إطلالة مشكلتي مع الضمير الغائب
إطلالة مشكلتي مع الضمير الغائب
عندما كنت تلميذا صغيرا في المستوى التعليمي الابتدائي ، و ما تلاه من الأقسام المدرسية ، كان يجذبني الدرس المتعلق بالضمائر، نظرا لاختلاف كل ضمير عن الضمير الآخر و أهمية كل ضمير حسب تموقعه و محله من الإعراب، و لكن مع ذلك فقد كنت لا أطيق الضمير الغائب، و كان بالنسبة لي ضميرا غامضا و مبهما و متلونا و لا يؤتمن له في عملية الإعراب ، و لا في تموقعه داخل الجملة.
هذا ، و ما زلت حاليا أشعر بكثير من الحيطة و الحذر من هذا الضمير الغائب الذي يحمل معه دائما طلائع الخطر و المكيدة و الشؤم و الانتهازية و الأنانية.
نعم ، كل هذا الشعور ينتابني كلما صادفت هذا الضمير ، و أنادي حينها على الضمير الظاهر ، الذي يبدو أنه غير مبطن للشر ، و أنه واضح في تموضعه و في علاقته مع باقي مكونات الجملة التي يتموقع فيها.
إن الضمير الغائب هو عدو كبير للضمير الظاهر ، و هو يعمل ما بوسعه للتأثير عليه و جعله غائبا بدوره .
و يرجع سبب هذا العداء إلى كون الضمير الغائب يخشى باستمرار من أن يتقوى الضمير الظاهر و يكتسح جميع الجمل فيجعلها واضحة و سهلة و غير معقدة ، و في هذه الحالة لن يجد الضمير الغائب من يجاوره أو يصاحبه أو يمشي في مساره أو يتأثر به.
إن الضمير الظاهر، نظرا لوضوحه و تجرده ، يتمنى أن يتضامن كل الضمائر الظاهرة لمواجهة الضمائر الغائبة و جعلها منعزلة في أفق إجبارها على أن تختفي نهائيا و تصبح لا محل لها من الإعراب.
آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108


















