نظرة في رعاية الاولاد

للأولاد على الآباء حقوقاً لابد أن يراعوها ، وهذه الحقوق كثيرة ومن أهم هذه الحقوق: حسن تربيتهم ورعايتهم في أخلاقهم وسلوكهم وأدائهم لأمور دينهم على الوجه الذي يرضي الله ، ومتابعتهم في أمور دنياهم بما يهيئ لهم المعيشة الصالحة الكريمة.

22.07.2015 מאת: פורטל הכרמל והצפון
نظرة  في رعاية الاولاد

قال تعالى في سورة التحريم : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون"، وقال الرسول الامي العربي عليه اتم الصلوات واتم التسليم: "  كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته . الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته ، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته"، وقال صلى الله عليه وسلم ايضا: " ‏ما من عبد ‏ ‏يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة".

من هنا : فإن للأولاد على الآباء حقوقاً لابد أن يراعوها ، وهذه الحقوق كثيرة ومن أهم هذه الحقوق  : حسن تربيتهم ورعايتهم في أخلاقهم وسلوكهم وأدائهم لأمور دينهم على الوجه الذي يرضي الله ، ومتابعتهم في أمور دنياهم بما يهيئ لهم المعيشة الصالحة الكريمة .وقد يقصر في هذا الحق كثير من الآباء ، فيجني نتيجة تقصيره ، وهو العقوق من أولاده والإساءة إليه  ،وقد قال ابن القيم رحمه الله في كتابه "تحفة المودود بأحكام المولود" (ص 229 ، 242)   فمَن أهمل تعليم ولده ما ينفعه ، وتركه سدى : فقد أساء إليه غاية الإساءة ، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبَل الآباء ، وإهمالهم لهم ، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه ؛ فأضاعوهم صغاراً ....... إلى أن قال : "  وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، وهو بذلك يزعم أنه يكرمه وقد أهانه، ويرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده ، وفَوَّت على ولده حظه في الدنيا والآخرة ... إلى أن قال رحمه الله : وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء"، وينبغي أن يعلم أن تقصير الأب والأم في تربية ولده لا يعني أن يقصر الولد في حقوق الوالدين ، ويسيء إليهما ، بل عليه أن يحسن إليهما ، ويعفو عن إساءتهما نحوه ، قال الله تعالى : (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) وقال تعالى : (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا".

ما من شك ان الشباب هم جيل المستقبل، وهم نواة المجتمع وحجر زاويته فاذا حجر الزواية استقام البناء كذلك الاعتناء في رعاية الاولاد وتربيتهم الصالحة منذ النشأة سينتج مجتمعا افضل كما قال نبي الله سليمان بن داوود عليهما السلام : " ربي ابنك صغيرا تفرح به كبيرا " فما بالنا بمجتمع ؟ ففرحتنا سوف تكون اعظم،  فلا ينبغي اهمال هذا الحجر،وهم من سيخلف الكبار ويتولون مكانهم، وسيكونون راس هرم المجتمع، ويتولون رعايته، وعليه يجب على الكبار ان يهتموا في توجيه الصغار ليكونوا قادرين على حمل المسؤولية في المستقبل.

ومن اجل حفاظ الشباب يجب تقديم الرعاية لهم منذ النشأة، وحتى قبل الزواج، لان من شروط الزواج الالهية انه على الزوج اختيار الزوجة الصالحة لتنشئة الاولاد تنشئة صالحة دين ودنيا، لان الزوجة الصالحة مثلها مثل الارض الزكية التي تنتج نباتا جيدا، والزوجة  الطالحة مثلها مثل الارض السبخة لا تنتج إلا نباتات مهلكة للمزروعات، وبعد اختيار الزوجة الصالحة وإنجاب الاولاد، يجب الاعتناء بتربيتهم تربية دينية صالحة ليكونوا تربة قابلة لإنتاج الثمار الطيبة دين ودنيا، لان الولد في مراحله الاولى يكون كالصفحة البيضاء قابلة لكل نقش، فإذا تربى في اول حياته على الخير والفضيلة عاش كل عمره عليه، وفرح به اهله ومجتمعه، وبالعكس، اذا اهمل وتربى على الرذيلة، كان اذية لأهله ومجتمعه، ومجلبة للتعاسة.

ان المسؤولية الاولى في تربية الولد هما الوالدين لأنهما السبب في مجيئه الى هذا العالم بعد ارادة الله، وعليهما التقيد بكل اوامر الله ونواهيه، والعمل على العناية به صحيا وغذائيا من المال الحلال، وحب الله الخالق جل وعلا وانبياه، وتعويد لسانه على ذكر الله بداية، وحمده على نعمائه نهاية، وشكر رسله واصحابهم سلام الله عليهم الواسطة لهداية الخلق، وتعريفهم المنعم جل وعلا، وعلى الاهل ان يعرفوا ان الاولاد امانة في اعناقهم، وانهم يوم القيامة مطالبون على تقصيرهم في تربية ابناءهم، وانهم شركاء في كل ما اقترفه الابناء من السيئات، التي هي ثمرة ذلك التقصير، وان الله اراد بحكمته استمرار الحياة على الكون الكائن  بالتناسل، كل عن طريقته، والجمادات بتغيير المناخ ودوران الافلاك، ولكن غاية الله من هذا الكون البديع الفريد المحكم الاتقان والصنعة، والدال على عظمة الله الصانع القادر، هو العنصر البشري، من اجل طاعته تعالى وعبادته وتوحيده، وقد خصه  الله بأجل وأجمل صورة من بين الكائنات، وخصه بالروح والعقل والتدبر، وهيئه للعلوم وتعلم الصنائع دون سائر المخلوقات، والتي من حكمة الله القادر الخبير جعلها مجبولة بالفطرة منذ الولادة لا تحتاج الى تعليم كالانسان، ولكون الانسان مراد الله من هذا الخلق الكوني، جعل له سنن وقوانين ومتاعا وارزاقا، وجعل له مادة وعلوما ومعلمين، واهل يرعونه الى سن الرشد،  لذلك الحجر الاساس للكائن البشري هو سنينه الاوائل، اذا استوفت الشروط تغذية جسدية وروحية كان التوفيق حليف الانسان، فهناك رعاية للذكر والانثى من الوالدين، وعلى الام اكثر، لان الولد دائما يكون ملازما اكثر اوقاته لامه، وعلى الام ان تزرع في قلب الولد هيبة الاب، فيخاف ان يعصي اباه، وهذه يثمر عند بلوغ الولد مخافة الله، والخوف من عصيانه، وهذا يكون له رادع عند الكبر، وصقل لشخصيته، واخذ الحيطة والحذر، حتى يستقيم.

يتبع في العدد القادم

תגובות

מומלצים