جذور عائلة الحلبي تعود الى فخر الدين المعني
بحث عميق للدكتور فواد ابو زكي يكشف أن جذور عائلة الحلبي في اسرائيل وعائلة الاطرش في سوريا تعود الى الامير فخر الدين المعني الثاني الكبير.
من خلال البحث المتواصل عن سلالات العائلات الدرزيه لفت نظري الى كتاب جديد للدكتور فواد ابو زكي, يفرض واقعا جديدا على ما ذكر سابقا.
ويذكر المؤلف أن الأمير فخر الدين المعني الثاني قد أعدم من قبل السلطان عام 1633 هو واولاده. أما ابنه حسين فقد ظل على قيد الحياة.
وكان الأمير حسين قد ولد عام 1620 ابنا للاميرة علوة ابنة الأمير علي بن سيفا. وعندما اعتقل والده واخوته أبقوا على حياته لأنه كان صغيرا ثم نقل للسراية الكبيرة التي بها السلطان وأخذ يترقى بالرتب السلطانية حتى صار كتخدا( موظف كبير) الخزينة السلطانية وعرضت عليه الوزارة فرفضها.
وقد أرسله السلطان محمد خان سفيرا للإمبراطورية العثمانية لدى سلطان الهند، فأبحر من القسطنطسنية إلى صيدا ومر على الشوف وتوقف فترة ثم أمتلك الطريق إلى الهند وهناك وصل بعد وفاة السلطان شاه جهان ووجد صراعا بين أبنائه فأسرع بالعودة إلى القسطنطينية.
وهناك لم تكن له علاقة ودية مع الصدر الأعظم محمد كوبرلي فمال إلى العزلة وانصرف إلى حياة الزهد والمطالعة والتأليف وقام بتأليف كتابه النفيس " التمييز" وتوفي حسب إحدى الروايات عام 1690 وجاء في رواية أخرى أنه توفي عام 1697 وهذا الإختلاف في التاريخ مهم بالنسبة للرواية التي تتحدث عن موضوع عائلة الأطرش.
والجديد الذي يرويه الدكتور أبو زكي هو أنه اكتشف أن الأمير حسين عاش فترة في قرية ريمة اللحف من إقليم البلان في سوريا وتزوج فيها وأنجب أولادا.
وقد التقى المؤلف بالشيخ أبو زياد محمود فخر الدين معن من مواطني قرية الريمة ومن آل معن فحدثه عن آبائه وأجداده قائلا إن الأمير حسين عاد سرا إلى الريمة بعد قتل والده في وقت لا يمكن تحديده فعمل له أهله كوخا في أسفل الوادي بين صخرين كبيرين ما زالت جدرانه قائمة مبنية من احجار كبيرة يعرف بكوخ المير حسين وبالقرب منه حقل مغروس بأشجار الزيتون يدعى حقل المير حسين عمل فيه أيام تخفيه من عيون الدولة وعملائها.
ويذكر الشيخ أن الأمير حسين تزوج من إحدى نساء آل معن ورزق منها ذكورا وإناثا وأن فرع آل فخر الدين الموجودين في الريمة اليوم هم من أحفاد أحفادهم. وجاء كذلك أن الأمير حسين سعى إلى بناء بيت لعائلته في القرية بعد اطمئنانه لعدم ملاحقته ولعدم معرفة الجهات المختصة بحقيقته وغير اسمه واسم عائلته وأتم بناء المنزل وسكنه مع زوجته وأولاده وتوارثه أبناؤه وأحفاده، وقد حرق الفرنسيون البيت أثناء الثورة وتم ترميمه ويسكنه اليوم أحد أبناء معن. وقد عاش أبناء الأمير حسين في ريمة لكنهم طوردوا من قبل الولاة العثمانيين فالتجأ بعضهم إلى قرية بقعسم وسكنوا فيها.
يقول المؤلف إنه لا توجد بحوزته وثائق خطية تعين الوقت الذي تمركز فيه فرع المعنيين في بقعسم الذين دعوا بآل عبد الغفار بن محمد بن سليمان بن معن, وقد حصل المؤلف على شهادات تاريخية تثبت أن عبد الغفار بن معن سكن بقعسم هو وأخوه نجم.
وكما ذكر في مصادر اخرى: عبد الغفار هو من سلالة الشيخ علي العكس وعبد الغفار ولد نعمة ونعمة ولد علم الدين وسيف الدين وعز الدين , ثم تفرق الأخوة الثلاثة على أثر مظالم الأمير بشير الثاني الشهابي , فعلم الدين انتقل إلى بقعسم من اقليم البلان مع أخيه سيف الدين واخوهما عز الدين توجه مع والده نعمة إلى قرية جرمق[يت جن] في فلسطين.
فعز الدين ولد محمد (كان شيخ دين ومدفون في (عيبه) لبنان قرب مقام الأمير السيد التنوخي) وحسن ويوسف وعلاء الدين وسلالتهم الآن عائلة كبيرة وهي عائلات الحلبية التي تتزعمها, تقطن في قرى متفرقة في الجبل منها (لاهثة) وبعض القرى وادي اللوى والثعلة وقد برز منهم شخصيات كان لها وزن كبير بأوضاع البلاد واشتهر منهم في النصف الأول للقرن العشرين محمد باشا عز الدين.
