام 1948، واقتدى به أبناء الطائفة فبقوا متشبثين بوطنيتهم وأرضهم.
استطاع بحكمته أن يحافظ على أبناء طائفته تحت الحكم الإسرائيلي، فلاقى تقدير الساسة الإسرائيليون، لما تميز فضيلته من نبوغ وعبقرية وحكمة وإخلاص وتفان لطائفته ودولته، وكيف توحدت به الزعامة والقيادة الدينية والدنيوية، التي قليلا ما انوجدت في شخصية واحدة.
عندما فرضت دولة إسرائيل الخدمة الإجبارية على الطائفة عام 1957 كان من المعارضين، ولما رأى الأمر قد خرج عن إرادته طالب بإعفاء الشباب المتدينين والفتيات الدرزيات من هذه الخدمة.
وأيضا طالب مكاتب الداخلية بعدم وضع صورة الفتاة الدرزية على الهوية، وقد قام بتنظيم الزيارات والأعياد الدينية، وأقام لجان ترعى شؤون الطائفة، شكل هيئة دينية لتسانده في حل المشاكل والصعوبات التي تواجه الطائفة، طالب أيضا باستقلال المحاكم الدينية الدرزية لتقضي بموجب المذهب في شؤون الطلاق والزواج والإرث والوصية وغيرها.
عمل المرحوم على الالفة والمحبة مع جميع الطوائف في البلاد، فكان يشاركهم مناسباتهم، يحل لهم الكثير من المشاكل، حتى صار لهم عونا ومحط ثقة.
إن زعامته لم تنحصر في إسرائيل، بل تجاوزت الحدود لتصل إلى سوريا ولبنان والأردن وكل مكان تسكنه العشيرة المعروفية، فيعملون بحكمته، ويتشوقون لسماع كلماته عبر الأثير.
لقد كان فضيلته المرجعية الأولى والأخيرة لدى الطائفة، يستشار في كل قضية، يزوره رجال السياسة للتبرك بدعاءه.
للمرحوم مواقف كثيرة وهامة خاصة عند اعتداء الطاغية الشيشكلي على أبناء جلدته في سوريا محاولا قتل الزعيم سلطان باشا الاطرش عام 1953.
أيضا عام 1984 أيام حرب الجبل مع الكتائب، حيث لم يبات ليلة دون أن يطمئن على أوضاع عشيرته هناك ولسانه لا يفتر عن الدعاء للعلي القدير أن يزيل هذه الغيمة السوداء ويحل السلم الأهلي في لبنان الجريح.
أيضا عام 1990 ووقوفه إلى جانب السلطات المحلية في القدس لإعطائهم الميزانيات وكان لحضوره وقع هام عند رئيس الحكومة السيد شمير، عدا عن المطالبة بوقف مصادرة أراضي القرى الدرزية وإعطائهم حقوقهم.
باختصار الطائفة تتشوق لشخصية مثل فضيلته، تلك الشخصية التي ما زلنا نذكرها يوميا وليس فقط سنويا، فقليلا من الأيام التي تمر ما نتذكر شخصيته وهيبته وسيرته الطاهرة في الاجتماعات الدينية والمناسبات الاجتماعية وفي البيوت وحتى أعراسنا وأتراحنا لا تخلو من صورته، التي يدعو فيها الله أن يبارك البيت واهله.
من كرامات الشيخ أمين
هل صاحب هذه الصورة هو بشر؟
زارت شخصية أجنبية يوما بعض بيوت أبناء الطائفة فرأت صورته معلقة على الحائط فدهشت وسالت أصحاب البيت من صاحب هذه الصورة هل هو بشر ؟ وهل هو موجود في الحياة ؟ فأجيبت نعم انه فضيلة الشيخ أمين طريف. فقالت: انتم ترونه وتسلمون عليه وتجلسون معه ويأكل ويشرب ؟ فقالوا: نعم. فأجابت: هذا ملاك مقدس.
هذا هو النبي شعيب قادم :
حدث مرة أن رجلا أجنبيا ومعه زوجته بينما كان جالسا بقرب الزيتونة الموجودة في رحاب المقام الشريف مقام سيدنا شعيب –ع- اذ نظرت زوجته نحو طريق ضيق طويل بين الغرف والحائط فرات سيادة شيخنا مقبلا فاندهشت وانبهرت ثم قالت لزوجها من خوفها : هذا النبي شعيب قادم أرجوك ساعدني وغشي عليها مما رأت من نوره وهيبته ووقاره رضي الله عنه .
"صاحب الضمان بريء من ضمانه، وصاحب الدار وصل أمانه"
منها ما حدث مرة أن فضيلته أراد أن يوسع غرفة ضريح سيدنا الخضر –ع- بكفر ياسيف وكان يوجد بجنب الغرفة مقبرة لدروز كفر ياسيف تعيق العملية فأشار البعض بإزالتها من قرب الضريح بسبب البناء واستحسن فضيلته ذلك ثم توجه إلى صاحبها ليتفاوض معه بذلك فلم يوافق فبعث صديقا له كواسطة فقبل منه على شرط أنهم يبنون له بدلا منها فوافق سيادته ثم بدأوا بإزالة المقبرة القديمة فتعسّرت الأمور بإتمام بنائها وكان لصاحبها والدة مريضة على حافة الموت فراجع بالأمر وقال أن والدته في خطر وأين يدفنها إذا ماتت وبدا يتهدد بأنه سيدفنها موضع المقبرة القديمة.
