ذكرتان في آذار لا تُنسيان في تاريخ الطائفة والامة

القائد سلطان باشا الاطرش, لم ينحنى مرة أمام الذل والاستسلام ولم تدمع عينه إلا مرة واحدة، وهو الذي قاد المعارك الطاحنة ورأى الشهداء من رجاله يسقطون بين يديه ، وبقي رابط الجأش

30.03.2017 מאת: פורטל הכרמל והצפון
ذكرتان في آذار لا تُنسيان في تاريخ الطائفة والامة

كما قال رفيقه المجاهد "شكيب وهّاب" وذلك عند وجودهم مع سلطان في المنفى، في شرقي الأردن،  بعد إخفاق الثورة السورية عام 1926، نزلت دمعة هذا القائد ليس وجعا ولا حزنا ولا خوفا وإنما حين رأى بعض رجاله في المنفى في النبك شرقي الاردن، حيث عاش مع رفاقه في واد مقفر يتقاسمون رغيفا واحدا من الخبز ليبقوا على قيد الحياة ويموتون في ساحة الجهاد دفاعا عن دينهم وعرضهم ووطنهم،

 ثم نعود إلى قصة أدهم خنجر والذي كان القادح الذي انطلقت منه شرارة الانتفاضة ضد المستعمر الذي طفح ظلمه وزاد عتوه على من أبت نفوسهم الظلم والضيم وذلك بوجود بعض المتعاونين العملاء الذين غرّهم زغل دراهم وجاه المحتل، فكانت أشبه بمقتل ولي عهد النمسا عام 1914  السبب المباشر لنشوب الحرب العالمية الأولى بعد أسباب كثيرة وكما يقال : كانت كالقشة التي زادت على كومة القش التي يحملها الجمل حتى كسرت ظهره"،

 فعندما قصد أدهم خنجر في 27/7/1922  بيت سلطان في القرية طالبا الحماية منه من وجه الفرنسيين الذين لاحقوه ليحكموا عليه بالإعدام لإطلاقه النار على الجنرال غورو وهو في طريقه إلى الجولان لزيارة محمود الفاعور أمير عشيرة الفضل، فلم يجد سلطان حينها في البيت مما سهّل للفرنسيين القبض عليه،

ولكن عندما عاد سلطان للبيت استقبلته أمه بالدمع قائلة : " يا ميمتي ، يا سلطان، عشرات ألوف الذبائح التي نحرتها، ونحرها أبوك وجدك من قبل، لإكرام ضيوفنا، وقد جبلت التربة حول البيت بدمائها حتى صارت حمراء، ذهبت هدرا... وانكسر خاطرنا في آخرتي!

فلما علم الخبر مشى خطوات ورجع ثم تلفت يمينا ويسارا فرأى المضافة مظلمة،  ثم رأى نفسه في حوض أسود، وصار يسمع أصواتا بعيدة تطن في أذنيه، سمعها تخرج من القبور، سمع صوت والده ذوقان الذي قتله الأتراك  لدفاعه عن الكرامة المعروفية، ثم سمع أصوات أعمامه وأجداده،  ثم بدأ يسمع صوت العشيرة يزأر، فشعر بالدنيا تدور به  لتنقض عليه، فخارت قواه وضاقت سبله،

ولكن ما لبث حتى وصلت سلطان رسالة من أدهم خنجر من سجنه في قلعة السويداء، يذكره بشهامة بني معروف وال الأطرش، وكيف أنه دخل بيته طالبا الحماية لإيمانه العميق بالطرشان، ويخبره أن حياته أصبحت في قبضة الفرنسيين، وأن فهمه كفاية...،

فازداد قلق سلطان واشتد اضطرابه، ولم يشعر بألم بمثل هذا الألم الذي فجره كلام ضيفه، فقرر أن يرسل إلى الجنرال "غورو" رسالة قال له فيها : " الإتفاق بين فرنسا ودروز الجبل أنكم تحترمون عاداتنا وتقاليدنا، وأدهم خنجر قصدني، والضيف نحميه بدمنا، فلا تسمحوا بجعلي مضغة في أفواه العرب، إذ ليس في البلاد رجل أهين مثل هذه الإهانة...تكرموا علي بإرجاع ضيفي وقيّدوا عنقي بالجميل طول حياتي، وإذا كان العكس لا سمح الله فإني أقول بكل صراحة: إني أنظر الى موتي وإهانة ضيفي كأنهما أمر واحد والعاقبة غير محمودة ... " ،

ولكن هذه الرسالة لم تترجم ترجمة كافية للجنرال "غورو" وأظهروا له عداء سلطان للفرنسيين، مما دفعه لإرسال طائرة من دمشق إلى السويداء مكان اعتقال أدهم خنجر، لنقله إلى بيروت، ثم قتله،

 فلما علم سلطان بالخبر نادى بالزحف على قلعة السويداء، ولكن الكابتين "ترانغا" أرسل ثلاث دبابات تسد الطريق أمام سلطان وقتله إذا لم يمتنع، فلما رأى سلطان تلك الدبابات انقض عليها فأطلق أحد سائقيها الرصاص عليه فأصابه في جبهته، فاستل سلطان سيفه ووثب عن حصانه على الدبابة والتي كان غطاؤها مفتوحا لشدة الحر، فقتل قائدها ومعاونيه، وعمل رفقاؤه عمله في الدبابتين الأخريين،

ومما رواه أحد المرافقين لسلطان إثناء هجومه على الدبابة، أن أحد جنودها استطاع أن يمسك بعنق سلطان، ولكن سلطان انقض على الجندي يعضه بأسنانه في وجهه حتى شرم أنفه وأذنه وخده فتلاشى ووقع صريعا فوق زميليه،

وبذلك في ليلة وضحاها صار سلطان حديث العالم، يقصون رواية بطولته هذه، وصار قومه في الجبل يلقبونه بـ"عنتر بو سنان"

هذا العمل البطولي دب الذعر في قلوب الغزاة ولإعادة الأمن إليهم أرسل الجنرال "غورو" طائراته لتقصف بلدة سلطان والقرى المجاورة، مما دفع بسلطان الرحيل إلى الأزرق شرقي الأردن لينظم عصاباته ويبدأ صراعه مع الفرنسيين الذي انتهى بانتصاره الساحق على الجيش الفرنسي، والذي  وصفه لويد جورج رئيس الوزارة البريطانية بأنه " الجيش الأعظم في العالم "، مما أجبره على الجلاء عن الأراضي السورية والإعلان عن استقلالها،

فسلطان سيبقى مغروزا في فكر كل واحد منا مهما طال الزمان، رحمك الله والى جنات الخلد يا أبا طلال ولتكن ذكراك خالدة كما أبا الهول .

سلطان باشا الاطرش

תגובות

מומלצים