اما أحمد فنزح وهو بسن العشر سنوات مع شقيقاته وأصهاره هاربين من حلب لاضطهاد وقع عليهم في قريتهم (قلب لوزة) من الجبل الأعلى وسكنوا في بريكة ثم شقرا وبعدها انتقل ولده حمد إلى قيراطه ثم الزبابير في اللجاه وأخيراً انتقل إلى الثعلة مع أقربائه وباسمه عرفت أسرته .ومنهم من انتقل بعد ذلك الى مناطق لبنان وفلسطين.
أما ياسين فنزح من قرية عبريسا في الجبل الأعلى من أعمال حلب وهي من نسل آل قصاب التي ما تزال في موطنها القديم , وقد قطن المجيدل ثم الهيات ثم قيراطة في اللجاة ومنها نزح أحفاده وابناء عمهم وسكنوا الثعلة وللحلبية فروع كثيرة في عدد من قرى الجبل: عرمان , ملح , المجيمر , السويداء وغيرها بالإضافة إلى عدد من قرى اللوى.
فعلم الدين ولد اسماعيل وسليمان وزيدان وحامد , وهم سلالة عائلة الاطرش في جبل حوران
وفي عهد بشير الشهابي وكان بشير عائدا من دمشق فمر بقرية بقعسم وحل ضيفا على الأمير اسماعيل بن علم الدين بن عبد الغفار بن سليمان بن معن فاستقبله وأحسن ضيافته فسأل عنه وقيل له إنه أمير معني. وقد لاحظ الأمير اسماعيل أن بشيرا ينوي له الشر، فقرر النزوح إلى جبل حوران.وقد مرض الأمير اسماعيل أثناء الهجرة فتوفي ودفن في الطريق وتسلم المسؤولية مكانه ابنه محمد. وفي الطريق هوجم أبناء معن من قبل إبن صمير بإيعاز من بشير الشهابي وقتل منهم كثيرون.
واستطاع محمد ومعه البعض أن ينجوا فنزلوا في البداية في قرية نمرة الحيص وقضوا فيها ثلاث سنوات ورحلوا منها إلى حبران وسكنوها. توفي الأمير محمد وتلاه الأمير اسماعيل واستطاع بحكمته وتواضعه وشجاعته أن يكسب تأييد الناس وانتقل من حبران إلى بلدة القرية وسكن فيها. قوي اسماعيل وأخذ ينافس آل حمدان حتى استقرت الزعامة في الجبل في بيته.
ويذكر الأستاذ سعيد الصغير في كتابه "بنو معروف في التاريخ" في حديثه عن آل الأطرش أن الأستاذ عبدالله الأطرش ينوه أن آل الأطرش ينتسبون إلى الأمير سليمان المعني وأن عبد الغفار سكن قرية بقعسم. وهذا مصدر آخر يثبت صحة نظرية الأستاذ فؤاد أبو زكي.
حاول فؤاد ابو زكي في هذا الكتاب، التأكيد على أنّ نسل المعنيين لم ينقطع بغياب شمس الامارة المعنية مع الأمير أحمد معن من جهة، ومن جهة أخرى نسب آل الأطرش إلى المعنيين.
ويحاول ربط البطولة المعنية في التاريخ الحديث ببطولة أخرى في التاريخ المعاصر، وكأن هناك خيطاً واحداً يربط بينهما هو خيط النسب وخيط »الجينة« العربية الواحدة.
منذ مطلع الكتاب يبدو ظاهراً أن الكاتب يبحث عن الأصل العربي للمعنيين والى أن يبين أن ذريّة آل معن لم تنقطع وكذلك ذريّة التنوخيين، وبأن أحفادهم موجودون في لبنان وسوريا، وبأن من انقطع كان الفرع الحاكم وبقي التناسل في الفروع الأخرى.
يروي فؤاد أبو زكي تاريخ المعنيين معرّفاً بنسبهم ثم بأمرائهم الأوائل متوقفاً عند الأمير فخر الدين وحيثيات تاريخه ونضاله ومآثره ونتاجه الحضاري العمراني وحروبه ونهايته ثم عودة المعنيين إلى بلدة الريمة، ويتابع رواية تاريخ المعنيين حتى نهاية الامارة مع الأمير أحمد ثمّ ينتقل للتأريخ للإمارة الشهابية من خلفية معادية لأركان هذه الإمارة.
فقد قام الدكتور بجهد كبير في غوض غمار معلومات شائقة متقصيّاً المعلومات في القرى والمكتبات وعلى أرض الواقع في مقابلات ومراسلة مما جعله يصرف وقتاً كبيراً لاستقصاء حقائق طواها الزمن انطلاقاً من عاطفة مشبوبة تشدّه إلى تاريخ أبطال، لم يكونوا يوماً حكراً على جماعته بل لكلّ اللبنانين والسوريين.
أمّا على صعيد التأريخ للإمارة المعنية ثمّ لآل الأطرش فأعتقد أنّ فؤاد أبو زكي قد أبحر كما يجب في غياهب المصادر والمراجع المنشورة باللغة العربية أو المترجمة إليها، بحيث قدّم بحثاً ثرياً بمعلوماته, وأغنى البحث بمناقشات كثيرة وباستنتاجات مهمّة، يشكّل مساهمة مثمرة في دفع البحث التاريخي أشواطاً إلى الأمام في عملية غربلة لمعلومات، وإثراء بمعلومات، عسى أن تسهم في توضيح صورة التاريخ في هذه البقعة من العالم.
