فأجاب سيدنا الشيخ قائلا : إني كفيل على ناقل الأرواح عليه السلام انه ما ينقل أحدا منهم قبل إتمامنا البناء للمقبرة الجديدة بعيدا عن المقام وابتدأوا ببنائها وبعد الانتهاء بقليل توفيت والدة ذلك الرجل ودفنت في المقبرة الجديدة فور انتهاء معلم البناء من إزالة خشب القالب من سقفها فقال فضيلة المرحوم لمعلم البناء وكان من المقربين إليه: "صاحب الضمان بريء من ضمانه، وصاحب الدار وصل أمانه".
المريد الذي توفي على الطاعة وحقّت عليه الرحمة :
حدث مرة أمر غريب يدل على مكاشفته والهامة ولطافة جوهريته وهو انه كان مريد من بلده من ال كبيشة قد توجه للخير وجعل يطلب دينه في الخلوة ففي إحدى الليالي التي كان يطلب فيها ذلك المريد طلب كعادته بحضور سيدنا الشيخ وخرج من المجلس وكان سيدنا الشيخ بإثنائها قد اطرق برأسه فالهم بسره من حيث مصلحة المريد.
فرفع رأسه وسألهم عنه فقالوا انه قد طلب وخرج فقال لهم الحقوه وارجعوه فخرجوا في طلبه فوجدوه في الطريق لم يصل إلى البيت بعد فنادوه ارجع سيدنا الشيخ طالبك فرجع فلما وصل قال له سيادته اطلب فطلب فسلمه المعلوم وجلس وحضر السهرة وبعدما رجع إلى بيته بساعات قليلة توفي رحمه الله.
وذلك مما يدل على صلاح هذا المريد وان الرجل المؤمن لا يموت إلا على دين الله وعلى كل انسان ان يعلم ان لا يتوفاه الله الا على الدين حتى يحظى برحمة وشهادة رجال الدين وأما الكرامة الكبيرة فلسيدنا الشيخ رضوان الله عليه.
كم عدد الماعز عندك ؟
حدث أن سيادته سال مرة الشيخ القيم لخدمة مقام سيدنا النبي شعيب –ع-: كم عدد الماعز عندك ؟ فأجاب : اثنا عشر. ثم سأله: وهل يوجد فيها من لم تلد بعد ؟ فقال يوجد واحدة. فقال سيادته: اثنا عشر وثلاث بعد قديش ؟ فقال القيم خمسة عشر. وفي اليوم الثاني ولدت العنزة ثلاث فصاروا خمسة عشر كما الهم سيادته رضي الله عنه.
بعد عشر سنوات ستصبح رئيسا لدولة إسرائيل :
لقد زار السيد موشي كتساب عام 1990 فضيلته في بيته الكائن في قرية جولس حيث كان يشغل منصب وزير في حزب الليكود وصار حديث بينه وبين الشيخ ومن خلال الجلوس ربت الشيخ على كتف ضيفه الوزير وقال له بعد عشر سنوات ستصبح رئيسا لدولة إسرائيل وغادر الوزير كتساب بيت الشيخ مبتهجا ومتعجبا ومنتظرا تحقيق النبوءة.
وفي عام 2000 حدث انتخاب في إسرائيل على منصب رئيس الدولة وكان احد المرشحين السيد موشي كتساب وكان غريمه السيد شمعون بيرس فاز فيها كتساب وهكذا تحققت نبوءة شيخنا والذي وافته المنية قبل أن يتسلم كتساب هذا المنصب بسبع سنين فرحمات الله على سيدنا الشيخ.
بدّك تستلم سيارة جديدة :
حدث مرة بان زاره احد الشخصيات المهمة وبعد أن انهي زيارته وودعه طلب منه بان يدعو له حتى أن سيارته توصله على خير فإنها عتيقة ويوجد بها خلل فأجابه فضيلته قائلا: بدك تستلم سيارة جديدة والشخص لا يعلم بذلك ولا طالب لها ولا موعود بها فسار بتلك السيارة العتيقة مسافة على الطريق وقبل أن يصل محل قصده وإلا بالهاتف يتصل به ويقول له: ميّل إلى المحل الفلاني لتستلم سيارة جديدة وقد حصل لهذا الشخص ذلك من غير سابق علم له بها فعندها تحقق أن ذلك من دعاء فضيلة الشيخ وبركته وانه ملهم من الله سبحانه.
وأخيرا إن افضيلته في نفوس العشيرة في كل مكان، السيرة الحسنة والموعظة الجليلة، والهيبة والوقار، التي شح عصرنا أن يوجد مثلها، مهما تقلب الزمان، والتي تبعث في النفوس السكينة والطمأنينة، ولكننا نتعوض بحفيده الشيخ أبي حسن موفق طريف الذي يؤدي الواجبات ويطالب برفع مستوى الطائفة دينا ودنيا.
فالتعازي القلبية لعموم أبناء طائفتنا الكريمة، ولكل من عرفه من الطوائف الأخرى، والدولة عامة، ولآل طريف الأمجاد وعلى رأسهم فضيلة شيخنا الشيخ أبي حسن موفق طريف، أطال الله عمره ووفقه في دينه ودنياه، ونصره على أعداه، ولتبق ذكرى سيدنا الشيخ خالدة.. رحمه الله ..















